العلاقة بين اللغة والسياسة علاقة قديمة أدركها أرسطو. فقد عرف الفيلسوف اليوناني الإنسان بأنه «كائن ناطق»، إذ إنه الوحيد بين الكائنات الذي يستخدم اللغة في قضاء حوائجه، والتعبير عن أفكاره وعواطفه ومشاعره، والحديث عن تجاربه الماضية وخططه للمستقبل. وأرسطو أيضا هو الذي وصف الإنسان بأنه «كائن سياسي».

فالخطاب السياسي هو كيفية استخدام اللغة. ومن هنا فإن أهمية اللغة (أو الكلام)، تكمن فيما تثيره في أذهان المتلقين من أطر وصور ذهنية محددة، وكذلك فيما لا تثيره، أيضا، من أطر وصور ذهنية. ولا يقف الأمر عند حد التصور الذهني، إذ إن الإنسان عادة ما ينتقل من مرحلة الإدراك الذهني إلى مرحلة السلوك النابع من هذا الإدراك، فيسلك سلوكا معينا.

لذلك يسعى اللغويون، من وراء تحليل الخطاب، إلى مراقبة سلوك الجماعة أو الصفوة، وكيفية سيطرتها على اللغة في الخطاب السياسي، أو تعمد استغلالها من أجل الحفاظ على وضع الجماعة في المجتمع، ومراقبة محاولات السياسيين، من خلال المواقف السياسية، إسباغ الشرعية على أنشطتهم، أو مقترحاتهم عن طريق اللغة. وبهذه السيطرة، بواسطة استخدام اللغة، يمكن أن يقود الخطيب جمهوره بطريقة إيجابية، أو أن يضلله، حتى يعتقد بأن مصالح حزب الخطيب الضيقة هي مصالح الشعب بصفة عامة.

وفي تاريخ البشرية نماذج لخطباء مشهورين من الصنفين، نذكر منهم جمال عبد الناصر في مصر، وتشرشل في بريطانيا، وروزفلت في الولايات المتحدة، وهتلر في ألمانيا.

وللخطاب السياسي دور في توجيه سلوكيات الجماهير في اللحظات العصيبة من تاريخ الأمم. ويتخذ من بيان التنحي الذي ألقاه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر مدونة للتحليل. ويحاول اختبار فرضية أن الصياغة البلاغية لنصِّ بيان التنحي، وطريقة أدائه أثّرا في إنتاج الاستجابات التي أعقبت إلقاءه؛ وتمثلتْ في المظاهرات الهائلة الرافضة للهزيمة، والتنحي معاً. ويحلل بشكل تفصيلي بعض أهم الظواهر البلاغية في البيان؛ مثل التلطيف اللفظي، والضمائر الشخصية، والاستعارة، والبنية الإيقاعية، وفخاخ التصفيق، وطرق أداء البيان صوتياً وحركياً.

 ولو تأملنا – مثلا – الخطاب السياسي للرئيس السابق جورج دبليو بوش، لوجدنا أن بوش نجح في كسب أصوات الناخبين داخليا والفوز بالرئاسة مرتين، ثم نجح خارجيا في اكتساب تأييد دول كثيرة في العالم لحملته على أفغانستان. عندما أراد جورج بوش الابن – عقب أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١ – شن الحرب على أفغانستان، لم يقل سنحارب أفغانستان، أو طالبان، أو «القاعدة»، لكنه رفع شعارا ذكيا يخدم مصالحه، ويكسب به تأييد الجميع حتى المعارضين لفكرة الحرب، هو «الحرب على الإرهاب» War on Terror لم يكن هذا الشعار من بنات أفكار الرئيس الأميركي نفسه، ولا الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، ولكنه صيغ، فيما أظن، بعد استشارة فرانك لونتز خبير الحزب في اللغة والتواصل والتحليل السياسي.

