ADHD قصص يرويها مصابون بالمتلازمة

متلازمة ADHD "متلازمة قصور الإنتباه وفرط النشاط"، هي متلازمة خلقية وليست مكتبسة يتميز المصابون بها بكثرة الحركة وبعد القدرة على القيام بالأعمال التي نعتبرها رتيبة أو التي تحتاج تركيزاً عالياً لفترات طويلة.

رغم ضعف التعبير عن المتلازمة وشيوع إندراجها تحت تعريف الكسل وتضييع الوقت،

إلا أن متلازمة ال ADHD هي متلازمة حقيقية ذات أعراض وتنائج تلامس مختلف جوانب الحياة اليومية للمابين بها، إذ أن المصابون بها يمرون بضغوط نفسية،

إذ أنهم يشعرون بالذنب المتواصل أنهم يخفقون في القيام بالأعمال البسيطة، ويمرون بضغوط محيطة إذ يتعرضون لأحكام المجتمع القاسية والسلبية إزاء قيامهم بالمماطلة أو بالمقاطعة.ADHD أكثر من مجرد حروف

هذا الأمر دفعنا لنتواصل مع مرضى الـADHD لنحاول أن نصور معاناتهم كما يصفونها بكلماتهم دون الحيلولة للقيام بالتكلم بالنيابة عنهم كما هو الحال مع كل المقالات العربية (القليلة للغاية أصلاً) والتي تصور حياة البالغين مع متلازمة الـADH.

اليوم سنسلط الضوء على 3 من أبرز القصص التي وردتنا:

1- "أشعر كأنني محاصر" يقول جورج، ذكر، 30 عاماً:

أشعر كما أنني محبوس في فقاعة لاأستطيع الخروج منها، ولا أستطيع أن أبررها للآخرين فلا يبدو عليّ أي أعراض جسدية فكيف يمكن للمجتمع أن يصدقني حين أقول أني أعاني من ADHD. 

أشعر بالذنب على الدوام وأسأل نفسي هل حقاً أعاني من ADHD؟ أم أن عقلي يبتكر السيناريوهات المتنوعة لكي أتهرب من أداء الأعمال التي نسيت متى بالضبط أخذت تتراكم كالجبل لتصبح ثاني أعلى قمة في العالم بعد قمة إيفريست. ولسنا بعيدين جداً عن أخذ المركز الأول. 

أنا دائماً مشوش وأخاف أن يظهر ذلك عى ملامحي أخاف التعامل مع الناس لفترات طويلة بحيث يتقربون مني ويكتشفون أنني لست كما أبدو عليه، أنا لست هادئاً أو رزيناً كما يفني البعض.

الـADHD قادر على تقييد الحياةأفتقر إلى الحكمة معظم الأوقات، وأشعر أنني بحاجة إلى يد تمسك يدي لكي أستطيع النهوض.

لكنني ملزم ومجبر على إدعاء عكس كل ماسبق، لن أسمح لشخص أن يحط من قدري أو يتعامل معي بشفقة على شيء لا يعنيني.

رغم أني قد خسرت الكثير إلا أن تمسكي بكبريائي هو أفضل مايمكنني عمله، أفضل الموت واقفاً على أن أحتاج يد المساعدة من أحد، وليقولوا ما يشاؤون أعلم أن قدراتي تفوق الذي أقدمه الأن بعشرات المرات، لكن إذا ارتبط إنجازي لشيء في الحياة بالذل للحصول عليه فأنا لا أريده.

الآن أعمل على عدد من المشاريع الفردية دون التطرق لإخبار أحد اتمنى أن استطيع يوماً أن أثبت للجميع أني شخص ناجح، لست كسولاً غير مبالٍ.

فالفشل وقعه عليّ أشد من القتل ولكنني أحاول أن لا أبين ذلك لأحد لكي لا أستمع إلى وابل النصائح المتنوع والمتدرج من التدين والتصوف إلى الكف عن "فعل ذلك" (لا أعلم ماذا يقصدون بذلك لكنهم مؤمنون أنني أخترت أن أعيش في فقاعة جدرانها مظلمة كالموت بكامل إرادتي؟حقاً؟)


2- "لا أستطيع أن أطلق على نفسي لقب إنسانة" نور، أنثى، 23 عاماً:

كيف يمكنني إعتبار نفسي إنسانة وأنا لا أقوم بما يقوم به البشر الآخرين؟ أعاني مع أبسط المهام على الإطلاق وأطلب المساعدة كما لو أني عجوز في التسعين.

