لطالما كنت في صف الطرف الأقل طيلة حياتي أو بمعني آخر كنت مختلفاً عن البقية وليس متميزاً والفرق واضح بين هذا وذاك ! منذ طفولتي وانا أجد نفسي أكره كل ماهو مرغوب للمرحلة العمرية التي أعيشها.
ذهبت الي المدرسة ولم أحب يوماً أن أظهر مهاراتي بغرض جذب الأنظار لي كما يفعل أغلب تلاميذ الصف ، لم أحب الظهور علي ساحة المشاغبين وأن يتردد اسمي كثيراً بالمدرسة ، كنت الفتي الهادئ الذي ظل يراقب عن بُعد ما يفعله زملائه دون أي يندرج معهم فيما يفعلونه ، أحببتُ لعبة الشطرنج وهم لم يعرفوها ، الشئ الوحيد المشترك معهم أنني أحببت لعب كرة القدم تماماً كما أحبوها.
نعم كرة القدم .. وهنا تكثر الأحاديث والأقاويل ، فدائما كنت الشخص المسالم حتي في شغفي ، فكثيراً ما كنتُ اجلس علي مقاعد البدلاء منتظرا دوري ، رغم أنني كنت اثق تماما انني لا اقل عن زملائي في شئ ، وهذه بشهاده معظم ممن يحب فريقنا ، فطلما حدثوني لماذا لا تغضب .. لما لا تثور فأنت احق بالتواجد داخل الملعب عن آخرين ، الا أنني فضلت السكون والهدوء وهذا تماما عكس تصرف الاغلبيه.
كبرت ومازلت أراقب عن بعدُ ، وظلت إهتماماتي لا تشبه من حولي ، أحب ما يبدو غير مألوفاً لهم ويحبون ما لا أطيق سماعه ! حتي يومنا هذا وانا ناقم علي أكثر ما يدور حولي ..
الجميع توحدوا علي مدح مسلسل ما وانا كرهته منذ الحلقة الأولي ، أحببتُ مسلسل آخر ولم أجد منهم من يتابعه !
أكره الحديث لوقت طويل بالهواتف ، لم أتحدث يوماً عن صديق صام طويلاً عن سؤاله عني ، لانني فعلت ذلك الأمر معه أسوة أيضا وإلا لما طال الأمر كثيراً هكذا ، حتي وإن بادر وعاد .. لا أسأله يوماً أين كنت.
لا أحب الضجة والأصوات الصاخبة ولا التردد علي الأفراح كثيراً والمشاركة في الرقص الذي لا أجيده مُطلقاً ولا يتناسب تماماً مع شخصي الذي أعرفه ، وحتي وإن كانت هذه لحظات فرح ومرح لا تتكرر كثيراً في حيواتنا .. إلا إن هذا ثقيلاً جداً علي قلبي !
أحب بساطة الأشياء والأماكن .. لا ما يُذهب العقول من هول الكُلفة التي تكلفتها هذه الأشياء ، أحب الجلوس رفقة أسرتي والسهر معهم أكثر بكثير من الخروج للحفلات أو الكافيهات.
لم أكره يوماً أن أبقي وحيداً لفترات طويلة ، ولم أشتاق لوحدتي وانا رفقة أصدقائي.
الأمر الذي جعلني غريباً في أعين بعض الناس وقد أبدو غامضاً للبعض الآخر ! الأمر الذي جعلني لا أشبه أغلب من عاصرتهم وكأن هذه الحُقبة الزمنية لا تلائمني !
ورغم هذا كله .. إلا أنني راضياً تماماً عن كل ما دار بحياتي الي يومنا هذا حتي لو كنت مختلفاً في أعين من عرفني يوماً ، ولا أنكر كم أحببتُ هذا !