حياتنا عبارة عن رحلة تحقيق أهداف، تختلف هذه الأهداف ما بين الصغيرة والكبيرة، وكُل على قدر همّته وشغفه، أضعت الكثير من الوقت في حياتي، وإن كنت نادماً على شيء في هذه الحياة فإنني نادمٌ على الوقت الذي هرب من بين يدي وأنا جالسٌ بلا حركة أو فكرة للتقدّم خطوة إلى الأمام على الرغم من إيماني بأن جلوس الشباب في المقاهي أو الدواوين يمكنه أن يكون مثمراً إذا ما تعاون الأصدقاء أو تلاقحت أفكارهم بشكلٍ ما، لازلت أذكر قصّة تأسيس أحد محلات الـ Ice Cream في الكويت وهي كالآتي:
“مجموعة شباب يتسامرون في أحد الديوانيات –في الكويت لدينا مكان مخصص لتجمّع الشباب والكبار في كُل منطقة وكل مجموعة أصدقاء- وهؤلاء الأصدقاء بينهم من يسافر باستمرار إلى إيطاليا، أخبرهم بروعة الـ Ice Cream الإيطالي وبدأ بتجميع آراء الأصدقاء حول تأسيس مشروع يخصّهم لإحضار العلامة التجارية إلى دولة الكويت، الأمر كان بحاجة لمبلغ مالي ضخم، لم يتراجع الأصدقاء بل تكاتفوا ودفعوا المبلغ من أموالهم الخاصّة وانطلقوا نحو النجومية في عالم المشاريع الصغيرة”
إلى هنا أكتفي بهذا القدر من قصّة التأسيس، الآن لنتحدّث عن كيف يمكننا أن لا نحقق أحلامنا! نعم أحدّثكم عن مثبطات تحقيق الأحلام لأنني مررت بهم جميعاً وسقطت في الكثير من الحُفر التي كانت في طريق تحقيق حلم أو شيء من هذا القبيل، وشاهدت قبل أيام محاضرة على شبكة TED ساهمت في ترتيب الأفكار التي أمتلكها حول هذا الموضوع.
نجاحات تحققت بين ليلة وضُحاها
لا يمكن تحقيق النجاح بهذا الشكل، لا يوجد من استيقظ من النوم ليكون أكثر البشر نجاحاً، قد يقول قائل بأن بعض مصمموا البرامج الخاصة بالتواصل الاجتماعي حققوا نجاح مثير جداً، لكن هل فكّرنا كم برامج قام بكتابته هذا المبرمج؟ هل فكرّت بالوقت الذي صرفه، هل تعلم بأن بعض البرامج هيَ نتيجة جهد بلغ عمره (تعليم كامل) أي مراحل دراسية متلاحقة تحقق بعدها النجاح الذي نرى منه الجانب المشرق دائماً، لهذا أرجو من نفسي ومنكم أن لا نفكّر بهذا الشكل، لا يمكن تحقيق هكذا نجاح ساحق إلا بالمثابرة والجهد والاجتهاد.
توجد اجابات لخريطة الطريق الخاصة بي
هذه من الوسائل القاتلة باستمرار، يمكن أن تدمّرك هذه الطريقة، ولا أعني هُنا الاستشارة التي هيَ تقوّي رأيك بالغالب وإنما بترك الآخرين يقودون حياتك بشكل ما، شاهدت العديد من الشباب الذين تركوا مصير حياتهم بأيدي أصدقاء لا يعرفون الرحمة، فاستغلوا بشكل بشع، وهذا الأمر خطر جداً فهُناك من يقودنا إلى الهلاك بأفكاره وتوجيهاته، فلتكن اختياراتنا لمن سنقطف منه النصيحة سليمة.
