سجل لديك في موسوعة المتلازمات النفسية، واحدة جديدة ها قد خرجت طازجة من فرن التأمل المحرق ..
متلازمة الشرق الغرب والشرق الأوسط النفسية لها علامتان أساسيتان، أولاهما صورة الحضارة والتقدم والازدهار والفرص المتاحة والعدالة المطلقة والديموقراطية والحريات المدنية التي ترد على ذهنك حين يقولون (غرب).
أما ثانيهما فهي الصورة المظلمة البئيسة التي تراها حين تسمع عبارة (الشرق الأوسط)، حيث يستعيد عقلك تلقائيًا أخبار الحروب والصراعات والمذابح، وآثار التخلف بكل أشكاله ومظاهره، والبؤس البادي على وجوه الشيوخ الذين انقضت أعمارهم نضالًا من أجل أبنائهم وأحبابهم دون شعور بالأمن على المستقبل في عالم عربي يتلاشى فيه كل شيء ولا يبقى سوى الفوضى.
كلماتي موغلة في التشاؤم؛ لأنني أود أن أنفذ إلى عمق هذه المتلازمة النفسية التي يصنعها التلاعب اللغوي، فـ(الشرق الأوسط) هو وصف جغرافي لمنطقة ما في العالم، لكنه باللغة الجيوسياسية يعني (منطقة نفوذ القوى العظمى وأطماعها وملعب صراعات اللاعبين الدوليين الكبار)، وبهذه اللغة يتم التلاعب في البنية النفسية لهذه المنطقة لتتجرد من شخصيتها وهويتها، وتفقد الأمل بمستقبل يسوده السلام والازدهار، وتتلاشى بالتدريج شجاعتها في مواجهة مشكلاتها؛ ليكون المفر هو التطاحن والاحتراب أو الهجرة إلى (الغرب) حيث الفردوس الموعود.
بهذه الطريقة الماكرة، يستنفد أولئك المتخوفون من نهضة الأمة العربية المسلمة قابليتها للنهضة، ويستبدلون هذه القابلية بقابلية الاستعمار والاحتراب الداخلي، لتستمر دورة العرب في دائرة التخلف بلا أفق للنهاية، {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}.