الموضوع ليس بتلك البساطة ولست مدعية رفاهية تحاول البحث عن قضية لتجعل حياتها ذات معاناة ولكي أكون ضحية حتى ألاقي استحسان وتعاطف الآخرين.

صدقني آخر ما أريده هو أن يلاحظ الآخرين وجودي فما بالك بمرضي.

أستطيع أن أصف الأمر وكأنك في عاصفة لا تعلم متى سيقتلعك الهواء من جذورك ليرميك في الهاوية التي لايمكنني أن أصفها لك، ليس لشناعتها بل لأنها لم تكن يوماً كالمرة التي قبلها.

فتفقد في النهاية القدرة علىالتحكم في مشاعرك وهنا ترَ أن امتلاكك لعلاقات إجتماعية محدودة ومواعيد قليلة جداً للتعاطي مع الآخرين قد يكون نافعا!.

دعنا لا نكذب من سيتحمل "إنسانة" بالكاد تستطيع أن تتحمل نفسها.

قد يتبادر إلى ذهن القارئ "إذن لماذا لا تذهبين للطبيب؟ إذا كنتي تريدين أن تملأي حياتنا بؤساً فقط، احصلي على معالجة ببنما تقومين بذلك".متلازمة الadhd تكسر الشخصية

لقد ذهبت إلى أطباء حتى اصبح مصحاً نفسياً متنقل، لك أن تتخيل حجم المعاناة عندما تخرج من عيادة الطبيب لتزور الآخر فالأمر ليس كما كأنك تزور طبيب الهضمية الخاص بك،

أنت تحارب أعراف المجتمع عندما تحاول الوصول للمساعدة النفسية ويفضل أن تحذر فأنت تخطو فوق الكثير من الخطوط الحمراء.

جميع الأطباء وصفوالي كوكتيلاً من الأدوية، للأسف لم أحقق أي فائدة.

إحدى صديقاتي من المؤمنات الشرسات بنظرية المؤامرة قالت لي مرة وأنا أقتبس: "إنها الأدوية يخلطونها ماءاً ولا يضعون المعايير الصحيحة. الخطأ ليس منكِ بل منهم أولائك القذرون".

لا أعلم مقدار مصداقية كلامها لكنه حينها كان لطيفاً فهي واحدة من 3 أصدقاء أمتلكهم في حياتي.

المهم، لم أستفد على الأدوية التي كلفتني كما يقول العوام في الشام "بقرة جحا" كناية عن الثروة الطائلة والجهود في البحث التي وضعتها ووظفتها من أجل الوصول إلى هذه الأدوية،

حيث إن لم تكن تعلم معظم الأدوية النفسية في دمشق يصعب العثور عليها وعندما تسأل الصيدلاني غالباً عليك أن تخفض صوتك ورأسك، وأن تتصرف بطريقة مريبة للغاية فأنت تطلب شيء غير مقبول مجمعياً ومفقود بكل الأحوال وإن توفر يكون بحسب سعره في لبنان وهذا يجعله أصعب لأنك عند تناول كل حبة ستتذكر أن الحياة في لبنان رغم مايمر به من صعاب هي مازالت أفضل وعندها سوف تغص بالحبة وتشرب البحر لكي لا تختنق.

ي المحصلة لا أعتقد أني أرى الحياة بشكل مغاير للغاية كمصابة بمتلازمة ADHD عن أولئك الطبيعيين أصحاب الدوبامين، كلنا بالنهاية نفتقر للدوبامين؛ أنا أفتقر له صحياً والباقون يفتقرون له بسبب الحياة في سوريا.

فلماذا هذا التمييز ضدي لماذا لا نلغي فوارق البؤس بيننا ونعش جميعاً في بؤس و "لا" سلام؟.