بعد النجاح تكون الراحة
هذا الأمر شائع جداً، فبعد أن نحقق النجاح نركن للهدوء والسكينة فلا نبتكر ولا نطوّر من مشاريعنا بشكل عام، وهذا الأمر يقتل فينا روح الابداع، ويغتال البقاء على القمّة، لا توجد راحة حقيقية في هذه الحياة، وأقتبس هُنا قول أحدهم “الراحة، ستكون في القبر حيث نكون نائمين” قد لا تكون الكلمة صحيحة 100% لكنّها تمثّل ما أود شرحه هُنا، بعد النجاح هُناك هدف آخر نُطارده.
هناك من سيحقق أحلامي
هذه الكلمة الخطيرة جداً تجعلنا نسوّف الأفكار ونُرحلّها إلى عالم الخيال، في 99% من الأمور والمشاريع الحياتية لا يوجد من يُحققها من أجلك، إن لم تتحرّك أنت فالأمور ستبقى راكدة ولن تشاهد مشروعك أو فكرتك تكون حقيقة، قبل أيّام قرأت عبر الفيسبوك كلمة لأحد الأصدقاء تمنّى فيها العمل مع مجموعة مبدعة، لاحظت أن أغلب من ردّ عليه كتب: يمكنك أنت تشكيل هذه المجموعة.
هذه الروح مطلوبة، وهذا الفِكر علينا تعميمه، لا يوجد من يحقق الأحلام من أجلك، هل ترغب بتأسيس بنك، ضع خُطة وانطلق، لا تخجل من أحلامك ولا تقلق فهيَ مجّانية، احلم وحاول تحقيقها -هذا الأمر المُكلف-، وسيكلفّك الوقت والجهد في غالب الوقت، أمّا الأموال ستأتي هيَ بين يديك إذا ما كانت أفكارك مُدرّة لهذه الأموال.
المُهم هوَ الحُلم وتحقيقه
لا، أنا أعارض هذه الفكرة بشكل كامل، المُهم هوَ الرحلة لا الحُلم، الأخطاء الصعوبات النجاحات الصغيرة هيَ التي تبني حياتك بشكل كامل، لا فقط النجاحات الكُليّة، ففي خطواتك نحو هدفك هُناك أكثر من نجاح وفشل، فلا تقلق الخبرة قادمة، اليوم كُنت في حديث مع أخي “يوسف المهنا” حول أهميّة أن يأخذ المصوّر وقته قبل أن يعلن عن نفسه علناً في المُجتمع فعلى سبيل المثال عليه اتقان الأساسيات والتجربة والخطأ والاكتشاف وهكذا، ليمتلك عين خبيرة، وقادرة على تمييز الجميل من القبيح، جرّبوا أعطوا شخص كاميرا جميلة وضعوا أمامه موضوع وأخبروه بأن يصوّر، ستجدونه فرح بهذه النتائج ولكن هل تعلمون بأنّها نتائج أوليّة قد تكون تعيسة في عين الخبراء في عالم التصوير الفوتوغرافي؟ لأنهم شاهدوا الكثير ولم يكتفوا بما عرفوه في الماضي، بل في كُل يوم لديهم هدف جديد، وأعطي هُنا مثال آخر، هل تعرفون فريق “برشلونة” الاسباني لكرة القدم؟ هوَ فريق حقق جميع أشكال البطولات في العالم، لكنّ اللاعبين لم يكتفوا في كُل موسم لديهم هدف جديد وهوَ تحقيق البطولة من جديد، لم يشعروا بالشبع، لا يزال الشغف يحرّكهم نحو تحقيق المزيد من الأهداف الصغيرة التي تشكّل صورتهم بشكل.
أخيراً
لا توجد سعادة مطلقة، أوقات الراحلة جميلة لكنّها بشكل ما تعيسة لأنّها تأخذ الكثير من الوقت في اللاشيء! فلنحاول أن تكون أوقات راحتنا مليئة بالعطاء مليئة بالأفكار مليئة بالجنون الذي يقود لتقديم شيء في هذه الحياة، نحن في هذه الحياة في رحلة نحو الحياة الأخرى، لنغتنم الفرص ولنزرع بجد، لنحصد.