1- زوجان سعيدان
(1)
استيقظت قبله بنحو ساعة.. أعدت قهوة الصباح.. وأخذت تداعب النسيم ريثما يستيقظ هو الآخر فيتساقيان القهوة والحب.. وبعد لحظات، وربما دقائق- رأته يتجول في الغرفة كالباحث عن جوهرة مفقودة.. دخلت مسرعة قلقة: ما الأمر؟ أجابها بهدوئه المعتاد: لا شيء.. بل كل شيء!! ازداد قلقها عليه: من فضلك ما الأمر؟ فقال وتعلوه ابتسامة: بصراحة كنت ابحث عنك.. فاحمر وجهها خجلا وانصرفت مسرعة أيضا..
(2)
كانت تنتظر عودته على أحر من الجمر وأشد ما يكون الانتظار.. وقفت خلف الباب وهي تترقب طرقاته الرنانة المطربة.. رن هاتفها بدلا من الباب.. إنه يتصل بها.. ربما كان مشغولا في المكتب.. ربما أصابه مكروه.. ربما.. لم تسطع الرد.. أعاد الاتصال مرة أخرى.. ولم تجرؤ على استقبال المكالمة أيضا.. وأخيرا طرق الباب.. فأغمي عليها..
(3)
زارها في الكلية.. سلم عليها بمثل سلامه على زميلاتها اللائي يحطنها بحب بالغ أيضا.. عرفهم بنفسه ثم انصرف.. رن هاتفها.. إنه هو مجددا: هل أنت على ما يرام؟ أجابته بحزم: ألم تكن معنا قبل دقائق؟ رد بصوت متقطع: لكنها بالنسبة لي كالشهر.. أغلقت الهاتف واستأذنت زميلاتها.. وعادت مسرعة.
(4)
لم تستطع النوم فقد كان زوجها مشغولا في تلك الليلة.. كان منهمكا في مكتبته الصغيرة.. يعيش عشقا من نوع آخر.. قالت بصوت خفيض: أما ترى أن الليل لم يعد طفلا ولم تبق عينان سوى عينيك؟.. نظر إليها بشفقة: يبدو أنني قد أرهقت عينيك بالسهر، فاعذريني.. قالت: لا عليك يا سيدي وسأظل بجانبك.. وبعد دقائق.. التفت إليها قائلا: أما ترين أن الليل لم يعد طفلا ولم تبق عينان سوى عينيك؟ فانفجرت ضاحكة..
(5)
اقترحت عليه تأسيس مركز لتدريب الأزواج على فنون الحياة.. قال لها متسائلا: يبدو انك قد منحتيني شهادة عليا في هذا المجال؟ قالت بلهجة جادة: لست وحدي ولكن زميلاتي وجيراننا أيضا.. شكرها على فكرتها وإطرائها.. دخل إلى غرفته وأرسل لها رسالة هاتفية: (لكنهم نسوا أن وراء كل رجل عظيم امرأة).. فردت عليه: (وهذا سيكون الدرس الأول بالطبع)..
2- شاب طموح
(1)
ربما لم يستطع النوم في تلك الليلة.. ولم يغازل الكرى عينيه المرهقتين.. تحامل على نفسه.. صنع كوبا من الشاي الأخضر.. ثم اتجه إلى مكتبه.. قرر التواصل مع أحد أصدقائه لاستشارته حول موضوع مهم وعاجل.. وبينما هو يخط بأنامله المجهدة.. فإذا برسالة عاجلة من ذلك الصديق.. وكانت حول نفس الموضوع..
(2)
كان دافعه للاجتهاد والسهر- هو حبه الكبير لبلاده لا سيما مجتمعه الصغير ومسقط رأسه ومرتع صباه.. أرقه التفكير فيما يمكن أن يقدمه وفاء وعرفانا وردا للجميل.. أخذ يبحث عن صديق يناصفه العناء الذهني ويشاطره الهموم.. كتب لوحه فاخرة بخط يده: (أجمل العشق أن تبحث عمن يشاركك فيه).. وبعد عناء طويل.. وجد ذلك الشخص الذي كان يبحث عنه.. وتحقق حلمه الجميل..
