بعد جائحة كورونا لم يعد العمل عن بعد اقتراحا يطرح في الحوارات والنقاشات الخاصة بل بات واقعا يعاش ودربا يسلكه من يبتغي الاستمرارية ومن عدل عن هذا الدرب حكم على نفسه بالهلاك والذي كان قضية قابلة للنقاش بالأمس وحلما يراود الكثيرين أمسى اليوم فرضا على من يريد الاستمرار في سوق العمل والسؤال الذي يطرح نفسه :ما الذي يقدمه العمل عن بعد ؟ أو بصيغة أوضح وأكثر تفصيلا ما هي المشكلات التي يحلها وما الإيجابيات التي يعززها أو يخلقها ؟عصر العولمة الذي شهدته البشرية فرض تحولا في الموارد أو بالأحرى تحولا في النظرة العالمية للموارد ولنأخذ نظرة بسيطة على تطور مفهوم الموارد ....الذهب والفضة ثم النفط ثم المعرفة واليوم بات العالم يعي ما معنى أن يكون الوقت هو المورد الأهم في العالم ..الوقت الذي استغرقه العالم يصارع فيروس covid 19 خسر خلاله ما لم يخسره في محن يندى لها الجبين واستغرقت وقتا أطول من ذاك الذي زارنا خلاله هذا الفيروس وهذا لأن البشرية تطورت وبات الوقت أثمن والعمل عن بعد يقوم على فكرة توفير الوقت ..توفير وقت الانتقال من المنزل لمكان العمل ..توفير وقت بناء مقرات العمل ..توفير وقت استراحات الغداء وغيرها من الأوقات الأخرى التي لا يتم توفيرها فحسب بل واستثمارها في زيادة الإنتاج وتحسينه أو رفع مستوى جودة الخدمة ..توفير الوقت هذا يفرض نقلة نوعية في مفهوم التنافسية في أسواق العمل فهل من المعقول أن نعتبر في هذه اللحظة أن العمل عن بعد لا زال حلما واقتراحا يحتمل الصحة والخطأ ..إنه قطار التغيير ومن لن يركب لن يبقى في مكانه بل سيتأخر عصرنا عصر الحركة لا مكان للثبات إما التقدم أو التراجع .