تخيل معي!
عندما تزدحم عليك الحياة برغباتها ومشكلاتها وتتنازعك كما لو كنت عجينة تمطك كل واحدة منها قليلاً حتى أن بعضها يبالغ السحب حتى تُحدِث فجوات داخلك، ليست فجوات فحسب بل أيضاً تجعل منك عجينة شديدة النحف والرقة.
يكون بعض هذه المشكلات تستمر في فردك ولا خلاص منها والحيلة الوحيدة هي محاولة ترقيع الفجوات التي تزداد مساحة بقطع عجين لملئها.
ولا أجد من سبيل في هذه الحالة لسد الفجوات من الحديث والتعبير عنها والتخفف منها وممارسة التعري النفسي كما أحب أن اسميه.
نحتاج حديثاً عميقاً مع مستمع له من صفات الذكاء الإجتماعي والحساسية النفسية والإطلاع الواسع لإدراك ما نقول.
تتميز الشخصيات الحساسة بقدرة عجيبة على تقمص الأدوار وفهم بأن كل معضلة تواجه الإنسان بالنسبة لصاحبها هي ذات أثر على نفسه ولا يمكن أن تكون من قبيل المبالغة.
ولأن الإنسان كائن إجتماعي فالحديث العميق عن مكنونات النفس حاجة بشرية كما هو الغذاء ، وارتياحنا لأشخاص عن غيرهم أحد أهم مسبباته هو حسن انصاتهم ليس بالإستماع فقط بل وجود مستقبلات داخله تدرك ما نقوله عندما نشرع في الحديث.
كل لقاء لا يتخلله هذا الفعل والتعري النفسي هو إضاعة للوقت وشعور بأن اللقاء من قبيل حضور لقاء اجتماعي مجاملة وواجب لابد من تقديمه. مثلنا عندما تحضر زواج لقريب لا تربطه بك علاقة مودة لكن الحضور واجب فرضته الأعراف.
عندما تفتقد حياتك من هؤلاء الذين تبحر في الحديث معهم بأريحية تتمنى لو تلتقي بغريب على طاولة مقهى لن تقصدها مرة آخرى وتنفجر أمامه ثم تلملم شتتاتك وتختفي عنه.
عندما نتحدث عن مشاكلنا ونعرضها ندخل في حالة جديدة، بدلاً من الغرق نكون بدأنا في الدفاع عن ذواتنا وعن قدرتها في حل مشاكلنا وكأن الايقو هو الوصفة السحرية في هذا المشهد.
المريب بأننا عندما نكون في لحضات الغرق نحو القاع تمسك أيدينا بأي جسم كمنقذ وغالباً نمسك بأدوات مسمومة!