(3)
ماليزيا.. كوريا.. الصين.. اليابان.. بينما كانت أنامله تغازل لوحة كمبيوتره الوفي.. كانت تلك الأسماء قد كتبت على الشاشة.. هاله الأمر.. قال في نفسه: ربما كانت مصادفة لا دلالة لها.. نسي الأمر.. وفي يوم آخر.. تكرر السيناريو.. بنفس التفاصيل.. وبدأت الفكرة في النمو: ما المانع من التجربة والمحاذر لا يتعلم.. دراسة، تجارة، أو سياحة حتى.. نهض بلا مقدمات.. وضع خطة.. وجلس ينتظر الصباح..
(4)
كان يقلب القنوات لعله يظفر بمشاهدة شيء جميل يخفف عنه رهق الحياة.. لكن إحساسه بدأ في التغير- حين أرهقه التنقل دون أن يجد مبتغاه.. نما إحساسه من نقطة التلقي إلى نقطة المشاركة.. وبدأ فورا في ترتيب أفكاره وأوراقه.. ولم يمض غير وقت قصير حتى صار نجما يشار إليه بالبنان..
(5)
تألم بشدة لمناظر الجوعى والفقراء.. تسمرت عيناه على الشاشة وهو يسمع ويشاهد آلام إخوته في الإنسانية.. أغلق جهاز التلفزيون.. لكن ملف الفقراء لم يغلق ولم يفارقه الألم.. تناول ورقة صغيرة.. كتب عليها بعض الأفكار والفرص.. أرسلها إلى صديقه المقرب.. التقيا.. رتبا أفكارهما.. وضعا النقاط على الحروف.. ولم تمض غير أسابيع حتى كانت جمعيتهما الخيرية تمارس نشاطها.. وارتسمت بسمة كانت غائبة عن وجوه كثيرة..
3- صداقة مدهشة
(1)
رن الهاتف.. سارعت بالرد على صديقتها الرائعة مثلها.. تبادلتا التحايا وعبارات المجاملة قبل أن تبادر المتصلة: أتمنى أن نجلس لبعض الوقت.. فلديّ الكثير المثير.. قاطعتها بضحكة أنثوية بريئة وهي تردد: الكثير المثير.. الكثير المثير.. فعادت المتصلة قائلة: يبدو أن الفكرة قد راقت لك بدرجة كبيرة.. ردت الصديقة بلهجة محفزة: لم ترق لي فحسب.. بل أعجبتني إلى حد الإدهاش.. ويبدو أن ثمة خواطر تتوارد إلينا في لحظات متقاربة.. والتقتا في نهاية الأسبوع وعقدتا قمة استثنائية لم يصدر بيانها الختامي بعد..
(2)
صداقتهما الجميلة.. واهتماماتهما الراقية.. دفعت إحدى الطالبات للتعرف عليهما ومحاولة الاقتراب منهما أكثر فأكثر.. وبأريحية تامة.. فتحتا قلبيهما للقادمة الجديدة.. وتعاملتا معها ببراءة ذوات العشرين.. إلا أنها لم تكن في مستوى وعي الصديقتين المخلصتين وعالمهما الشفاف.. كانت فتاة أنيقة في مظهرها.. لكنها لا تملّ من الحديث عن تسريحتها وملابسها الجديدة.. ثم لا تلبث أن تنتقل إلى السخرية من الأخريات والاستهزاء بهنّ.. تضايقت الصديقتان من تصرفات (س) كما سمياها.. فقد أحالت حياتهما إلى تعاسة وشقاء.. قررت إحداهما إنهاء علاقتها بـ (س) دون أن تخبر صديقتها بذلك.. وكانت المفاجأة أن الأخرى كانت قد قررت نفس الأمر.. وبعد صبر طويل.. صرختا في وجهها: اذهبي عنا فقد نغصت حياتنا.. واستمر عزفهما الفريد.. وما زال مستمرا..
4- كان فظاً
دفع باب المدرسة برفق.. حاملاً إليها جسده المنهك.. بعد ان أحيل إلى التقاعد.. لكنه كان قد تقاعد عن قلوب الطلبة قبل تقاعده الرسمي بسنوات..
دفع باب المدرسة بل ووصل إلى فنائها.. ولم تتدافع إليه جموع الطلاب..
