الثقافة والجمال

الجمال، يُعد أحد أهم الصفات، التي خلقها الله على هذه الأرض، ترى الأشياء كما هي، تتطور في ذهنك حسب المنظور التحليلي النفسي -المُكتسب-، الذي يستدعي القبح، والجمال في آن معًا، تتحول تلك الصور إلى دراما إبداعية خلاقة، تنقلك من عالم الأمل، بعيدًا عن سيطرة الوهم، الخوف، والتشاؤم.

 إنها ثقافة بصرية، يتمتع بها أغلب البشر، ما أن يتأمل الإنسان إشراقة الحياة، حتى يدرك معنى الجمال الموسوم في لوحات النفس، ربما ليس خافيًا بأن العقل الباطن، يستدعي للبشر البالغين الصور الأولى للجمال، هي المرأة، التي تأتي نتيجة طبيعية، فطرية للجنسين معًا، ولكن دعنا نذهب إلى عالم الجمال من أبواب مختلفة، حين نُعرف الجمال بأنه مرتبط بالغريزة، والعاطفة، والطبيعة، الفن، والذوق، إنه شعور إيجابي خارج وحدة القياس، الذي يُعطي المعنى للأشياء والحيوية، بملأ الفراغ العاطفي الفطري، والطبيعي للإنسان. لذا، حين يشعر الإنسان بالفرح، والسعادة من وقت لآخر بأشكال مختلفة، فإنها تؤثر على حياته بشكل طبيعي.

إن الجمال لم يتفق عليه اثنان على مفهوم واحد، فما أراه جميلًا، يراه الآخر عاديًا، لكن الأغلب، يتفق بأنه مفهوم شخصي، يردده الكثيرون. لقد أثبت باحثون نرويجيون، أن الجمال ليس مسألة نسبية فحسب، بل إنه يعتمد بشكل كبير على تركيبات كيميائية معينة في المُخ، يمكن تحفيزها، أو الحد منها من خلال مؤثرات خارجية. لقد اختلف نمط الحياة في بعض المدن الريفية، التي تحولت من زراعية إلى مدنية التفكير الاستهلاكي، مما قلل من فرص النظر إلى الحياة الجمالية المُتوفرة حولها طوال العام من نخيل، عيون، وثمار، فاستقرت في الوعي الذاتي للفرد، التي أثرت بدورها على الذوق في العبارات التعبيرية من خلال بعض الجوانب، لكن البشر دائمًا، يتطلعون إلى اللذة الجمالية في العلاقات الإنسانية اليومية، التي تستوجب العمل على إعادتها، كلما تعثرت حسب الظرف والمكان، وأهمها العلاقة الزوجية، والأسرية المرتبطة بنوازع الحياة، التي لا تنتهي. علينا أن نحفز عناصرنا الجمالية في التجربة المعاشة، والتلقي الجمالي، يساعد على تكوين علاقات صحية داخل الأسرة والمجتمع -وعلى سبيل المثال لا الحصر-، فإن الارتباط بالطبيعة المتوفرة، هي أحد أهم روافد الجمال في الحياة، وإن الإنسان، تكتنفه حالة خاصة مع نفسه، أينما يجدها، يذهب للبحث عن مصادر الطبيعة الجمالية، التي تساعد على التحفيز الحقيقي في إنعاش دورة الإلهام قبل جفافه.

ينتمي علم الجمال إلى علوم الفلسفة، وهو أحدث فرع فيها يُعرف باسم"الاستاطيقا"، الذي يُعنى بالشعور، الذي ينبع من نفس الإنسان تجاه شيء ما، حينئذ تكون حقيقة الجمال مستقرة في نظرة الإنسان من خلال ما يشعر به نحو ذلك الشيء، إلا أن الجمال لم يتفق عليه اثنان على مفهوم واحد، فما أراه جميلًا يراه الآخر عاديًا.إن الأغلب، يتفق بأنه الكمال، الإتقان والتجانس الخالي من العيوب، لكنه يساعد على الهدوء في بناء التماسك بالقدر، التي تُحسن قدرتك على إدارة مشاكلك بهدوء، لتخرج ردة الفعل متوازنة قدر الإمكان. إن الحياة لا تُعطي كل شيء،ولكن عليك أن تبذل طاقتك، أن تكون واقعيًا مع مرادفات الجمال التعبيرية، لذا، تأكد أن أدوات التحفيز الجمالي، التي خلقها الله لنا كثيرة، وليست محصورة في اتجاه واحد. وعليه،فإن لكل إنسان ذائقته، التي تميزه عن الآخرين، خلافًا للبعض، الذي يمتلك حساسية جمالية، ترتقي به طولًا وعرضًا عن الآخرين بالدرجة والنوع، إذ لا تكتفي الذائقة الجمالية لشاعر، أو روائي، يتذوق جماليات السرد، أو الفن بألوانه المُختلفة، دون أن يكون قادرًا على تذوق الموسيقى، والفيلم السينمائي، وجمال الطبيعة، والمرأة، العمران، والأزياء، التآلف اللوني، والإيقاعات المختلفة، ينقل ممدوح عدوان عن نيكوسكازانتزاكيس، الذي أورد قولًا لأحد المتصوّفة اليونانيين، ما نصّه: "إذا لم نستطع أن نُغيِّر العالم، فلنغيِّر عيوننا، التي ترى هذا العالم".