لأن مارد الحيرة تحول إلى بالون داخلي يضايق ذاتي ويضيّق عليها, لأن ذاتي أصبحت محاصرة و محشورة مع هذا البالون داخل كياني. لأن الأمر تطور إلى أن أشعر بكتلة حيرة في حنجرتي فأشرب الماء حتى تتلاشى ,حتى يتحرر صوت أفكاري من نغمتها التي لا تدعوني إلى خير. الحيرة ما عادت كدوامة تفقدني اتجاهي مع كل ثورة بل انتقلت واستقرت في عقلي! لا يمكنني أن أتخلص منها الآن مادامت هناك في الأعلى حيث أقرر وأفكر وأوجّه ذاتي وأتصرف. لذا أنا بحاجة لطريقة تعامل جديدة معها مادام أنها تنوي الاستقرار معي لمدة أطول مما سأحتمل.
خاطر يقول لي بأن عليّ أن أتصالح معها أو بالأحرى مع عقلي حيث توجد الآن. ولأن عملية التصالح هذه ليست سهلة ولأني لست ماهرة في ذلك سأحاول, فكرت بأن أشغل ذاتي 100% وأن لا أترك للحيرة أي مساحة من عقلي. هذا لا يبدو تصالح! حسناً, ربما هو تعايش وأنا متأكدة بأنها سترد الصاع صاعين لذا هذه الطريقة لن تكفي وحدها. إضافة إلى أن عملية إشغال الذات 100% قد لا تنجح لسبب أو لآخر.
خاطر جديد يخبرني بأنه ربما علي أن أتعامل مع رحلة البحث كرحلة اكتشاف لأشياء غالباً لن تروق لي لكن مجرد معرفتي لما لا يروق لي, هذا يعني أن تتقلص مساحة البحث ربما إلى مساحة أقل فأقل. لن أكون طماعة بأن أطلب من ذاتي الاستمتاع برحلة الاكتشاف هذه, لكن يكفي حالياً أن أعمل عليها دون تذمر أو اكتئاب!
أتقبل وجودك أيتها الحيرة في داخلي, أعرف تماماً محاولاتك المستميتة لتحويل حياتي/تفكيري إلى جحيم نفسي حين تملئين عقلي بـ loop لا نهائي لسؤال لا أعرف إجابته ولا يمكنني أن أعرف مادام أني لا أسمع سوى صوت عقلي وهو يطرح السؤال عليّ بشكل متواصل, وكلما قطع التيار المتواصل لصوته شيء خارجي أعادني من جديد بـ " طيب نعود للسؤال .. ما هو الأنسب؟ !" .. مع ذلك, أتقبل وجودك ومحاولاتك وأعتقد أنك اختبار جديد لي فيما إذا كنت سأنجح في التعامل مع نفسي والحيرة و تبعاتها أو لا.