لم يتدافعوا إليه.. لا لشيء إلا لأنهم كانوا في انتظار مثل هذه اللحظات ليعبروا له- وهم صامتون- عن تقديرهم وشكرهم وإعجابهم بفظاظته وعنفه غير المبرر..
تقدم خطوات في طريقه إلى مكتب المدير الجديد.. حيث لم يعد هو مديرا ولا معلما بالمدرسة حتى.. وكل ما يستطيع فعله ان يزور المدرسة غباً عساها تخفف عنه حمل الحياة الثقيل وفراغ التقاعد القاتل..
وحيث يجلس معلمو المدرسة في ظلال أشجارهم العتيقة التي يفضلونها على المكاتب- كان استقباله عاديا.. وإن كانت المجاملة قد غطت على مرارات القلوب..
تناول ما جادت به الأيدي من ماء ونحوه.. ثم قفل راجعا نحو الباب الذي دخل به.. وليته لم يدخل.. حيث كان دخوله استفتاء حقيقيا لموقعه في نفوس الطلاب.. والمعلمين..
وخسر أجيالا جديدة حية نابضة.. وخسر روافد كانت ستضيف الكثير لحياته الآخذة في الذبول.. وما ذاك إلا لأنه كان سيئ التعامل فظا..
5- كاد أن يتحطم
لقيَه مهموما شاحب الوجه.. يتقطع قلبه أسى وحسرات.. وربما كان يتمنى أن تبتلعه الأرض وتضمه بين طبقاتها المظلمة.. يتلعثم في أبسط العبارات.. فقدَ شطرا من ثقته بنفسه وشطرا آخر مما تبقى منها.. عيناه لم يعد قادرا على النظر بهما إلى الأمام وقد فرض عليهما التحديق في الأرض..
جلس إليه محاولاً استنطاقه بلطف- وهو ما يزال في شروده الغريب وآلامه الحارقة وغيابه عن عالم الأحياء..
قال له بعبارات محفزة: إن الإخفاق جزء أصيل من طبيعتنا.. بل إن لحظة الفشل ليست سوى فرصة لنا للإحساس بإنسانيتنا وبشريتنا.. واستطرد: بل إن لحظة الفشل لهي البداية الحقيقية للتعلم والتقدم.. وما الفشل إلا خطوة نحو النجاح الحقيقي المستمر..
رفع رأسه المتدلي وهو ما بين مصدق ومكذب.. وأخذ يسائل نفسه في صمت: هل يقال مثل هذا الكلام التفاؤلي العذب لفاشل يتفطر قلبه من نظرات الاحتقار وعبارات اللوم والتوبيخ..
وما بين تصديق أذنيه وتكذيب رأيه- بدا أكثر تماسكا من ذي قبل.. وبدأت قواه في استعادة حيويتها.. وإذا بعينيه يشع شيئا من بريقهما.. وإذا الجبين الشاحب يعلوه النور.. وإذا القلب المعنّى يتغشاه السرور..
وأخذ يفتح عينيه ويغمضهما وقد تغيرت الأشياء أمامهما.. بعد أن تغيرت نظرتهما إلى الأشياء حين أعيدت إليه إنسانيته.. وعلم أن الحياة إنما هي تنقل بين الثريا والثرى.. ومن ساءه زمن سرته أزمان..
6- كائن مبتسم
اِبتسمْ..
قالها بصوت خفيض، فابتسم من سمعها.. وضج الآخرون واختلطت ضحكاتهم في فضاء الحجرة الدراسية.. بينما كان (هو) واقفا وتعلوه ابتسامة..
وبعد دقائق.. وقد استعاد الطلبة أنفاسهم..
تجول بعينيه في أرجاء الفصل، ثم قال: أرجو أن يكون درسنا اليوم عن…
قاطعه الطلبة بصوت واحد: عن الابتسامة!!
وفي هذه المرة..
انطلق (هو) في موجات ضحك كادت أن تلقي به على الأرض..
تمالك نفسه بصعوبة.. وارتشف من فنجانه الصباحي المعتاد.. وتعلوه ابتسامة..
خطر له أن يؤجل (درس اليوم).. فاعتذر عن الاستمرار..
وعندما اتجه نحو الباب..
كانت ابنته الصغرى تمسح على وجهه قائلة: يا أبي كيف تضحك وأنت نائم.. و(فلان) لا يضحك أبدا.. ولن أحكي له قصصي الجميلة بعد اليوم!!
