قررت كتابة مراجعات مختصرة ونبذة مبسطة عن قراءاتي ومشاهداتي (أفلام ووثائقيات) بشكل شهري، على عكس العام الماضي قررت أن تكون قراءاتي أكثر عمق، أو أقرب لدراسة مواضيع معينة، حيث أشبعت نهمي للقراءة في كل شيء وأي شيء في 2015، بينما أود هذا العام أن أركز في اختياراتي وأدقق أكثر. أما بالنسبة للأفلام فعلى الرغم من شغفي بها فلم أكن أجد الوقت الكافي لمشاهدة ما يعجبني منها، لكن قررت أن أخصص أخيراً وقت أسبوعي لمشاهدة شيء منها. تراكمت لدي قائمة مطولة من الأفلام سأقوم بتقليصها للأهم فالأقل أهمية وتدريجياً سأكتب عن الجميل منها أو الذي أعتقد بأنه مهم ويجب مشاهدته.
أفلام:
Jodorowsky's Dune
من مجموعة الأفلام التي تابعتها طوال الشهر يبرز وثائقي Jodorowsky's Dune ؛ الوثائقي يغوص في عالم خودوروسكي السريالي، حيث يبهت الحد بين الواقع والخيال، يتكلم الفيلم عن أهم مشاريع المخرج الشيلي المجنون خودوروسكي (أقول ذلك كإطراء كبير له) وهو فيلم Dune المبني على ملحمة الخيال العلمي الشهيرة Dune للكاتب فرانك هيربرت، العجيب أن الوثائقي يؤرخ رحلة صناعة الفيلم الذي لم ير النور إطلاقاً، ويعتقد البعض أن الفيلم الذي تعطل إنتاجه بسبب صعوبات كثيرة كان من المتوقع أن يكون أكبر ملحمة خيال علمي على الإطلاق، ويظن البعض أنه كان سيتفوق على سلسلة حرب النجوم ذاتها. إلى يومنا هذا يبقى الفيلم مصدر إلهام الكثيرين حيث يعد مرجعاً أساسياّ لكل محبي الخيال العلمي، العجيب في الأمر أن يستلهم صناع الأفلام الإلهام من فيلم لم يشاهدوه...وتبقى النسخة الوحيدة من الفيلم حية في خيال خودوروسكي وحده. تجربتي مع أليخاندرو خودورويسكي بدأت بفيلم The Holy Mountain الفيلم الذي أعجز عن وصفه بكلمات مفهومة لأي شخص، كن حذراً عند الدخول لعالم خودوروسكي الصاخب، حيث أنك على مشارف تجربة يصعب فهمها وتكرارها. ولعجزي عن الوصف أختصر القول بأن أفلامه بشكل عام أقرب إلى "هلوسة بصرية قريبة من ذلك الحلم المزعج الذي ترك في نفسك أثر غريب، على الرغم من أنك تجد صعوبه في تذكر تفاصيله".
جماليات أسلوبه السينيمائي تسبق زمنها بعقود، كل مشهد يوفر لك وليمة بصرية غنية بخيالات وألوان لا مثيل لها، خيال صاخب ومبهم مرعب وجميل في آن واحد...
أدخل لعالمه على مسؤوليتك الخاصة :)
The Bothersome man
الفيلم الثاني من مشاهدات الأسبوع الماضي كان تجربة جديدة لي في السينما النرويجية والتي تتميز بطابع البرود الذي يزعجني ويجذبني في آن. الفيلم بشكل عام يترك في نفسك شعور عارم بالإقتضاب، غريب ومزعج ولكنه ينجح في إثارة فضولك لإكمال المشاهدة، يثير الفيلم بشكل سلس أفكار فلسفية، حول النعيم، ربما أختلف مع رؤية المخرج العامة للنعيم أو الفردوس، ولكن من الواضح جداً بأن للكل تصوراته وربما كل التصورات مقبولة حتى يثبت العكس.
لو كان للفيلم لون، لكان اللون هو الرمادي، وهو اللون المسيطر تقريباً على الجو العام للفيلم، ربما كان أكثر ما أثار إعجابي في الفيلم هو نجاح المخرج في ترجمة شعور الاختناق الذي يسيطر على بطل القصة "أندرياس" بطريقة تمس الجميع، فالشعور بأن هناك خطب ما يخيم على الجو العام وتجد نفسك منزعج ولكنك تكمل المسيرة كحال أغلب البشر المنزعجين من رتابة حياتهم مع الإستمرار في ممارسة عاداتهم اليومية، وكأن شعورنا بالإنزعاج والإقتضاب جزء لا يتجزأ من اليوم. ذلك كان تصور المخرج للنعيم؛ حيث لا يوجد أي معاناه وبالنقيض يغيب أيضاً الشغف الحقيقي.
لطالما كان تصوري للألم كخلفية لوحة غير واضحة أو مفهومة، ولكن دور تلك الخلفية الحقيقي يكمن في إبراز موضوع اللوحة الأساسي ومنح الموضوع التباين اللازم لنفهم الموضوع. وبالتالي أجد طبيعة البشر الغريبة عاجزة عن إدراك السعادة دون وجود معاناة تجعلهم يدركون تباين مشاعرهم وانتقالهم من مرحلة الألم للسعادة معلنين بذلك انتهاء مرحلة المعاناة، أو انتقالهم من مرحلة السعادة إلى الألم ليعرفوا أنهم كانوا سعداء فيما مضى. أنصح بالفيلم للمهتمين بالفلسفة، أما إن كنت تبحث عن فيلم بوتيرة سريعة، ومشاهد مخدرة للمشاعر فلن تجد ذلك في فيلم " الرجل المزعج".
كتب:
الدفتر الكبير:
رافقني في شهر يناير كتاب الدفتر الكبير للمجرية أغوتا كريستوف، وكانت بداية موفقة لقراءات 2016. تدور أحداث الرواية في أجواء الحرب لترصد حياة توأمين تركتهما والدتهما في رعاية جدتهما صعبة المراس في بلدة مجرية صغيرة بحدود سويسرا، ونقرأ في يوميات الطفلين محاولات للتأقلم والعيش في ظل ظروف قاسية جداً. الكتاب جميل جداً ومن السهل أن تجد نفسك تقلب الصفحات بلا ملل إلى النهاية، الكتاب من النوع المضحك المبكي، فلا تخلو يوميات الطفلين من الظرافة أحياناً ومن القسوة كثيراً حيث يصفان أهوال الحرب ببساطة الأطفال. مؤلم جداً أن يعتاد طفل على وصف أهوال الحرب بتلك البساطة والاعتياد، مؤلم لأي شخص أن يعتاد على شيء غير اعتيادي اطلاقاً.
أسلوب الكاتبة سلس وسهل و عميق جداً، وهو نوع من العمق الذي يروقني ، دون أي كلمات فخمة وألفاظ غريبة متذاكية على القاريء..
قواعد العشق الأربعون:
يرافقني حالياً كتاب قواعد العشق الأربعون للتركية إليف شافاق، ولم أنته منه بعد. كتاب دافيء، ورقيق جداً ويختلف عما تصورته لأول وهلة، لم يخيب ظني حتى الآن وربما أعود للكتابة عنه حالما أنتهي منه.
…...
لم ينتهي الشهر بعد ولكني ختمت اختياراتي لشهر يناير لانشغالي؛ مشاهدة وقراءة ممتعة للجميع.