أعتقد أنني أعرف الجواب وهو كالآتي وأعود لاقتبس لكن هذه المرة عقلي:

" بينما الناس تتضور جوعاً وتموت هماً وتعباً من الركض خلف لقمتها، وأنتِ تتشدقين بمعاناتك بينما تأكلين وتقبعين في منزلك الدمشقي غير آبهة بالحياة".

هذه الجمل تتردد على عقلي يومياً كشخص سكير لاينفك عن التردد إلى إحدى الحانات حتى أصبحت مؤمنة أن ADHD هو أكثر من متلازمة صحية، بل هو شيطان يملأ رأسك بالوساوس التي ترمي بحياتك إلى جحيم لايمكن الهروب منه.


3- "لقد نسيت كيف سأكون بدون ادوية" - إدوار، ذكر، 27 عاماً:

لا تسئ فهمي أنا ممتن للغاية لوصولي إلى الدواء لكن هناك شيء مهم يغفل الجميع عن ملاحظته؛ أن الـADHD لا علاج له.

أي كل ما أتناوله من أدوية هي مسكنات لا أكثر ولا أقل أنا اقوم بكبح الADHD إلى يومٍ آخر أو إلى أن تنفذ علبة حبوبي ولا أجد في الصيدليات من أدويتي، عندها سأكون على موعد مع انا الحقيقي، انا المجرد من كل شيء.

وهذا يجعلني في حالة من الخوف والقلق المتواصل.

أنا ملتزم بتعليمات طبيبي في تناول العقاقير على موعدها، رغم أني أؤخر قليلاص وأنسى احياناً إلا أني أستعمل برنامج للجوال أنصحة به يدعى بـmedisafe،

إذ يرسل العشرات من التنبيهات إذ لم تلتزم بدوائك وهذا أمر رائع لأنه يجعلك بحالة من القلق الهيستيري حتى تحافظ على الإنتظام في تعاطي الدواء.

أدوية متلازمة adhd تنسيك من كنت


لكن أعلم أنه اليوم الذي عليّ أن أقف أمام المرأة وأن أواجه نفسي قادم لامحالة. 

يومَ لا أخذ أي دواء، دائما يراودني هاجس لاينفك أن يجعلني قلقاً؛ هل الدواء يجعلني أفضل أم سأكون أفضل بدونه؟ هل من أحببني سيتوقف عن ذلك حينما آخذ الدواء أم لن يأبه بذلك؟ فأنا لم أعد نفس الشخص الذي أحبه الناس بل أنا شخص جديد الآن آخذ دواءاً بشكل منتظم كي أحافظ على مايعرف بـ "قيم سلوكية طبيعية".

لاأنكر انني حاولت عدة مرات أن أوقف الدواء ورغم اشتياقي لأنا القديم وسعادتي في كوني أنا الأخرق السعيد أنه كذلك، إلا أن لمصاعب والمشاكل المصاحبة لتلك الفوضى الجميلة في نظري قد دفعتني مراراً وتكراراً لحافة الإنتحار.

حالياً أحاول إقناع نفسي بأن أعيش اللحظة وحسب لكي لا أخسر كل شيء في آنٍ معاً.

وهكذا قد وصلنا إلى ختام القصص الثلاث الأكثر بروزاً عن الحياة كما يراها مرضى الـADHD.

قد يبدو على الناس أنهم بخير لكن ما إن ننظر إلى ما يجري في جوفهم ننصدم من الأهوال التي يعيشونها بصمت، لربما من أسوأ المشاعر المصاحبة للADHD هي شعور الذنب المستمر، شعور سيئ يمتص الحياة منك ويرميك في ظلام الإكتئاب لتبقَ تغرق فيه إلى أن تختفي تماماً ويُمحى وجودك.

فتذكر دوماً:

  • الـADHD مرض حقيقي.
  • والمعاناة المصاحبة له أكثر من حقيقية.

علينا بالخاتمة أن نكون أكثر لطفاً وحذراً وانتقاءً لكلماتنا وأن لا نتسرع في إلقاء الأحكام على الآخرين.