7- صوت فريد
كانت عقارب الساعة تشير إلى العاشرة وطيف من الدقائق مساء.. وكانت الحياة تسير بوتيرة واحدة بطيئة مملة.. ولم يكن بمقدور أكثر المتفائلين أن يرى بين ذرات الرمل شيئا من فضة.. في ظل كل تلك المعطيات البائسة.. والتي لا تنبئ بطبيعتها عن دالة صادقة أو معادلة صحيحة.. في ذلك الوقت تحديدا.. كان يتشبث مُجهدا ببعض الصخور.. وكان كلما اجتاز مترا هم لرحلة العودة.. فضلا عن صعوبة الصمود حتى بلوغ الذرا.. لقلة الزاد ربما.. ولقلة وندرة الرفقاء.. وهو مُجد في تسلقه لجبال المثل والقيم والإنسانية.. إذا بطارق يطرق.. وهاتف يصيح.. ومنذر يحذر وداع يبشر.. أصوات مختلطة.. ربما ميز بينها بالحدة.. والوضوح.. والعمق.. والجرأة وقد تزيا كل صوت بواحدة منها لا أكثر.. وكان من بين الأصوات ما يمتلئ إنسانية.. ويتدفق حياة وحياء.. ويتشقق سحرا وجمالا.. ويبهر ثقة وقدرة وعمقا ونضجا.. صوتٌ ولفرط صدقه ووضوحه وحماسته.. حفزه على التوقف.. لا عن رحلته الإنسانية النبيلة التي يعتز بالانتساب إليها كرسالة وهوية.. ولا عن رحلة البحث المضنية عما يسعد بني الإنسان.. كل الإنسان.. لكنه- أي الصوت- حفزه على التوقف ربما عما يخلعه على نفسه من ألقاب وصفات.. حفزه على التوقف لحظة للتفكير.. ومن ثم التوقف.. ربما مدى الحياة للتتلمذ في مدرسة الإنسانية المشرقة.. وفي قلب الحياة النابض.. مدرسة ذلك الصوت الفريد..
8- لقاء في الغربة
لم يكن لقاؤهما عاديا.. لأنهما لم يكونا عاديين بنفس القدر..
قال لها وهو يتلفت يمنة ويسرة: هل لك أن تتخيلي شكل الحياة هنا؟
ردت عليه وكأنها غير مهتمة بالأمر: الحياة هنا عادية وطبيعية جدا.. فماذا هناك؟
فتح حقيبته العتيقة برفق وأخرج منها وريقات أرهقها الترحال.. واخذ يتمتم بقلمه العجوز:
وأتخيل شكل الحياة.. ولونها..
فأنا هنا وحدي بلا قلب ولا روح
لا.. بل معي روحي فقط..
لا.. بل أنا قلبا وروحا وأفكارا هنا..
لكنها (…) ليست معي
لا.. بل معي
وأظننا لسنا معا..
لا.. بل معا
فكرا وتاريخا وآمالا.. معا
لم تخف إعجابها بعمق إحساسه بالغربة..
قالت وهي تتحسس كلماته المتناثرة: يبدو عليك شيئا من الاضطراب وفقدان التوازن!!
استنشق بعمق مواز لعمق إحساسه بالغربة.. وتناول منها كلماته المضطربة.. ووقع عليها بثقة: أحسب انك تعلمين أن الإبداع ليس إلا (مزيجا من القلق والشعور).
9- رومانسيون منسيون
(1)
سأله الزائر عن اسمه فلم يجب.. فعدّه ساذجاً لا قيمة له ولا وزن.. أعاد سؤاله السابق مرة أخرى، فلم يجب الرجل!! فقال له مستهزئا: إن كنت متزوجاً فما اسم زوجتك؟! التفت إليه القروي وقد ثارت في نفسه كوامن رومانسيتها المنسية.. وقال له بهدوء: “عندما نتمكن من تصوير أحلامنا والاحتفاظ بها.. عندها سنكتب أسماءهن على الطرقات ليعرفهن كل عابر سبيل مثلك”.
(2)
اشتكى له بعض اصدقائه مما يلاقونه من عناء في (بيوتهم).. قال أحدهم: إن زوجتي تبخل عليّ بالسُكر من شدة حرصها على المال!! اعتدل في جلسته وتنهد بقوة.. وأقبل على المشتكي قائلاً: نحن معشر الرجال.. يصعب علينا استيعاب رسائلهن أحيانا!!.. وما عليك إلا أن ترسل لها رسائل بنفس العمق.. قل لها مثلا: “إن الرجال الذين يستمرون في تناول السُّكر بعد الزواج.. ما يزالون بحاجة إلى الدراسة والتعلم في مدرسة المرأة”.
(3)
قرر أبناؤه أن تسافر والدتهم للإقامة مع شقيقهم الأكبر بعضا من الوقت بغرض الاستجمام والاستمتاع بجو مدينته المتوسطية الهادئة.. ولظروف عمله ووظيفته المرموقة- سيبقى والدهم مع الآخرين في بيتهم (الكبير) ريثما تسنح له فرصة للسفر.. أخبروه بقرارهم.. صمت طويلاً.. ثم قال لهم: “بالطبع، إن ما توصلتم إليه يا أبنائي- هو عين الصواب في الحالات العادية.. أما بالنسبة لي.. فهل يبقى لي من الحياة شيء إن أخذتم رئتيّ للاستجمام بعيدا عني”؟
10- شاب في الانتظار
في لحظة إشراق لقواه الخفية.. أخذ يتساءل: ثم ماذا؟ وإلى متى؟… كف نفسه عن التمادي في إطلاق الأسئلة.. وكفكف دمعتيه الساخنتين.. ثم أطفأ المصباح ليسافر في رحلة قاسية تتكرر كل ليلة ريثما يغفو قبيل الفجر بقليل.. ترددت على مسامعه أصداء النداء الأول- وهو لا يزال في رحلة الأرق المؤلمة.. ولما بلغ المؤذن (حي على الفلاح) تفجرت في أعماقه براكين لم يستطع كبتها.. أخذ يتمتم بكلمات يدرك أولها ولا يدري آخرها.. كلمات تتقاطر من حروفها قطرات التحرق والألم.. وربما الدماء.. لم يجدِه البكاء والتحرق والهمهمة.. فما زال ثروة بشرية عاطلة.. ربما لا يفهم هو نفسه معناها وقيمتها ودورها.. لكنها تخامر نفسه وتوشك أن تصرح بشيء ما..
تصطرع في دواخله قوى متقابلة.. يدفعه حماسه وإيمانه وما أدركه من معارف إلى البحث عن عمل مجدٍ يفرغ فيه مخزون طاقاته الفكرية والنفسية.. والبدنية .. لخدمة قضية ما.. في وطن ما.. وإن كان لا يدري على وجه الدقة ما القضية؟ وما ملامحها؟ وفي أي وطن؟.. لكنه لا يدري أنه لا يدري.. والشعور المقابل.. إحساسه بأنه لا أحد يدرك مدى ما يتمتع به من طاقة- وفكر وروح- لا ينقصها سوى التوظيف السليم المنتج أياً كان.. وإن كان لا يدري على وجه الدقة أيضا انه يشعر بذلك فعلا.. أم أن شعوره ذاك ليس إلا طيفا من خيال وصور تفتقر إلى أصل وواقع.. لكنه.. لا يدري أو لم يدرِ بعدُ أن القلق الذي يعيش في كنفه ليس إلا نتيجة للصراع الدائر بين ذينك الشعورين.
11- وما زالَ الصدقُ مستمراً
والشمسُ ترسل شعاعها الذهبي، فيسقطُ على حواف الجدران الطينية بقريته العتيقة.. وهو يقلبُ صفحته الإليكترونية مُمنياً النفسَ بتواصل صباحي رشيق..
وبينما كان- هو والشمسُ والجدرانُ- يتبادلون التحايا والنظرات.. فإذا بشخص من عالم جميل- يُطلُّ بخفةٍ على عالمهم الثلاثي المتفاعل.. وكانت وسيلته حينها رسالة قصيرة.. لكنها- برغم قصرها فقد حملتهم إلى عالمه الرحب الفسيح.. بيسر وسهولة وشوق..
منذ أن طرقَ المرسل عالمهم الثلاثي.. لم يعدْ فضاؤهم ثلاثياً بالطبع.. فقد أصبحَ رباعياً بانتمائهم إلى القادم الجديد في لحظة انتسابه إليهم.. وكان الاندماجُ الجميلُ الرائعُ كإطلالته الرشيقة..
