لستُ أدري، قد تصلكَ متأخرة وعليك الحسم..رسالة وفاء هذه، أم كلمات صامتة على الورق. وضعنا القدر على مفترق من آلام الوطن، الصداقة، الحب، الحياة والموت. نحن الذين نناضل، نقع ونقف معاً على أبعد من حدود الوطن التي تحرمنا من أحبائنا. حقيقة معاناتنا هذه، تتراكم في أعماقنا مثل أكوام رصاصات طائشة، كانت قد أحدثت صوتاً مرعباً فور إطلاقها وأحدثت ثقوباً غائرة في القلب والذاكرة. نحن الذين ندافع عن كرامتنا وحريتنا، نحن من نموت بصمت. كلانا ننحدر من شعب لا يبكي، قادر على مداواة جراحه ومتفوق بإيمانه على الخضوع والاستسلام. نحن نبكي فقط عندما تجتاحنا نوبة اشتياق جنونية، لأشواق تمنعنا من العودة، من الاقتراب ومن العناق.لكن رغم كل الصعاب التي تواكبنا، ما زلتُ أرى الضوء في آخر النفق، وأعرف أنك لن تستطيع لقائي في آخره، وإنما أجزم أننا وُجدنا بروحينا معاً، لنتبادل ما في قلبينا من أحاسيس صادقة غير آبهين بما رسمه المنفى من حواجز بيننا. في هذه الأثناء وأنا أخط إليك كلماتي، قد تحترق المُدن ويسقط الشهداء، تُذرف الدموع وتتألم الثكالى، تنتهي نصف الحياة ويُدفن الموتى. أيضاً، في هذا الوقت وفي الجهة الأخرى من هذا العالم، يغني الصغار بفرح، يتقابل العشاق بلهفة، تولد ابتسامات جديدة ولا تتوقف عقارب الساعة عن الدوران. ولأن الجميع قد يتخلى عنّا في الشدائد، سأبقى معكَ أناضل حتى الرمق الأخير، وقبل أن أبعث برسالتي إليكَ حيث لا يوجد لدي عنوان سوى عينيك.ها أنا.. أفتح جرحي الذي أتقاسمه معك وأختمها بوعد مخلص يشبهك..



Ghada Makhoul© COPYRIGHT