في أمريكا سنة 1978 واحد اسمه جيم جونز اسس جماعة سماها معبد الشعوب وبنى مدينة وأقنع اكتر من 900 واحد ييجوا يسكنوا معاه فيها، وقالهم انها "جنة" وسط الطبيعة خالية من الحشرات والافاعي واي اخطار واقنعهم ييجوا يسكنوا فيها معاه ويشتغلوا في الزراغة بعيدا عن دوشة العاصمة والتكنولوجيا والكلام ده
المدينة مكانتش صالحة للزراعة اطلاقا وجيم كان بيجبرهم يشتغلوا ساعات طويلة كل يوم في أعمال شاقة ومع ذلك مكنش بيطلع زرع وفضلوا عايشين في مجاعة، وكان بيمنعهم يخرجوا من المدينة أو يحاولوا يشتروا أي اكل من قرية قريبة وكان بيعاقب أي حد يحاول يهرب من هناك وعاملهم فصول دراسية عشان يتجمعوا كل يوم بعد الشغل ويقعدوا يسمعوله
بعض اعضاء الجماعة استغاثوا بنائب في الكونجرس وفعلا النايب وصل وقعد يسأل الناس وكلهم كانوا بيقولوا ان الدنيا زي الفل ومفيش مشاكل، وهو صدقهم لحد ما جه في النهاية واحد من سكان المدينة ادالهم ورقة مكتوب فيها ان حالتهم سيئة جدا وبيطلب استغاثة وانه ميقدرش يعترض
جيم بعت مسلحين قتلوا النايب و5 من مراسلين وهم راجعين في المطار وبعدها مسك المكرفون وقالهم خلاص احنا امرنا اتكشف، وهييجوا يبوظوا كل اللي عملناه دلوقتي، وأمر الاتباع بتوعه انهم ينتحروا بالسيانيد وأقنعهم انهم هيتقابلوا في مكان تاني أحسن من ده بعد ما يموتوا
اجمالي اللي انتحروا في الحادثة دي كان 918 منهم اكتر من 300 اطفال، وكل اللي حصل جيم كان مسجله على شريط صوتي لقوه موجود في المدينة بعد ما وصلوا
الحدث كان مفاجأة للشعب الأمريكي والجرايد وقتها اتملت بتفسيرات عن اللي حصل منهم ناس بتقول ان الاشخاص اللي انضموا لجماعة معبد الشعوب في البداية كانوا اشخاص مضطربين نفسيا وبالتالي سهل يتحكم فيهم بينما ناس تانية قالت انه كان بيغيب وعيهم عن طريق المخدرات وناس تانية قالت تفسيرات كتير لكن كلها للأسف تجاهلت تأثير الموقف اللي كانوا فيه فعلا
بعدها بكام سنة حصل حادث مشابه لجامعة تانية في تكساس، راحوا قعدوا في قرية منعزلة زي مدينة جونز، واتقتل فيه 86 واحد، وبعدها بأربع سنين، حادث مشابه حصل في كاليفورنيا، انتحر فيه 39 واحد وهم مقتنعين ان فيه سفينة فضائية هتيجي تاخد أرواحهم وتصعد بيها للفضاء!
بعد التحقيقات، ملقوش أي دليل بيقول ان الاشخاص اللي شاركوا في جماعات زي دي كانوا مختلين عقليا، بالعكس، كانوا ناس عاديين، بمستوى ذكاء عادي وتعليم كويس، ومش بيعانوا من أي مشاكل نفسية!
لكن ايه اللي يخلي انسان - يبدو انه طبيعي - يتصرف تصرف زي ده؟
عالم نفس اسمه لي روس في القرن اللي فات اتكلم عن مفهوم جديد سماه "خطأ الاسناد الاساسي"
"Fundamental Attribution Error"
معنى الكلمة ببساطة، ان الناس دايما بتميل انها تسند أي تصرف بيتصرفه الانسان للعوامل الداخلية، زي نوع شخصيته وبتبالغ في كده، بينما بتتجاهل تماما الظروف المحيطة للشخص لما اتصرف التصرف ده
يعني انت لو شوفت حد بيعمل حاجة كويسة على طول بتقول عليه انه شخص كويس، او لما تشوف حد بيعمل حاجة غبية على طول بتقول انه شخص غبي، وبتتجاهل الظروف اللي الشخص ده كان فيها لما عمل الفعل ده
لي روس عمل تجربة عشان يثبت ده وكانت كالآتي:
جمع مجموعة طلاب من جامعة ستانفورد وقسمهم عشوائيا لمجموعتين:
المجموعة الأولى طلب منهم يلعبوا لعبة هو صممها، وسماها لعبة المجتمع
المجموعة التانية طلب منهم يلعبوا نفس اللعبة بس قالهم ان اسمها لعبة وول ستريت
روس لقى ان المجموعة اللي عرفوا ان اسم اللعبة "لعبة المجتمع" كانوا غالبا بيتعاونوا مع بعض في قرارتهم ومش بيميلوا للمنافسة
بينما المجموعة اللي لعبوا نفس اللعبة باسم "وول ستريت" كانوا بيميلوا للتنافس والعدوانية في قراراتهم في اللعبة
نفس اللعبة، نفس نوعية الاشخاص، نفس المكان، بمجرد ما اتغير اسم اللعبة فده كان سبب كافي ان تصرفات المشاركين فيها تتغير
طبعا فيه جزء قليل من المشاركين كانوا بيتصرفوا بتنافسية دايما مهما كان اسم اللعبة، وكان فيه جزء قليل تاني بيختاروا يتعاونوا دايما مهما كان اسم اللعبة
وده ممكن نستنتج منه ان فيه عاملين اساسيين بيتحكموا في تصرفاتك مينفعش نتجاهلهم
الأولى هي طبيعة شخصيتك
التانية هي العوامل الخارجية اللي حواليك
وتصرفاتك دايما بتبقى نتاج تفاعل شخصيتك مع الظروف اللي حواليك
المؤلف بعد ما ذكر القصص دي أكد على أهمية التأثير الجمعي وقال:
" عندما نستهين بقوة التأثير المجتمعي، نحصل على شعور زائف بالأمان. يمكن بسهولة اتهام الضحايا بأنهم أشخاص مضطربين وسذج، وأننا لو كنا مكانهم لن نتصرف مثلهم بالتأكيد!
المثير للسخرية في الأمر ان هذا الشعور تحديدا يجعلنا أكثر هشاشة وأكثر عرضة لأن نتصرف مثلهم عند التعرض لتأثير نفسي مُدمِر."
الورقة الجاية: كيف نرى العالم؟