رِيَاح التَّغَيُّرُ فِي لِيبِيا . . كَيْف ستتعامل مَعَهَا دُوَلٌ الْجِوَار ؟


نتابع في كثير من الأحيان أبعاد ومجريات الأمور في بلدنا ليبيا، أبعاد ذات الإقليمية وأخرى ذات المجريات الداخلية في الحصول على شرعية الدولة الليبية والتخلص من مركزية السلطة السيادية التي كانت ليبيا عليها قبل الثورة  الليبية.


 واليوم في فترة التغير بتغير حكومة الوفاق الوطني في اتفاق وقعه المشاركون في الحوار السياسي الليبي في يوم  11 يوليو عام 2015 على تشكيل الحكومة ذاتها، واعتبار مجلس النواب طبرق الهيئة التشريعية وتأسيس مجلس أعلى للدولة واستبدالها بحكومة الوحدة الوطنية، التي تشكلت اثر ملتقى الحوار السياسي الليبي بمدينة جنيف بتاريخ 5 فبراير 2021 ومنح مجلس النواب الليبي الثقة للحكومة بتصويت 132 نائبا بنعم.


ولقد تعدد وتعقد سيناريوهات المشهد السياسي والعسكري الليبي في الماضي بغموض مستقبل الدولة الليبية، واليوم تهب علينا رياح التغير في ليبيا بوجود المؤسسات الليبية الجديدة، المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية المنبثقتان من ملتقى الحوار السياسي الليبي والمعتمدتان من مجلس النواب الليبي  للمرحلة المؤقتة حتى الانتخابات التشريعية والرئاسية نهائية العام الجاري,


ولكن تعقد سيناريوهات المشهد السياسي لزال يناشدنا الوضوح في عنوان المصالحة الوطنية واتفاقا شاملا ينهي حالة  المرحلة الانتقالية التي أسندت مهامها إلى حكومة الوحدة الوطنية مما شكلت فيها مؤسسه يطلق عليها "المفوضية العليا للمصالحة الليبية " ترمي إلى وحدة مكونات الشعب الليبي بعد ثورة السابع عشر من فبراير المجيدة,


وفي نظرنا الخاص أن حكومة الوحدة الوطنية قد تشابك معها مهامها ولم تضع حتى الآن الوليات العمل السياسي بخلطتها بالعمل الاقتصادي والشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، وإعادة جز من المجتمع الليبي المهجر في الخارج إلى صواب المجتمع الليبي المتكامل في حقيقة الدولة الليبية المعاصرة,


والمتتبع بعمق لتلك الأحداث المتواصلة في الشأن السياسي الليبي سيتوصل إلى استنتاجات متغيرة من جهة الحدث الجديد في المفوضية العليا للمصالحة الوطنية، بعد ما أنهت ليبيا فصلها الأخير من فصول العهد القديم، النظام السابق نظام الجماهيرية والسلطة الشعبية ودخول ليبيا إلى عهد الدساتير والقوانين التي تسمح لمن كان الأكثر جرمانا من ممارسة الساسة الليبية,


ونسخ هذا الاستنتاج من الواقع الليبي الذي نعيش فيه والمتداول في أوساط دول العالم الذي يحيط بالدولة الليبية العصرية، رغم من إن المشوار لزال طويل ولكن المشوار للوصول إلى نتائج مرضية للجميع قد فعلا بداء من بداية تقبل كل فرد من أفراد المجتمع الليبي,


وبدخول ليبيا المصالحة الوطنية الشاملة وبدن شك تنهي حسابات الماضي وتدخل على عالم جديد من السياسة  على أكتاف أبناء الوطن من الداخل وليس من الخارج بعنوان كبير للمصالحة الوطنية الليبية بغلق أبواب الإرهاب والدمار والقتل والتشريد والإقصاء والعزل السياسي,


ولعل تشكيل المفوضية العليا للمصالحة الليبية هي من أهم استحقاقات المرحلة الانتقالية وأولويات حكومة الوحدة الوطنية، والتي ستكون في نظرنا الخاص نجاح الانتخابات الرئاسية والتشريعية أخر العام ، حث تخمد الصراع والقتال والإقصاء والتشريد والتخلص من جميع المليشيات المسلحة والمرتزقة المتواجدون في الديار الليبية,


المرحلة الانتقالية تعتبر مرحلة قصيرة الأجل في سياستها وأحكامها المرحلية لتستكمل الاستحقاقات المناط بقيامها والملزمة عليها في ملتقى الحوار السياسي الليبي، حتى تصبح ليبيا ذات سيادة دستورية تعمل بالقانون الأعلى في البلاد,

  والواقع الليبي اليوم يفرض علينا تقبل الأمور السياسية واتخاذ القرارات الصحيحة بنقلة إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي وصولا إلى الدولة العصرية الليبية الجديدة التي طالما تمنينا جميعا برؤيتها على انجازات الاستحقاقات الوطنية الشاملة.


وإذا أردنا من قيام دولة ديمقراطية دستورية فيجب علينا جميعا إن نتصالح وبالتصالح الوطني الليبي نستطيع بناء تلك الدولة الليبية العصرية فيها سيادة الدولة ووحدة مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية والأمنية والقضاء على التشكيلات العسكرية المسلحة وإخراج المرتزقة من كل بقعة من بقاع البلاد,


بهذا العمل السياسي من المحتمل الكبير ان نحرك عجلة الاقتصاد الوطني التي اليوم أصبحت فيها المؤسسات الوطنية منها مؤسسة النفط والغاز والمصرف ليبيا المركزي شبه موحدة في ضل حكومة الوحدة الوطنية، لتقطع الحريق الطويل المشوار بعد قدوم الحكومات الجديدة المتتالية بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في مستقبل دولة ليبيا العصرية.


الكثير منا لا يصدق هذا المشوار الذي نحن في بدايته ومشاعر متضاربة بين من هو موافق ومن هو ليس موافق على المصالحة الوطنية الشاملة، ولكنن مفهوم الواقعية التي تمر بها ليبيا ونظرة الدولة المجاورة والإقليمية والدولية  للرياح التي تهب على ليبيا، رياح التغير يكون سهلا عليها المراجعة فيما أخفقنا من عمل وطني صحي.


ولا يكون للوصول إلى المصالحة الشاملة إلا عند تقاسم السلطة الليبية على ضوء التعاون والمشاركة في توزيع الدور السياسية عبر الانتخابات السياسية القادمة، وهنا نعرف أهمية المصالحة الوطنية التي تقود إلى السلام العادل والشامل في البلاد وإنهاء الصراعات السياسية عند طريق الإقصاء والإبعاد عن الساحة السياسية الليبية.


ولهذا ولذاك, نرجع ونقول المفوضية العليا للمصالحة الوطنية هي الطريق المفتوح إلى الجميع بالجميع في دولة ديمقراطية دستورية تعمل بالقانون الأعلى في البلاد,  ويزول الخطر على ليبيا وعلى أبناء الوطن الواحد من تشيد دولتهم العصرية


بقلم /  رمزي حليم مفراكس

رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي

مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية