من يبحث عن الفساد الأرقام خير دليل .
رحيم الخالدي
كان هنالك صاحب دكان في بداية سبعينات القرن الماضي اتذكره جيداً، (حجي عبود) يبيع لكل سكان المنطقة، وكان وكيل لشركة المبيعات الحكومية (الغذائية)، ولديه سجل كبير يحوي أربعمائة ورقة من الحجم الكبير لكل من يشتري منه، على أن يسدد المشترين كل رأس شهر .
"حجي عبود" ينتهج سياسة أحسدهُ عليها آنذاك، بأنه يمتلك سجلين في أن واحد، وكل من يتأخر في السداد لا يعطيه أي شيء إلا في حالة سداد المترتب عليه، ويتم وضعه في سجل غير الملتزمين بالسداد، وإن لم يسدد نهائياً لا يمكن أن يتسوق مرة أخرى،
من أبجديات الحفاظ على المال هو التسجيل، وهذا تم ذكره في القرآن الكريم، ويحفظ الحقوق لكلا الطرفين البائع والمشتري على حد سواء، وهنا أريد أن أتكلم عن وزارة النقل بكل ما تحويه الوزارة، لان أجزائها كثيرة ولا يمكن حصرها بورقة واحدة، ولا يمكن اختزالها، حيث كانت الوزارة مع الوارد الذي لم يكن موجود أصلاً تأخذ من الحكومة ميزانية، بيد أنها من المفروض وزارة إنتاجية موردة للأموال، وليست العكس كما كان في السابق، حيث اليوم سلكت مسارا مغايرا لما كان معمول به بالأمس في الحكومات السابقة، وبفعل العقلية تحولت قسم من مفاصلها من الخسارة الى شركات رابحة بفضل الإستثمار، الذي يعمل بالفائدة من جهتين، الأولى: أحد هذه الشركات شركة تعمل من دون تدخل الوزارة سوى الرقابة، وتحمل هذه السيارات أرقام الوزارة وهي بالأصل إستثمار، وتعطي أموال من الناتج بنسبة واحد وثلاثون بالمائة من الناتج العام، وهذه الشركة وحسب ما موقع بالعقد، فإن عائديتها بعد الفترة المتفق عليها ستكون من حصة الوزارة تنتقل تلقائيا، ولا يعد لوجود المستثمر فيها أي ذكر .
باقي الشركات تعمل وإن اختلفت لكنها بنفس الأيديولوجية، التي دأب الزبيدي على السير وفق المخطط الذي نال موافقة رئاسة الوزراء، وهي بالتأكيد رابحة من كل جوانبها، فهي تشغل أيدي عاملة أولا، وتعمل بالنيابة عن الوزارة، وترفع الكاهل عن الدولة، لان رواتب هؤلاء على الشركة .
الأرقام التي تحققت بفضل الإدارة الجيدة الملمة بكيفية إدارة الملف، التي تسعى لبناء وزارة بدأت من الصفر، لابد لها أن تلاقي صعوبات في باديء الأمر، ورفد ميزانية الدولة بمئتي واثنى عشر مليار ليس بالرقم الهين، والأمر الآخر من الذين تعاقبوا على إستلام زمام الوزارة سابقا ولم يعملوا شيئا يذكر،
وزارة النقل اليوم ترفد ميزانية الدولة بأموال كانت بالأمس تأخذ أضعافها من الميزانية، وهذا بالطبع يقود الى التسائل بعدة أسئلة منها: من كان المستفيد من تعطيل المشاريع التي تجلب الأموال، وترفع عن كاهل الحكومة الإستقراض بدل الربح ؟ .