تعتبر حشرة " سرعوف الأوركيد" من أجمل الحشرات في غابات جنوب آسيا، ولها القدرة على التخفي على شكل زهرة الأوركيد كي تجذب الذباب والنحل والحشرات لتتغذى عليها، وهي صفة مشابهة لما يفعله كثير من السياسيين في تغيير جلودهم وتنكرهم بأشكال متعددة، ليتمكنوا من خداع فرائسهم وإستغفال عامة الناس مدعومين بإعلام مؤدلج.
هذه الميزة رافقت كثيرا من الأحزاب والحركات السياسية العراقية، وجندت لها الجيوش الالكترونية للترويج لها والتفاعل معها، على طريقة رمي حجر في بركة ماء فتتحرك بعدها الأمواج تباعا وتتسع على تملأ البركة، وما إن تهدأ الأمواج حتى يكون كثير من البسطاء قد صدقوا تلك الكذبة فيرمى حجر آخر، وهكذا دواليك تستمر الإشاعات والأكاذيب في إشغال الناس لتغطي على الفساد والفشل، أو لتحقيق أهداف وغايات سياسية وحزبية.
على ذلك جرت العادة لدى كثير من الجهات السياسية وأصبحت شغلهم الشاغل، حتى بتنا نصبح في واحدة ونمسي في أخرى، وآخرها ماتم الترويج له من إشراف إماراتي على جهاز المخابرات العراقي بقيادة مستشار الامن الوطني الاماراتي طحنون بن زايد، ونقل 300 منتسب من هذا الجهاز وتحويلهم الى شرطة حماية الحدود! وضج الاعلام في كلام غير منطقي لا أساس له من الصحة وإنشغل الجميع في بعبع إسمه طحنون بن زايد.
إستمر رمي الحجر في البركة وتسويق إعلامي كبير من أجل خلق أمة مفتعلة ليس لها أساس من الحقيقة، ولو إفترضنا جدلا حقيقة التدخل الإماراتي في العراق، فهل يختلف عن التدخل التركي أو الايراني والأمريكي بل وحتى التدخل الاسرائيلي في الساحة العراقية، وإذا كان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لديه علاقات وثيقة مع طحنون بن زايد، فهل هذه العلاقات أقوى من علاقته بإسماعيل قاآني؟ ولماذا تفتعل الأكاذيب عن هذه ويتم التغاضي عن تلك؟.
حينما إجتمع رئيس الوزراء مع بعض من أطلق تلك الاشاعات الرسميين منهم وطالبهم بالدليل على صدق ما يقولون وإلا سيحيلهم للقضاء صمتوا جميعا.. ولكن يبدو أنها ردة فعل منهم على رفضه إرسال كتاب للبرلمان يطلب فيه جلاء القوات الأمريكية، فكانت الماكنة الاعلامية حاضرة لمهاجمته من زاوية أخرى.
حينما نكون صادقين مع أنفسنا يجب أن لانكيل بمكيالين، ومثلما نرفض التدخل الإمارتي في الشأن العراقي، يجب أن نرفض التدخلات الأخرى التي إستباحت العراق وجعلته ساحة للصراع.