ولتكن هذه آخر كلمات أصفّها من أجلك .. 

بعد خمسة وثلاثين يومًا في صلاة تراويح ليلة الثاني عشر من رمضان قررت أن أكتب لك ما يُثقل صدري من حروف، قررت أن تكون تلك رسالة الوداع التي يجب أن تُرسل لينتهي بعدها كل الكلام وكل الشعور وكل الانتظار، تشوقت قليلًا لذلك الموشح الطويل الذي سيصل إليك، بدأت الكلمات تصطف في مخيلتي مُنتظرة أن تكتبها يدي، كنت سآتي إليك في تلك اللحظة، كنت على عتبة محادثتك مرتبكة خائفة من هذه الخطوة التي سأخطوها بعدما تجرأت لها، كنت سآتيك بلُطف حروفي، كنت أتمتم بأن النهايات أخلاق فليكن بيننا المودة والسلام .. كنت وكنت وكنت ..

إشارة واحدة فقط، تنبيه واحد من الله أتاني فجأة، بين دقيقة ولحظة، أراني الله حقيقتك، الله جعلني أقف عند حروفي وأبتلعها وأحفظ كرامة نفسي ومشاعري وأُلملم ما تبقى مني وأبتعد عنك وعن محادثتك، لطالما كررت يارب وجهني للطريق الصحيح وجّه قلبي لما فيه خير وصلاح له .. رأيت خيانتك، ياااااه كم آلمني قلبي حينها، لم أبكي ولم تسقط دمعةً واحدة من عيني بل أصبحت أُقهقه بأعلى صوتي وكأني قرأت نكتة، بقيت مبتسمة هكذا وكأني أرى شيئًا جميلًا ! خفت كثيرًا، كثيرًا، خفت أن أُصاب بالجنون، الشخص الذي أقسم على حبه لي، الذي أقسم بوعده لي أنه لا يكذب ولا يخون، أصبح كاذبًا وخائنًا، غدر بي وطعنني في ظهري، ببساطة! بكل برود! وكأنه يفعل شيئًا صحيحًا! 

أعددت رحالي لربي: توضأت وأسدلت سجادتي على الأرض ولبست شرشف الصلاة، ولأول مرة منذ ثلاثة وعشرون عامًا أصلّي لله صلاة المظلوم المغدور الضعيف المكسور، صليت لله وأنا غارقة في دموعي، أطلت السجود أشكي لله من وجع قلبي، أخبرت الله بما فعلت بي رغم معرفته به، قلت: يارب كذب علي يارب خانني يارب غدر بي يارب أوجعني يارب كسرني يارب انتقم لي منه انتقام عزيزٍ مُقتدر يارب انت حسبي ونعم الوكيل، يارب ابكيه قهرًا وظلمًا، يارب اجعل حرارة دموعه تجرّح وجنتيه، يارب صبّ في قلبه الألم كما صبّه في قلبي، اللهم يا الله يا ناصر المظلومين انصرني عليه في القريب العاجل، في الدنيا قبل الآخرة، اللهم قلبي اللهم وجعي اللهم حقي اقتصّه منه عاجلًا يا الله، ثم انتهيت ولسان حالي يُردد حسبي الله ونعم الوكيل ..

ستأتي بك الدنيا تطلب العفو ولن أعفو والله والله لو كان ذنبك هذا هو الحاجز بينك وبين الجنة والله لن أغفر، لم أستحق كل هذا، لم أخسرك أنت من خسر، أغلقت الباب وأقفلته ولن يُفتح، كان هناك بصيص أمل وأنت أحرقته، كنت أقول ربما ! أما الآن فأقول لا عفى الله عنك ولا غفر لك وأذاقك من المرّ الذي أذقتني إياه .