وحديث الدول الغربية والولايات المتحدة عن الأسلحة النووية، يتم في إطارين ذهنيين مختلفين تماما بحسب المخاطب. فتلك الأسلحة هي «سلاح ردع » إن كانت في حيازة دولة غربية، لكنها، أي الأسلحة نفسها، تصبح «سلاح دمار شامل إن سعت إلى حيازتها دولة أخرى قد تخالف الغرب في سياساته.

وعندما احتلت إسرائيل فلسطين حرصت في خطابها السياسي على طمس الهوية الفلسطينية. ولما سئلت رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير عن الفلسطينيين قالت: «ليس هناك شيء اسمه فلسطينيون»، وأطلقت إسرائيل على الفلسطينيين الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية تعبير «عرب إسرائيل» لمحو هويتهم الفلسطينية والتركيز على أنهم عرب، وأخذت وسائل الإعلام الإسرائيلية تردد هذا التعبير، وتناقلته وسائل الإعلام الغربية وحتى العربية، بل أصبح يتردد الآن على ألسنة بعض الفلسطينيين أنفسهم.

وإذا انتقلنا من الولايات المتحدة إلى الساحة السياسية في مصر، وجدنا انقساما شديدا مثله، إلى حين فض اعتصام رابعة العدوية، ميدانان: ميدان التحرير

حيث نلحظ التركيز على:

١ – فصل الإخوان عن المجتمع، وكأنهم ليسوا مصريين، أو ليسوا جزءا من الشعب المصري.

٢ – معاناة الشعب في الحصول على حاجاته الضرورية.

٣ – فكرة المواطنة.

و ميدان رابعة العدوية، وهنا نلاحظ أن تركيز الخطاب في ميدان رابعة العدوية كان على:

١ – فكرة الشرعية والتشبث بها، مهما كان الثمن، والتهديد بالدم في سبيلها.

٢ – فصل الجماعة عن بقية المصريين، والشعور بالاستعلاء بين قادة المحتشدين على من يخالفونهم، ووصم المخالفين بأنهم «علمانيون»، وهذا يعني في أوساط الإسلاميين، بصفة عامة: «ملحدين».

وأود هنا أن أقول إن ملمح الفرقة في الخطاب السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، يرجع إلى فترة نشأة الجماعة، فاسم الجماعة ذاته: «الإخوان المسلمون»، فيه إيحاء بأنهم هم الفصيل الوحيد المسلم. كما أن شعارهم الذي رفعوه غير مرة خلال الانتخابات، وهو «الإسلام هو الحل» شعار فيه مصادرة على أفكار الآخرين من غير المسلمين، ويتسم بالتعميم، ولا يهدف إلا إلى كسب تأييد عامة الناس الميالين للدين بطبيعتهم.

وكان حزب الحرية والعدالة، قد أعلن في أواخر ٢٠١١، عن تخليه عن رفع هذا الشعار في الانتخابات البرلمانية التي جرت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، واستبدل به شعار «نحمل الخير لمصر»، لكنه لم يف بالوعد، وأعاد رفع شعار «الإسلام هو الحل» لما له من تأثير شعبي ديماغوغي.

وكان الرئيس المصري السابق أنور السادات، يستخدم تلك الوسيلة الدينية، حتى أطلق عليه وصف «الرئيس المؤمن».لكن خطاب مرسي السياسي غرق في ذلك أكثر من غيره. ففي خطابه الأول عندما أعلنت نتائج الانتخابات، استحضر شخصية أبو بكر الصديق، ونقل عنه «وأما عن نفسي فإنني ليس لي حقوق، وإنما علي واجبات، فأعينوني أهلي وعشيرتي ما أقمت العدل والحق فيكم، أعينوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته ولم ألتزم بما تعهدت لكم به، فلا طاعة لي عليكم».

ومن هذا الباب تكراره لتعبيرات «أهلي وعشيرتي»، و«الأهل والعشيرة والأحبة» التي رددها غير مرة في خطابه الأول، ثم استخدام تعبير «أولادي» في خطابيه الأول والأخير في إشارة إلى الشباب. فالعلاقة بين رئيس الدولة والشباب هنا هي علاقة الأب بالأبناء، وليست علاقة رئيس منتخب كلف بمسؤولية القيادة، وعليه واجبات وله حقوق، بمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات أيضا.

