يختلفُ النّاس في تحديد السّعادة الحقيقية باختلاف اهتماماتهم واحتياجاتهم؛ فمنهم من يَظنُّ أنّ السّعادة الحقيقية تكمنُ في امتلاكِ الأموال الطّائلة، ومنهم من يتصوّرها في بيتٍ فخمٍ وسيّارة فارهة، ومنهم من يراها في المناصب المرموقة أو في التمتُّع بجمالٍ أخّاذ، أو في تحقيق غرائز الجسد وشهوات النفس، أو في كثرة الأولاد.
إنّ السعادةَ الحقيقيةَ قرارٌ يتّخذهُ الإنسان بإراداته وصبره ورغبته، فإذا عزمَ الإنسان على أن يكونَ سعيداً سيفرحُ بأبسط الأشياء وأصغرها ويحفلُ بها، وينظرُ لها بعين الرِّضا والحب، لا السخط والكره، وسيركُل كلّ ما يُنغّص عليه فرح وسعادة يومه؛ حيثُ لن يستطيعَ الإنسان أن يمنَع الهموم والمتاعب من التحلّق حوله، لكنّه بالطّبع يستطيع أن يمنعها من دخول عقله، فوسائل التّنغيصِ وطُرقه كثيرة، لا تنتهي إلّا باتّخاذ المرء قراراً يمنحُ به نفسه السّعادة.
و هناك أربعة عوامل قد تفضي إلى السعادة هي :
1-الإيجابية. 2- القبول. 3-الاهتمام بالآخرين . 4- التحفيز الداخلي .
1- الإيجابية :تركيز المرء على الإيجابيات والاستمتاع بملذات الحياة الصغيرة، والنظر إلى هذه الحياة نظرة متفائلة، وشكر النعم، واستسهال صعاب الأمور وترك النفس على سجيتها .
2-القبول :فيعني عدم شعور المرء بالقنوط واليأس حتى تكثر العثرات والمشكلات، ومحاولة تقبل الأمور كماهي، والتكيف معها ما أمكن .
3- الاهتمام بالآخرين :فقد أشار الباحثون إلى ميل الأشخاص الذين يهتمون أكثر بالآخرين إلى أن يكونوا سعداء، ذلك أن حالة السعادة تدفع هؤلاء إلى أن يكونوا اجتماعيين أكثر و مهتمين بالآخرين، ومن المعروف أن مساعدة الآخرين عامل يعزز مفهوم السعادة كثيرًا .
4-التحفيز الداخلي :فيعني بالدوافع التي توجه المرء في أثناء العمل وممارسة الأنشطة الأخرى، فوجود معايير مادية مثلاً لا يجعلنا سعداء حقاً، وقد توصلت بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يولون المال والثروة الاهتمام الأكبر لا يشعرون بالسعادة الحقة، خلافاً لأولئك الذين لا يحفلون كثيرًا بالمال والثروة، فالأشخاص الذين تحكمهم الأهواء الخارجية ,مثل المال والثروة، هم أقل سعادة من أولئك الذين يرضون بما قسمه الله لهم في الحياة الدنيا .
للسعادة نوعان هما :
- السعادة القصيرة: وهذه السعادة تكون لفترة قصيرة من الزمن، وتكون مرتبطة بموقف أو حدث سار.
- السعادة الطويلة: وهي تستمر لفترة طويلة من الزمن، وتتجدد باستمرار حتى تكون سعادة أبدية، ويتمنى جميع الناس الوصول لها.
للسعادة خطوات :
- أول خطوات السعادة هي أن يضع أهداف في إطار حياته التي يعيشها، ويكون لها معنى ومحددة ولها وقت ينجزها به.
- مرحلة التنفيذ والتقدم في تحقيق الأهداف وذلك يزيد الشعور بالسعادة، فعندما ينقص شخص بضعة كيلوجرامات في فترة زمنية بسيطة يشعر بالسعادة، ونفس التأثير مع باقي عوامل الحياة فكلما تقدم بشكل مستمر فالسعادة تنمو وتتقدم في حياته.
- أن يسأل نفسه دائمًا ما السعادة، ويبحث عن مواضع الخلل في نفسه وأسباب التعاسة والأفكار السلبية ويحولها إلى أفكار إيجابية.
- أن يستشعر المتعة في السعادة.
- ومن أهم الطرق الفعالة للشخص المشغول دائمًا والمثقل بأعباء العمل لكي يبقى سعيدًا أن يبتعد عن الاكتئاب الذي يكتسبه من ضغط العمل، ويحرز تقدم ثابت لأهداف وضعها بنفسه.
في الختام .. لا زالَ يبحثُ الإنسانُ منذ القدم عن السّعادة، ويتحرّى طُرقها وكيفيّة تحقيقها، ويبذُل كلّ وسعه في ذلك، ساعياً بكلّ ما لديه من عقلٍ وفكرٍ ومادّة لإيجادها، لكنّها تَبقى سرّاً لم يدرك ماهيّته إلّا القليل؛ فهي شُعورٌ داخليّ يَشعرُ به الإنسان ليمنحه راحة النفس، والضمير، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب.