عبودية
لماذا يسعى حشد من الناس نحو العبودية؟ نحو إمتهان أنفسهم, الوضاعة والسقوط وقد يكونون أرباب علم وتربية, يشيحون بالأعلام, ويجتهدون في تضليل أنفسهم, إنها العبودية التي لا تخرج منهم, الإحساس بها طاغي, لماذا نصمم على اتخاذ العبودية منهج حايتنا, لا نقدر على مفارقته, نصنع من أنفسنا عبيدا, ونصنع منهم طغاة يجلودننا, نعطي لهم السوط, الذي يلهبون به ظهورنا, نقدم لهم القرابين, ليقسو علينا, ما نوعية هذه النفوس؟ هل يحملون بين جوانحهم قلوب تحس؟ أم أنها خاوية على عروشها, تعاني من قلة الزاد, إن منها هؤلاء الذين يؤثرون معيشة الهوان, ينسون أن الله خلقهم بشر, يمعنون في النسيان, حتى يسكتون ما بهم من ضمائر, ومشاعر تحس, أليس مهينا أن يساق أرباب التربية والتعليم, كما تساق البهائم, تساق كما تساق الخراف, بالتهديد والوعيد, إننا نعود بسرعة رهيبة نحو سنوات الإرهاب النفسي لجماهير غفيرة, لشعب برمته, تحت وطأت السجون والسوط, إنها الجمهورية الثانية في تكميم الأفواه, في تقييد الناس من أيديهم وأرجالهم, وسحبهم منها إلى الهاوية, التي يريدها أصحاب المصالح, والمرضى بالكراسي والمناصب, والنفوس التي لم تنل, ولو قدرا بسيطا من التربية والتهذيب, عاشت على الغرور, ونمت في قلوبهم الحقد والحسد, على كل نجاح, لا يأتي من غيرهم, ينسبون إلى أنفسهم ما قصرت أيديهم عن فعلها, ولازال هؤلاء المرضى, ينجحون في التأثير على الكثرة, مرة بالسوط, وأخرى بالتهديد, ولا أمل في الخلاص منهم, حتى تقبض أرواحهم النتنة, والتي أدمنت الذل الموصول فيها, عبر أجيال سابقة, إن هذه الحشود تدل على أن الأمل ضعيف في الخلاص, وليس قريب وإن صناعة الآلهة قائمة, وإن خفتت قليلا في السنوات السابقة, حتى ظننا أنها صناعة موجودة, لكنها محرمة, وأنها تصنع في الخفاء, وتحت السلم, ولكنها راجت في الأيام الأخيرة, وأنتشر بسرعة السهم, فصارت بضاعة رائجة, تباع في العلن, وعلى عينك يا تاجر, إنهم خرجوا من جحورهم, أكثر قوة, وأشد مناعة, إنهم يعيدون الزمن بقوة رهيبة, مصممون على التخلف والرجعية, وأن تصير بلادنا إلى قبيلة يسودها أصحاب المال والسلاح, ولا خير في أي أحد, ولا مجال لأحد خارج نطاق أسيادهم ومواليهم, إنه التعطش الشديد للعبودية, يبدو في أعينهم وملامحهم, في أصواتهم, حين تهتف, إنه لا مفر من المحاولات اليأسة, إنها الأغلبية والحشود, التي لا تدرك, ولا تعي, تبطش أيديهم وأرجلهم بلا شفقة, يموتون من أجل السلاسل, التي تحيط برقابهم.