في حياتنا الدنيا زوار يأتون فجأة دون أن نشعر بهم ، لا يطرقون الأبواب ولا يخبروننا بقدومهم، حتى وإن كانوا أحياناً يرسلون إشارات يفهمها الحصيف فيستعد لهم ويحسن استقبالهم.
هؤلاء الزوار الكرام يتسللون لأجسادنا فيلازموننا حتى وإن كنا لزيارتهم كارهون.
ولعل لهم صلة أو علاقة ببعضهم، فقد يأتون جميعاً أو فرادى؛ يتقدم أحدهم وما الآخر منه ببعيد.
فالمرض قد يزورنا فجأة فيلزمنا الفراش دون حراك، وهو زائر ثقيل بلا شك، وقد يعقبه الزائر الذي لا طب له وهو الموت. فالموت زائر لن تنجو منه نفس مهما طال بقاؤها. قال تعالى :(كل نفس ذائقة الموت).
وقد يأتي الموت فجأة دون مرض؛ فيفتك بالشاب الذي لا يشكو من أدنى علة، أو بالصحيح الذي في أبهى حلة، وقد يخطف الصغير الذي لا يستطيع أن يغادر محله.
وقد يتأخر الموت عن زيارتنا ويمهلنا، ولكن هل يمهلنا الكِبَر؟ فكما قيل في المثل الشعبي: (إن ديّن الموت ما ديّن الكبر) أي إن أمهلك الموت فلن يمهلك الكِبَر.
فالكبر زائر قد يداهمك دون أن تشعر ، فإذا أتى فلن يذهب أبداً حتى يجلب معه بقية الزوّار.
فهل ترجو منه خلاصاً وقد احدودب ظهرك، وشح سمعك وبصرك، وارتعشت يداك، وخارت قواك، وعلا الشيب محياك، وذهبت نضارة بشرتك، وربما أصبحت تهذي بما لا تدري ..
"وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚوَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) " سورة النحل.
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، اللهم إنا نسألك توبة نصوحاً قبل الموت.
✍️أبو نواف
٢٠ شعبان ١٤٤٢هـ