‏كان عمر من المحاربين للإسلام والمستهزئين بالمسلمين، وكان معروفًا بحدة الطبع وقوة الشكيمة، وطالما لقي المسلمون منه ألوان الأذى والعذاب.

‏قالت زوجة عامر بن ربيعة : ونحن نتجهز للهجرة إلى الحبشة وزوجي غير موجود إذ أقبل عليّ عمر -وكان مشركًا- فقال لي: إنه الانطلاق يا أم عبدالله؟

‏قلت له: نعم والله نعم والله فلقد آذيتمونا وقهرتمونا وسنهاجر حتى يجعل الله لنا مخرجا فقال عمر: صحبكم الله. فرأيت منه رقة لم أراها ثم انصرف.

‏فجاء زوجي فقلت يا أبا عبدالله ليتك لو رأيت عمر ورقته وحزنه علينا، قال: أطمعتِ في إسلامه؟ قلت: نعم. قال: والله لا يسلم حتى يسلم حمار الخطاب!

‏قال ذلك يأسًا منه لِمَا كان يرى من غلظته وقسوته على الإسلام، ولكن قلب المرأة كان أصدق من رأي الرجل، فلقد أسلم عمر رضي الله عنه.

‏إن غلظة عمر وقسوته ما كانت إلا قشرة خفيفة تكمن وراءها ينابيع من الرقة والعطف والسماحة تفجرت بعد إسلامه وارتوى منها حتى الكافر.

‏وقصة إسلام عمر هي أنه في بادئ الأمر قد اتفق مع نفسه أن يقتل الرسول ﷺ، فأعد العدة لذلك واتجه لبيت النبي ﷺ ففي الطريق حدث أمر طارئ.

‏الأمر الطارئ هو أن رجلًا استوقف عمر فقال له إلى أين أنت ذاهب فقال وبكل صراحة: لقتل محمد! فقال الرجل: أفلا ترجع إلى أهل بيتك وتنظر؟

‏وفي فزعٍ كبير قال عمر: أهل بيتي؟!! فألقى الرجل ما في جعبته وقال: ابن عمك سعيد بن زيد، وأختك فاطمة بنت الخطاب، فقد والله أنهما أسلما!

‏جنَّ جنون عمر، وأسرع من توّه إلى بيت أخته وقبل دخوله سمع همهمة وأصواتًا غريبة، وبعنفٍ أخذ يطرق الباب وينادي بصوته الجهوريّ: افتحوا!!

‏ففتح سعيد الباب، ودخل عمر وهو يحترق من الغضب، لا يسيطر على نفسه والشرر يقذف من عينيه فقال: ما هذه الهمهمة التي سمعت؟!! فقالا: لا يوجد شيء.

‏قال عمر: بلى، والله لقد علمتُ أنكما تابعتما محمدًا على دينه!!. ثم انقض على سعيد ليبطش به، فتدخلت زوجته الوفية تدافع عن زوجها ضد أخيها.

‏فوقفت بينه وبين عمر تدفع عمر، وفي لحظة غضب التفت عمر إليها، ولم يدرك نفسه إلا وهو يضربها ضربة مؤلمة على وجهها، تفجرت على إثرها الدماء.

‏وإزاء ما حدث وفي تحدٍّ واضح، وقف سعيد بن زيد يتحدى عمر ويقول: نعم، قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله، فاصنع ما بدا لك!

‏ووقفت فاطمة والدماء تسيل من وجهها فأمسكت بوجه أخيها عمر، وهي تقول له: أسلمنا فرغِم أنفك يا عمر! وعندما رأى عمر منظر الدماء استكان وهدأ

‏بالفعل لقد استحى عمر عندما رأى منظر الدماء. فقال: ماذا كنتم تقرأون؟ فأعطوه الصحيفة فإذا مكتوب عليها سورة طه ﷽﴿ طه ۝ مآانزلنا عليك القرآن لتشقى۝﴾

فأذعن عمر -رضي الله عنه- للحق وأعلن إسلامه، فكان مددًا عظيمًا لجند الله، فازداد المسلمون به منعة وقوة ووقعت في نفوس الكافرين حسرة.

‏قال ابن مسعود: إن إسلام عمر كان فتحًا، ولقد كنَّا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر.. وقال ابن مسعود أيضًا: "مازلنا أعزة منذ أسلم عمر"..إنتهى.