خ
خالد دومه

روائي وكاتب مقال

مدة القراءة: دقيقتين

الحرب

            إننا في عالمنا الحديث أشد معرفة بأضرار الحرب وويلاتها, وما تخلفه من دمار, وليس الأمر يقتصر على الخراب المادي, وما يحصده من أرواح فالأمر في عالمنا أو في قريتنا الصغيرة, يتعدى ذلك فالخراب النفسي, حتى لغير الدول التي هي طرفي نزاع, وما يدور فيها إنما له أثر مباشر وغير مباشر على الإنسان من أقصاها إلى أدناها, ناهيك عن الأثر الأقتصادي والسياسي والإجتماعي, فالمعاناة يشترك فيها الجميع, حتى ولو لم يكن له يد في حمل سلاح, أو رمي رصاصة, ورغم إدراك العالم ووضوح ما نتحدث عنه, إلا أن هناك من يثير زوايع الحرب, ويشعل أواراها, وإذا كان لا بد من خلاف, فيجب أن نسبتعد الحرب, من أن تكون هي الحل, وليس استبعادا فقط, بل أن نلغيها من حساباتنا الدولية, فلا هو أول الحلول ولا أخرها, فالنشاط الإقتصادي في الوقت الراهن, ربما يكون كفيل في معالجة الأمور, ولو حلا مؤقتا, فالحصار الإقتصادي لدولة ما لإنتهاكها أو تعديها أو غير ذلك, مما يظهر لنا من مشكلات, ولكن المعضلة الكبرى أننا لا نجابه العدالة بقوانين تطبق على الجميع, وإنما لازال هناك محسوبيات على مستوى العالم, وفرض الرأي بأساليب غير قانوية أو ملتوية, تسارع في إنهيار الثقة واللجوء إلى الحرب وسفك الدم, فللسياسة عالمين, عالم ظاهر للعيان, يبدو متماسك ملتزم بالقوانين, لا يحابي ولا يناور وإنما تحكمه المصداقية والشفافية, في يده عصى الحكمة والحنكة, وقار هذبته الأيام والسنوات الطوال والخبرة, ولكنه من باطنه يأتي من قبله العذاب, ينفخ في النار ويسعر أخدودا عظيما لمن يخالفه الرأي أو الرؤيا, فإن فشل إقناعه في العلن, أتبع أساليب ما تحت التربيزة, ودارات مناورات ومساومات لا تحترم ضمير, وليس لها أخلاق, فالمصالح ليست أمرا مجرما أو ممنوعا, إنما الممنوع المصالح المريبة, والتي يحكمها الغش والخديعة, وتقوم على الطمع وانتهاك حقوق الأخرين, عندئذ يرفعون أقنعة الوقار والحكمة, ليظهروا بوجوههم القبيحة وأخلاقهم الرديئة, وتبدأ مؤتمرات شياطين الإنس في عالمهم الجهنمي, ونارهم التي تسعر بها قلوبهم وبواطنهم, وتظل حتى تعكر صفو الحياة, وتظهر على السطح بقوانين وشريعة, بعد أن دارت كؤس الدم تدار على أفواه الأنذال من أشباه البشر, فالعالم والحوادث يحركها أفراد يمسكون بيد التاريخ يحركونه كالدمى, ليكون تبعا لأهوائهم, وربما تدور حربا ما, وتعلن أسبابها وتأكل الأخضر واليابس, وتخط الأقلام في صراعات, ثم بعد جيل يظهر للأمور وجوه أخرى, فمن حضر الحرب ورأها لم يعرف أسبابها الحقيقة, وقد خدع بسياسة زعماء, يرى فيهم القيادة والبصيرة’ وإذا بعد جيل, تظهر أوراق وأسباب أخرى تكشف النقاب عن أشياء, لم تكن لتخطر على بال, فيعرف الحقيقة من لم يرى, وقد رأى من لا يعرف الحقيقة.

خ
خالد دومه

روائي وكاتب مقال

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات