وصل كما وصف له المتحدث إلى مدخل المكان المنشود، بضع خطوات إلى اليمين ثم تجد درجا يأخذك إلى الدور الأول على يدك اليمين باب بجانبه مبخرة دون أن تطرق الباب ادخل وضع حذائك عند المدخل فلسنا من اؤلئك الذين يدخلون بأحذيتهم إلى المنزل حتى ولو كانت الأرضية رخاماً
دفع الباب بيده الشمال فإذا بشاب قصير القامة اصلع الرأس جميل الابتسامة يقف عند مفرق المداخل، أخذ بيده و مضى إلى صالة الجلوس، وقف الضيف شاخصا أمام منظر غريب، هناك طبقة غريبة في الهواء تفصل الثلث الأخير من ارتفاع الغرفة تتضح مع إنارة السقف وكأنها خيوط العنكبوت او سطح خارجي لفقاعة ضخمة تحتوي المكان، استغرب المضيف لشخوص الضيف وسأله: مابك؟! أجاب الضيف الا ترى هذه الطبقة الفاصلة، نظر المضيف إلى السقف وأجاب :لا!. هنا أيقن الضيف ان هناك مشكلة ما إما في عقله او عقل المضيف او أن الطول و القصر يؤثران في الرؤية على صعيد اخر،
الضيف : دعك مما ترى وادخل. تحرك الضيف إلى الأمام وتحرك جزء من الطبقة إلى الأعلى، فأدرك انها تتسع باتساع حجم مكونات الغرفة او بحركة الهواء فنفخ في الهواء عاليا وعندها أدرك ان هذا دخان المبخرة.
تفضل بالجلوس تكلم المضيف مع شكه في أهلية عقل الضيف بعد نفخه في الهواء.
وبعد جلسة مد و جزر بين الضيف و المضيف قفز سؤال غريب من المضيف: ولماذا احب أن يموت في هذه الارض؟
الضيف مجيبا: أنني لا اظن انه احب الموت فعلا، و لكنه احب الحياة فيها، فهي مسقط رأسه و مدخل قلبه وطريقه إلى أرض الله فكيف لأرض ان تجتمع فيها هذه الصفات دفعة واحدة الا تُحب، واظنه لم يحب ان تُختم حياته فيها وإنما أراد أن يكون منتهاه في أرض الله وهذا من وجهة نظري له بعد اخر في تبرير قدرته على قياس مدى الوصول إلى ما أراد الله له ان يكون.
المضيف:وهل تجتمع الجغرافية و الفكر؟
قد يكون ذلك من كمال المقام، خذ مثلا على ذلك فموسى لم يبشر بنبوته الا في مكان مقدس قال ربي جل في علاه (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) طه ، واكتمال الدين جاء في مكان مقدس وزمان مقدس فأجتمع الزمان و المكان و الفكر. قال سبحانه ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا(٣) المائدة
وانظر إلى فكر النفوس بعد المرور بزمان مقدس مع حياة قلب فكيف لقلب حي في زمان مقدس وأرض مقدسة أن يكون.