يفضي بنا هذا، إلى ملمح ثالث في الخطاب السياسي لمرسي هو غياب فكرة المواطنة. فمرسي لا يبدأ خطابه بمخاطبة المواطنين، كما كان يفعل الرئيس السابق جمال عبد الناصر، لكنه يوجه خطابه لـ«شعب مصر العظيم». وغاب عن خطابه ذكر من لم يؤيدوه. ففي خطابه الأول توجه بالحديث إلى «شعب مصر العظيم»، ثم شكر «الأهل والعشيرة» في محافظات مصر جلها تقريبا، وعدد أبناء المهن والحرف على اختلافها، وقال: «أتوجه إليكم جميعا في هذا اليوم المشهود الذي أصبحت فيه بعد فضل الله بإرادتكم رئيسا لكل المصريين وسأكون لكل المصريين على مسافة واحدة»، من دون أن يذكر من لم ينتخبوه، وكان عددهم كبيرا. وهو يخالف في ذلك خطاب السادات حينما قال عقب استفتاء شعبي: «سأكون مع الذين قالوا نعم والذين قالوا لا».وغاب عن الخطاب السياسي لمرسي أيضا، الحديث المفصل عن المشاكل التي يواجهها الشعب

في أميركا نجح الرئيس السابق، جورج بوش الابن، في كسب تأييد الأميركيين لبرنامجه ففاز مرتين، لأنه استعان بمستشارين يتقنون عرض القضايا بطريقة مقنعة للمخاطب، وإن بنيت على خداع لغوي. ونجح في كسب مساندة الدول الأخرى لحربه على أفغانستان والعراق، لأنه مهد لها بطرح أطر ذهنية تفرض على المتلقي خيارا قد لا يستطيع الفكاك منه، وهو اتباع مسار بوش.

اما عن الفيلم السياسي فهو مؤهل لأن يكون فيلما عالميا، انطلاقا من أن ينطوي على ثقافة ثورية يمكن أن تكون جسرا للتواصل بين الشعوب، من خلال ما يتضمنه الفيلم السينمائي من فورات اجتماعية وسياسية، تنطلق من الحاضر وتتجاوز الماضي وتستشرف المستقبل.

كما اتخذت شخصية الناشط السياسي في السينما المصرية منذ البداية شكلا أقرب إلى أن يكون نمطيا، فهو في الغالب شاب جامعي من أبناء الطبقة الوسطى، أو ريفي قادم إلى القاهرة في رحلة الحصول على الشهادة الجامعية، ثم بفعل واقع الاحتكاك بالحركة الثقافية، أو الشعور بالتمييز الطبقي ،يعلن سخطه على الأوضاع الاجتماعية أو السياسية القائمة لكنه كان فى الغالب الأعم تنميطا مقبولا لأنه كان يستحضر دائما نماذج لها سماتها الوطنية والإنسانية الفريدة.

و ربما كان أول تجسيد إيجابي لصورة الناشط السياسي ودوره في دفع عجلة التغيير هي تلك التي قدمها الفنان عمر الشريف في فيلم (في بيتنا رجل) إنتاج عام 1961عن قصة الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وإخراج هنري بركاتوقد حاول هنري بركات إعادة إنتاج هذه الشخصية، من خلال عمل آخر هو فيلم (الباب المفتوح) عن قصة الأديبة لطيفة الزيات وإنتاج عام 1963، وفيلم صلاح أبو سيف في فيلمه (القاهرة 30)عن رواية نجيب محفوظ( القاهرة الجديدة)، وإنتاج عام 1966 هذه الأفلام التي جاءت لتنتقد الفترة الملكية وتكشف فسادها، مّثلت دعما مباشرا لنظام ثورة يوليو، وتأكيدا على مشروعية الثورة والأسباب التي قادت اليها.

