عبد الرحيم سنهجي

                                                                                                               رباط الخير     08 أبريل 2014

                                                                 أينك و متاك

كم هو ممتع ركون الانسان إلى زاوية، يراقب من خلالها العالم، يتأمله. هناك بالزاوية ما يساعد الفكر لينطلق. هناك تتأمل وتتألمضروب الحال متعددة يقودها السؤال الحارق. أحيانا تنسى أينك ومتاك، منسجما حتى النخاع. قدرك أيها المتأمل أن تكون، أن تتأمل كونك باحثا فيك وفيه عن سرك وسره. لست وحدك من يكابد ويجاهد؛ ففي طريقك تأنس بهؤلاء وبأولئك. ترغب في الاطلاع على مختلف المكونات وترجح أن السر سار في كل هذه الأرجاء. هل يستطيع إكرامك بكليته؟ أم ببعضه؟ هل تستطيع إسكانه...؟

تعود إلى زاويتك تنظفها، ترتبها ثم تأخذ نفسا لمواصلة الإبحار. عرفت أنك حاولت اكتساب أبجديات الطرق كلها لعلك تقترب من الصورة في كليتها. تزعم أنك تعلمت صياغة بعض الجمل، لكنك تلفي كل ذلك، عند جمعه، لا يسعف. تقرأ للطاعنين؛ وهم يتحفونك بمشاهداتهم، فتأنس أحيانا وتقلق أخرى. لا زلت أتأمل ما همست لي به ذات حوار، عندما تجرأت على وصف بعضهم بأطفال يلعبون على الشاطئ، حيث تمدهم الأمواج من حين لآخر بما تحمله من غيابات البحر. هناك بالشاطئ يشيدون أبنية بالرمل ويأملون ركوب البحر لاستكناهه والاطلاع على أسراره. هم لم يبدؤوا ذلك بعد، فلم العجعجة التي لا تناسب كم الطحين، يقول صاحبي.

يداهمك أحيانا ما لا تعرف فحواه، يحملك للحظات إلى تلك العوالم. ها هو الآن وهنا حل بي ذلك الطيف الجميل؛ ذلك الضيف الخفيف الآسر، ذلك السر العجيب الذي يسعد بما هيئ له؛ فيكون المكوث على قدر التهييئ. أيكون هذا الزائر هو ذلك السر العجيب؛ ذلك المطلب العزيز الذي أرق وأجهد أم هو بعض ذلك فقط؟ أيكون مرسلا أم رسولا؟ أهو وعي يعي وعيه أم وعي مداهم لوعيك دون أن يعي ذلك؟ لست أدري..  ألا أدري أنت؟ أقلت لست تدري؟ متى يداهمك مرة أخرى؟ لست تدري. ألست قابضا على جوهر الدراية وأنت تعلم أنك لا تدري؟ ألم تر كيف آل ما راكمه أصحابنا في علم دقيق الدقائق إلى " لا أدري". أيكون مآلك بعد "أدريتك " "لا أدري"؟ لست أدري.. ألا يكون ما دريته وما تدريه مجرد وهم أو طيف خيال يغادرك بعد أن حط عندك للحظات فلم يلائمه المقام؟ ألا يكون "اللاأدري" ذلك الكائن الذي يقصر في إكرام ضيفه، فلا يفوز ولا ينعم بدوام طيفه.                                                                (أبو هاجر /   ذات مراقبة)