إلى أُمراء وأميرات القلوب والبلاغة والفصاحة.أرفع هذا الجهد المتواضع وهذه البضاعة المُزجاة. وأننى لا أدَّعي الكمال في هذا الجهد المتواضع الذي أمل أن يتقبله الله تعالى بقبوله الحسن، ويدَّخِرَه ليوم الحسرة والفاقة والشفاعة

فمَنِ اسْتَنْصَحَ اللهَ وُفِّقَ، وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً هُدِيَ لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، فَإِنَّ جَارَ اللهِ آمِنٌ وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ. واعْلَمُوا أَنَّكُمْ لَنْ تَعْرِفُوا الرُّشْدَ حَتى تَعْرِفُوا الذِي تَرَكَهُ، وَلَنْ تأخُذُوا بِمِيثَاقِ الكِتَابِ حَتَّى تَعْرِفُوا الذِي نَقَضَهُ، وَلَنْ تَمَسَّكُوا بِهِ حَتَّى تَعْرِفُوا الذِي نَبَذَهُ، فَالْتَمِسُوا ذلِكَ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، فَإِنَّهُمْ عَيْشُ العِلْمِ، وَمَوْتُ الجَهْلِ، هُمُ الذِينَ يُخْبِرُكُمْ حُكْمُهُمْ عَنْ عِلْمِهِمْ، وَصَمْتُهُمْ عَنْ مَنْطِقِهِمْ وَظَاهِرُهُمْ عَنْ بَاطِنِهِمْ، لا يُخَالِفُونَ الدِّينَ ولا يَخْتَلِفُونَ فيهِ، فَهُوَ بَيْنَهُمْ شَاهِدُ صَادِقٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ

للهِ فيْكُمْ عَهْدٌ قَدَّمَهُ إليْكُمْ، وَبَقيَّةٌ اسْتَخْلَفَها عَلَيْكُمُ: كِتَابُ اللهِ الْنَاطِقُ، والقُرْآنُ الْصَادِق، والْنُورُ الْسَاطِعُ، والْضِيَاءُ الَلَامِعُ، بيِّنَةٌ بَصَائِرُهُ، مُنْكَشِفَةٌ سَرَائِرُهُ، مُتِجَلِّيَةٌ ظَواهِرُهُ، مُغْتَبِطةٌ بهِ أَشْيَاعُهُ، قَائِدٌ إِلَى الرِضْوَانِ إِتِّبَاعُهُ، مُؤدٍّ إِلَى النّجَاةِ اسْتِمَاعُهُ، بهِ تُنَالُ حُجَجُ اللهِ المُنَوَّرةُ، وَعَزَائِمُهُ الْمُفَسِّرَةُ، ومَحَارِمُهُ المُحَذَّرَةُ، وَبْيِّنَاتُهُ الجَالِيَةُ، وبَرَاهِيْنُهُ الْكَافِيَةُ، وَفَضَائِلُهُ المَنْدُوبَةُ، ورُخَصُهُ المَوْهُوبَةُ، وَشرَائِعُهُ المَكْتُوبَة

وكما أخبرنا الحبيب محمد « أَصْدَقُ الْقَوْلِ، وأَبْلغُ المَوْعِظَةِ، وأَحْسَنُ الْقَصَصِ كِتَابُ الله » .فَالقُرْآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ، حُجّةُ اللهِ على خَلْقِهِ، أَخَذَ عليهم مِيثَاقّهُ، وارْتَهَنَ عليْهِ أَنْفُسَهُمْ، أَتَمَّ نُورَهُ وَأَكْمَلَ بِهِ دِينَهُ