وكما انتُقدت الملكية في عهد ثورة يوليو وفترة عبدالناصر، فقد انتُقدت الناصرية في فترة حكم السادات، حيث قدم علي بدرخان في فيلم (الكرنك) الذي أنتج عام 1975 نموذجا للنشطاء السياسيين، من خلال قصة مجموعة من الشباب الجامعي الذين يتم اعتقالهم لمجرد أنهم كانوا يلتقون على مقهى “الكرنك” الذي عرف عنه أنه تجمع لبعض المثقفين المعارضين للثورة.

وتعتبر السينما من أكثر الوسائل الاتصالية تأثيرًا في جميع الفئات المُختلفة في المجتمع، حيث أنها تحولت من أداة لمُجرد التمثيل إلي أداه لتعليم ومُحاكاة الواقع، وإحداث تغيير في مسارالبلاد، بالإضافة إلي عرضها المشاكل التي يمُر بها المجتمع المصري.ومن هذا المُنطلق تعتبرالسينما من أكثرالوسائل تأثيرًا في المجال السياسي؛ لكونها تؤدي رسالة إتصالية إيجابية أوسلبية ذات تأثير؛ فمنها ما هو موجه ومنها ما يُراد منه تكوين الأفكار و منه من يسعي إلي تحقيق الربح المادي.

وبالتالي نجد إن العلاقة بين السينما والسياسية من الإشكاليات التي ُطُرحت مُنذ العقود للنقاش والتي مازالت حتي اليوم؛ وذلك بفعل التجديد والتطورات المُتسارعة والتي تُميز السينما والسياسية 

 وهنا ازمة لابد من التصدى لها بصورة مدروسه ممنهجه  فتجد العرب والمسلمون في السينما الأمريكية بعد 11 سبتمبر2001فى الأفلام الامريكية ظهروا في صورة سلبية – وحدث هذا بسبب ببساطة فليس هناك مصدر أخر للمعلومات حولهم وحول ثقافتهم. ليس هناك اعلام موازى-

مقولات الاتصال الجماهيري ;يمر الخطاب السياسى بقنوات وهى

 *المرسل هو المصدر الذي يعمل علي إنتاج رسالة تحتوي علي معاني مختلفة من خلال وسائل الاتصال المختلفة وتحمل نظريته اتجاه شئ ما المعاني المختلفة؛ ويهدف من الرسالة إلي استثارة استجابة محدده من قبل الجمهور.

* المستقبل :يعتبر (الجمهور) سواء كان أطفال أو شباب أوالمجتمع بأكمله؛ ويقوم المُستقبل بفك الرموز الرسالة وتحويلها إلي معاني وصور ترتبط بتكوينه الشخصي وتجربته الذاتية للحاضرأوالماضي. وتختلف التفسيرات تبعًا لطبيعة التوجهات والبيئة ذاتها.

*الرسالةهي المضمون أو المحتوي التي تتكون من المعاني التي يضفها المرسل، ويقوم من خلال الاتصال بنقلها وارسلها إلي الجمهور.

*القناة : هي الأداه التي يقوم المرسل بستخدمها لإيصال رسالتة إلي أكبر عدد من الجمهور الذي هو يحدده من خلال مضمون الرسالة.قد تكون الأداة سمعية كالراديوأوسمعية وصوتية معًا كالسينما والمسرح والتلفاز والبرامج.

*التشويشماهو الإ مثير عارض، يؤثر علي الرسالة المراد إيصالها للجمهور؛ويرجع ذلك نتيجة المؤثرات الذاتية التي تؤثر علي فهم المستقبل أو أحيانا غموض المحتوي وعدم الإدراك للمغزي أو عدم وجود علاقة بين المرسل والمستقبل لإختلافات الفكر والتوجهات؛ فيصبح هناك خلل في فهم الرسالة، وبالتالي تأثير سلبي.

*التغذية الراجعة: هي مدي استجابة المستقبل إلي المضمون وتأثيره عليه، وسوف يستدل المرسل علي ذلك الأثر من خلال ردود الأفعال الناتجة عن الرسالة، وأحيانا يصعب معرفة ردود الأفعال نتيجة تغير الإدراك والتشويش علي محتوي الرسالة ذاتها.