لماذا يتردى الفن؟!
أيديولوجيات الفن وسيكولوجيا الشهرة هل هي مؤطرة بقيم وضعت مسبقا أو بقوانين سنها أحد؟!
كلا بل وإن التكسب والتربح السريع وعلو الفن فوق القوانين التي يتم طبخها في المطبخ السياسي لكي يطعمون سمومها للمساكين الكادحين فقط، فلا تكاد تلمس أيمانهم الرزق بعسر وشدة، حتى تغصبه أيدي السادة المشرعين من شمائلهم عنوة، ولا تجد أكثرهم شاكرين..
الأمر الذي جعل الفن مأوى المشردين والهاربين من سلطات القيم والأخلاق النبيلة، فلجأت طائفة من الناس بمواهب وحيل نفسية علمهم الشيطان إياها للظهور تحت مسمى الفن والطرب والذي كان أصله منذ العصور السحيقة اللهو والمجون..
نعم يا سادة.. لست أبالغكم بتعبيري، وإن شئتم فارجعوا من ورائكم فالتمسوا نورا من صفحات الماضي وقلبوا فيها بحثًا عن أصل الفن..
إنه المجون..
العبث..
الزنا..
إنه الخمر..
وقتال الجاهلية..
وسفك الدماء..
والشعبذة والسحر..
إنه لهو الإنسان منذ الخليقة..
لكنه اليوم أصبح له شأن آخر ، فرموزه نجوم، وشهرة نجومه أضفت عليهم قداسة الأنبياء والزعماء بل أشد..
الأمر الذي جعل (الغلابة) الذين صفتهم السذاجة ينظرون إليه بتقديس، ويتوهمون أن الفن كان منذ بدايته رسالة كرسالة المرسلين، وأنه من لدن إله معبود أنزله بشريعة مثلى، ويضع حكمته فيه..
بل وأبعد من ذلك فإن أهل الفن والمجون جعلوا من أنفسهم مرسلين، ودسوا مبادئ الإلحاد في صورة مسلسلات دينية، وحرفوا الأديان وافتروا الكذب في كل شيء، وأي شيء..
بعثروا كل الأوراق..
وعبثوا بكل النظم..
الفن لطالما كان يد للأنظمة القمعية..
ولطالما كان ثورة..
لا تكاد تفحص وتدقق إلا ويصعب على العقل استيعاب أيديولوجية ثابتة للفن..
وإذ كانت الشهرة هي قرينة الفن، والمترتبة عليه، والتي تمهد له عرشه وتثبت أركانه، فإنه لا يخفى عليك عزيزي القارئ أن سيكولوجية الشهرة تتمثل في اللعب على ما يخافه الناس، ويمنعونه، ويخجلون منه..
راقب الفن منذ بدأ..
غلف الزنا باسم الحب..
نشر المشاهد العابثة الجنسية بحجة الإغراء..
وأخذت الجرعة تزيد شيئًا فشيئًا..
والإجرام..
بحجة عرض الصراع بين الشر والخير، ونتائجه وعواقبه..
والكفر..
باسم حرية الرأي والتعبير، ومكافحة الإرهاب والتطرف..
كل شيء محرم هو السبيل الأمثل للشهرة..
إذا كنت أديبًا ملحدًا تناقش الشرائع وتنتقد المقدسات فابتسم..
أبشرك بشهرة قريبة..
إذا كنت فنانًا منحل من كل القيم والأخلاق الحميدة فابتسم..
أبشرك بشهرة قريبة..
وإن ظهر أحد العلماء ينتقد رسول الفن ويعظه باسم الدين..
أبشر..
فسيتم اعتقاله قريبًا..
والكثير الكثير لو تأملت عزيزي القارئ ستتوصل إلى نتائج مبهرة..
فمتى بدأ الفن مثاليًا له رسالة سماوية؟!
لكي تحكم عليه اليوم بالانحطاط؟!
متى وضع الفن ظالمًا؟!
متى رفع الفن عادلًا؟!
وسيكولوجية الشهرة التي أساسها نبش قبور المحرمات، وإثارة الغرائز الممنوعة، كيف يمكن أن تغير الشهرة سيكولوجيتها لتنصف العلماء الأجلاء والمفكرين المصلحين بحق، والذين ينصفون المبادئ المثلى والقيم السماوية العليا لكي تتساوى كفتي الميزان الأعظم للكون؟
أين قصص المصلحين الحقيقية في الفن دون تزوير؟!
متى وكم ظهرت المرأة في الفن مثالًا للعفة والشرف والحجاب والثقافة والذكاء وحسن التبعل والقيادة؟!
متى وكم ظهرت المرأة العفيفة الدينة في الفن مثالًا وقدوة لكل الفتيات؟
متى وكم ظهر الفنان النبيل العابد العالم المتمسك بشريعة إلهية قدوة للشباب يقلدونه ويفعلون مثله؟!
الفن لم يكن أبدًا عرشًا عادلًا لكي ينصف نفسه إذا وقع بأصحابه؟!
وهو حتمًا سيؤول إلى هجران وفناء كأي شيء في الدنيا؟!
ولا عزاء للشهرة فكما يلمع نجمها ويبرق فسرعان ما يصدأ وينطفئ..