هذا كِتَابَ رَبِّنا فِينا مُبَيِّناً حَلاَلَهُ وَحَرَامَهُ، وَفَرَائِضَهُ وَفَضَائِلَهُ وَنَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَرُخَصَهُ وَعَزَائِمَهُ. وَخَاصَّهُ وَعَامَّهُ، وَعِبَرَهُ وَأَمْثَالَهُ، وَمُرْسَلَهُ وَمَحْدُودَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ. مُفَسِّرَاً مُجْمَلَهُ، وَمُبَيِّناً غَوَامِضَهُ. بَيْنَ مَأْخُوذٍ مِيثَاقُ عِلْمِهِ وَمُوَسَّعٍ عَلَى العِبَادِ فِي جَهْلِهِ، وَبَيْنَ مُثْبَتٍ فِي الكِتَابِ فَرْضُهُ، وَمَعْلُومٍ فِي السُّنَّةِ نَسْخُهُ، وَوَاجِبٍ فِي السُّنَّةِ أَخْذُهُ، وَمُرَخَّصٍ فِي الكِتَابِ تَرْكُهُ، وَبَيْنَ وَاجِبٍ بِوَقْتِهِ، وَزَائِلٍ فِي مُسْتَقْبَلِهِ، وَمُبَايِنٌ بَيْنَ مَحَارِمِهِ مِنْ كَبِيرٍ أَوْعَدَ عَلَيْهِ نِيرَانَهُ. أوْ صَغِيرٍ أَرْصَدَ لَهُ غُفْرَانَهُ. وَبَيْنَ مَقْبُولٍ فِي أَدْنَاهُ مُوَسَّعٍ فِي أَقْصَاهُ

 

وَتَعَلَّمُوا القُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاَوَتَهُ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْقَصَصِ، فَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ، بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ، وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ، وَهُوَ عِنْدَ اللهِ أَلْوَمُ

 

القصص: تتبع الأثر،يقال قصصت  أثره أى تتبعته. قال الله تعالى:" فارتدا على أثارهما قصصا"، أى رجعا يقصان الأثر الذى جاءا به. والقصة بالنسبة للأطفال وسيلة تربوية وتعليمية لما يتخللها من عمليات عقلية في الربط والتحليل.لذلك استخدم القرأن القصة لتكون وسيلة لنقل المعلومات والعبر.

في القرآن أخبار المستقبل وما يأتي لاحقاً من أحوال البعث والنشور والقيامة والجنة والنار والموت والبرزخ وكل ما يحصل في الأزمان القادمة المتلاحقة.

 وَالْحَدِيثَ عَنِ المَاضِي  كما أن في القرآن أخبار المستقبل كذلك فيه أخبار الأمم الخالية من الملوك والسلاطين وقصص الأنبياء السابقين وأقوالهم وما عانوه وما مروا به من أحداث، فيه كذلك كيفية بدء الخليقة من السماء والأرض والإنسان والحيوان والشجر والحجر وغير ذلك مما مضى وانتهى.

هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لاَ يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لاَ يُضِلُّ، وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لاَ يَكْذِبُ. وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ: زِيَادَةٍ فِي هُدىً، أَوْ نُقْصَانٍ فِي عَمىً . وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ، وَلاَ لِأَحَدٍ قَبْلَ القُرْآنِ مِنْ غِنىً، فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُم، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ، فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ: وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَالْغَيُّ وَالضَّلاَلُ. فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللهِ تعالى بِمِثْلِهِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ

 

وهناك حكمة من ورود القصص القرآني لعدة أمور لأمرين :

1- مواساة وتسلية للرسول محمد صلى الله عليه وسلم .

2- عبرة للمؤمنين في بيان ومعرفة عاقبة من آمن بالله وبرسله ومصير من عصى الله ورسله .

‏24‏/02‏/2021‏24‏/02‏/2021

ومن أهم خصائص القصص القرآني :

1- أن يتميز بوحدة الهدف والغرض الذي جاء من أجله ، فليس الهدف من القصص سرد الحوادث والتواريخ وأسماء الأشخاص والأماكن ، ولكن الهدف بيان العاقبة وتحصيل العبرة المرجوه .

2- يتميز القصص القرآني بالمقارنة والمقابلة بين فريقين : فإذا تحدث عن الفريق الأول مثلاً ( المؤمنين ) إنتقل مباشرة للحديث عن ( الكافرين ) ، وإذا ذكر عاقبة الفريق الأول ذكر مباشرة عاقبة الفريق الثاني .

3- أن القصص القرآني يتوزع في سور القرآن الكريم لبيان الوحدة الموضوعية للقرآن ككل .

4- أن القصص القرآني واقعي وليس خيالي .

 

أما القصص الأدبي :

1- يتميز أن أكثره يقوم على الخيال والبعد عن الواقع .

2- أنه يقوم على تشويش الحقائق والمعلومات .

3- يتميز بطابع البعد عن الإخلاق والقيم والمبادئ .

4- بعضها فيه طابع الشذوذ والإلحاد والإنحراف .