بقلم/ تغريد عطية الراشدي

(ماجستير سياسات تعليمية)

          "لقد استثمرت الحكومات طويلًا؛ لتحقيق النمو الاقتصادي عن طريق التركيز على رأس المال المادي: كالطرق، والجسور، والمطارات، وغير ذلك من البنى التحتية. لكنها غالبًا ما تستثمر بدرجة أقل في مواطنيها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن الفوائد أبطأ كثيرًا في تحققها وأصعب كثيرًا في قياسها. ومن ثم وكما أشار رئيس مجموعة البنك الدولي/ جيم يونغ كيم مؤخرًا في مجلة "Affairs Foreign"يواجه العالم اليوم "فجوة في رأس المال البشري".


      ولكُل بلد توجه وسياسة، وفي عصرنا الحالي ومع الانفجار المعرفي ازدادت قيمة المعرفة؛ حيثُ أصبحت هي بحد ذاتها مصدر اقتصادي للدول؛ حيثُ غدت الدول تتنافس على التطوير وإنشاء برامج ورؤى؛ لتحقيق التقدم العلمي واللحاق بركب العالم في المعرفة وصناعة الفرد(المتعلم)، فهو الرأس المالي الجديد أو بالأحرى ما أصبح التركيز عليه الآن هو بناء البشر، وليس فقط الموارد الطبيعية والنفطية. لتستطيع السياسة التعليمية تحقيق هذه الرؤى عليها البدء بالمتعلم، وذلك من خلال إعطائه الأدوات اللازمة لصقله وزرع الثقة فيه، وبناء روح الإبداع بطرق تدريس مختلفة، تجعل المتعلم هو محور العملية التعليمية، وليس المعلم، وأنها عملية مشتركة تفاعلية ليست قائمة على التلقين، ومن هذه الأدوات مهارات القرن الحادي والعشرين، ومنها: مهارات الحياة، والعمل، والمرونة، والتكيف، والقدرة على التغير، والتفكير الناقد، وحل المشكلات، والمبادرة والتوجيه الذاتي.

     لذلك نصّت الرؤية الخاصة بالتعليم الموجودة على الموقع الالكتروني لوزارة التعليم، أنه من سُبل التطوير التعليمي: الارتقاء بطرق التدريس، التي تجعل المتعلم هو المحور وليس المعلم، والتركيز على بناء المهارات، وصقل الشخصية، وزرع الثقة، وبناء روح الإبداع.وعلى بناء بيئة مدرسية محفزة، وجاذبة ومرغبة للتعلم، مرتبطة بمنظومة خدمات مساندة ومتكاملة.
   
  وهنا نأتي من العمومية إلى الخصوصية، وهو كيف يمتلك هذا المتعلم كل هذه المهارات!؟           
    فأولًا: هُناك مسؤولية على السياسة التعليمية الموجودة في يد صانعي القرار، هو توفير بيئة مُحفزة ومعدّة بكُل ما هو قادر على تطوير هذا المتعلم، بل وكل ما يجذبه للتعلم، والبحث، والابتكار، والإبداع من بيئة مدرسية، و شراكات مجتمعية، و أُسر واعية، بقيمة الفرد وأهمية رفع ثقته بنفسه، ومساعدته على ذلك وتشجيعه.
والمعلم هو: الوسيلة الأولى وليست الوحيدة، ولكن المؤثرة في إقبال المتعلم على العلم، والمعرفة، والانفتاح على البحث والابداع، أو أن يكون يا للأسف، سبب لإعراض هذه البذرة عن التطور والازهار.

ثانيًا: هو التعلم الذاتي، التي تسعى له رؤية (2030)، بل وتحث عليه من خلال مؤسسات ولقاءات، مثل: جمعية الأمير محمد بن سلمان الخيرية (مسك)، فعلى المتعلم، أن يعي قيمة العلم، والمعرفة؛ حتى يعيش الحياة الكريمة، التي يرغب بها، وأن هذه المعرفة لا تقتصر على أن تُقدم له؛ بل أن سعيه في الحصول عليها وبناء نفسه ومهاراته هي: القوة، والتعلم الحقيقي، الذي يحقق له جودة الحياة وكرم العيش.
لذلك نرجو أن تتضافر الجهود، وتكون الخطط شاملة لا مبتورة؛ لتحقيق الصورة النهائية لهذا الفرد (الرأس المال البشري)، القائمة على اقتصاديات المعرفة (الاقتصاد الجديد)؛ لنصل إلى الابتكار والإبداع الكامن في هذا الفرد ونشره والانتفاع به على المستوى الشخصي، والمحلي، والعالمي.


المراجع
غنيمة،محمد. (14 مايو, 2018). تخطيط رأسالمال البشري العربي وتحديات الألفية الجديدة. تم الاسترداد من مهارات النجاح : https://2u.pw/m3PMY
مختار،بكاري. (20 نوفمبر , 2019). الاستثمار في رأس المال البشري كخيار إستراتيجي لتطوير الكفاءات البشرية في الجزائر . مجلة التنظيم والعمل .
وزارة التعليم. https://www.moe.gov.sa/ar/Pages/default.aspx