بقلم: ندى وصل الله القثامي. (طالبة ماجستير تخصص سياسات تعليمية)
يشكل التعليم حجر الأساس لبناء المجتمعات، فلا تستطيع أي أمه أن تنهض إلا بالتعليم، وتولي كافة الدول اهتماماً بالتعليم العالي حيث أثبتت التجارب الدولية أن عمليات التنمية لا تتم دون وجود موارد بشرية مؤهلة. وانطلاقاً من الايمان بأن الجامعات ركيزة التطوير والتنمية للمجتمعات فقد أولت وزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بالتعليم العالي وتطويره، وظهر ذلك في عزمها على إجراء إصلاح شامل لنظام التعليم العالي بكل جوانبه، وذلك عن طريق رسم خطة طويلة المدى لمعالجة التحديات التي تواجهه للارتقاء بجوانب القوة فيه وعلاج جوانب الضعف.
وفي سياق الاهتمام بالتعليم العالي وإبراز أهميته ودوره الفاعل في المجتمعات بادرت العديد من المؤتمرات العلمية لمناقشة هذا الموضوع و إبرازه، حيث جاء التأكيد في مؤتمر اليونسكو عن التعليم العالي في القرن الحادي والعشرين على واجب الحكومات ومؤسسات التعليم بهذا الخصوص من حيث البحث عن جودة النوعية في كل شيء في ظل طغيان الكم على الكيف في مؤسسات التعليم العالي.
كما قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ضمن مشروع الخطة الاستراتيجية لها بتشخيص مجموعة من التحديات التي تواجه نظم التعليم العالي في الدول العربية وكان من أبرزها: الجمود والشكلية في الهياكل التنظيمية للجامعات، وفي محتوى برامجها ومناهجها، وانعدام الموائمة بين مخرجات التعليم واحتياجات خطط التنمية، ومركزية القرار، والافتقار إلى أنظمة المتابعة والتقويم، وضعف الكفاءة الداخلية والخارجية.
ويواجه التعليم العالي السعودي العديد من التغيرات المتسارعة في مختلف الاتجاهات، حيث شكلت هذه التغيرات تحديات أثرت على تحقيق الجامعة لأهدافها ووظائفها، ومن أبرز التحديات تحدي الطلب المتزايد على القبول في مؤسسات التعليم العالي، فقد فرض النمو السريع للسكان ضغط شديد على خدمات التعليم المعاصر، وبما يفوق الطاقة الاستيعابية لكثير من الجامعات، مما أوجد تحدياً متنامياً مع تزايد أعداد الطلاب الراغبة في الالتحاق بالتعليم الجامعي، مما يتطلب اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمقابلته.
ومن التحديات تحدي إدارة التعليم العالي وتمويله، ويبرز بالاعتماد على الحكومة كمصدر رئيس لتمويل التعليم مع محدودية المصادر الأخرى المساندة له، مما يوجب التصدي لهذا التحدي من خلال ترشيد الإنفاق والدخول في شراكات مجتمعية ترشده، وتدعم التوجه نحو لا مركزية الإدارة الجامعية وتطوير لوائحها ونظمها وتشريعاتها.
أيضاً من التحديات تحدي البحث العلمي ومتطلباته، ويكمن بالاحتياج الملح لتأسيس مراكز الأبحاث العلمية، واختيار القيادة الفاعلة للفريق البحثي، وإعداد الموازنات التطويرية الدقيقة الخاصة بالبحث، والاهتمام بالأبحاث التطبيقية التي ترتبط بقضايا المجتمع واحتياجات مؤسساته.
وهناك تحدي مواكبة التطورات العلمية السريعة، ويشتمل هذا البعد على محاور تتضمن إعادة النظر في البرامج والمقررات الدراسية، وتطوير المناهج وفق رؤية ورسالة محددة والاستناد إلى المستحدثات والتراكمات العلمية المعاصرة.
بالإضافة إلى تحدي الموارد البشرية التي تحتاجها الجامعات، ويعد تحدياً أساسياً في مواجهة التعليم العالي إذ أن توفير الأعداد الكافية من أعضاء هيئة التدريس المؤهلين علمياً وتربوياً ومهنياً أصبح مطلباً صعب المنال في ظل التوسع المطرد في افتتاح الجامعات الجديدة، إضافة إلى حاجتهم لتطوير مهاراتهم وقدراتهم لأداء أدوارهم التدريسية والبحثية.
من خلال ما تم عرضه يتضح أن التعليم العالي السعودي يواجه تحديات تحول دون الوصول إلى التقدم المنشود، مما يؤكد الحاجة لتسخير كل السبل للجامعات للعمل والتخطيط لمواجهة هذه التحديات، للوصول إلى الغايات المنشودة، والبداية الصحيحة هي مفتاح النجاح لذلك على الجامعات أن تستشرف الطرق والوسائل للسير في الاتجاه الصحيح، من هنا فإن استعراض التحديات التي تواجهها هي أولى الخطوات التي تعين على ذلك.
المراجع:
الحولي، عليان.(٢٠٠٤). مفهوم الجودة في التعليم العالي، مجلة الجودة في التعليم، ١ (١)، ص٩-١٣.
الرويلي، نواف بن عبدالله .(٢٠١٤). واقع التعليم الجامعي وتحدياته في بعض الجامعات السعودية من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس: دراسة ميدانية. [رسالة ماجستير منشورة، جامعة الجوف]. قاعدة بيانات دار المنظومة، https://platform.almanhal.com/Files/2/63098
سلامة، عادل عبد الفتاح.(٢٠١١). واقـع إدارة مؤسسـات التعليم العالي في الوطن العربي. بحث مقدم للمؤتمر الثالث عشر للوزراء المسؤولين عن التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي، أبو ظبي ٧-٨ سبتمبر.