وتساقطتْ أشعةُ الشمس في اليوم التالي على الجدران الطينية العتيقة.. لكنه لم يعُدْ صديقاً للشمس والجدران.. فقد أشرقَ على حياته ذلك الصديقُ الأنيقُ الذي أضاءَ جوانب من حياته فأصبحت أكثر وضوحاً وإشراقاً..
واستمرت الرحلةُ الرائعة.. رحلةُ الصداقة الحقيقة.. وما زالت مستمرة..
12- وما زال الحلم مستمراً
تسللَ الضوء خافتا عبر النافذة الوحيدة بغرفته الطينية.. وأخذ يشتد شيئا فشيئا.. وكان حينها بين اليقظة والمنام بعد ليلة عملٍ طويل مُجهد..
أخذ يتقلب على سريره الحديدي العتيق متحاشيا ذلك المتسلل بلا استئذان ليُعلن عن انفلاق الصبح وافتتاح يوم جديد من الجد والجلَد والمغامرة..
الأشعة التي أخذت تتساقط فيما بعد.. وصرير سريره المتهالك.. عوامل أجبرته على الاستيقاظ وإعلان الاستقلال عن مملكة النوم..
تمكن من الجلوس بصعوبة بالغة ريثما يفكر في الوقوف ومن ثم مغادرة الغرفة إلى معترك الحياة.. حيث لا يفصل بين غرفته والطريق العام سوى حائطها الشرقي المتشقق..
تحرك من مكانه بعد عناء وجهد.. خطا خطوات إلى حيث الهاتف ومن ثم مكتبته العجوز وكمبيوتره الهرم.. حاول إضاءة الغرفة.. لكن محاولته باءت بالفشل فقد نفدت الكهرباء..
تناول هاتفه الجوال.. فإذا به- مثل غرفته الصامدة- يئن من وطأة انعدام الطاقة أيضا.. وقد أصبح صندوقا لا حراك فيه ولا روح ولا حياة.. قرر العودة إلى سريره وصريره المزعج.. ريثما تصفو السماء..
ألقى بجسده المتهالك.. وانطلق مع حلم جميل رائع.. ما زالت مشاهده متماسكة ومعبرة.. وما زال ملقى على السرير.. وما زال الحلم مستمرا.. وقد صفت السماء.. لكنه ما عاد منتبهاً لها..
13- وما زال البحث جارياً
شاب مهذب.. مهندم.. سلم عليه باحترام لم يعهده من غيره.. رد عليه السلام باهتمام مماثل.. أعجب بمظهره، وتعامله الراقي.. قال في نفسه: ربما بهرته أبهة البنوك، بأثاثاتها الفاخرة، وسيراميكها.. تحسس (الكرفته).. دار بالكرسي يمنة ويسرة؛ ليكمل في ذهنه المشهد البنكي البديع الرهيب!!.. ثم عاد في رحلة خيالية إلى سنوات مضت.. حين كان يفاخر زملاءه طلبة التربية بأنهم أكثر رقيا (وأناقة) من (بني طباشير).. أصحاب الأقلام الحمراء!!..
قال للشاب: تفضل.. فطلب منه ملء (الفورم) المخصص لتوريد الشيكات؛ لأنه لا يعرف الكتابة!!..
هاله الأمر.. حاول التماسك؛ حتى لا يُحرج (الشاب).. لكنه ما استطاع؛ فأظلمت الدنيا أمامه.. أغمض عينيه، ثم فتحهما؛ ليستوثق من حقيقة الموقف.. أواقع هو أم حلم؟!.. حرك (الماوس).. قلب الأوراق التي أمامه.. تكلم مع زميله المجاور له.. تصاعدت أنفاسه.. تزايدت ضربات قلبه..
ملأ (الفورم) المطلوب.. وناول صاحبه صورة منه، ثم انصرف شاكراً!!.. وبقي هو حائراً.. لم ينصرف إلى غيره من العملاء.. انصرف الشاب (راشداً).. لكنه ما انصرف عن التفكير في أمره.. حتى صاح – في صمت-: تعلم؛ فليس المرء يولد عالما..
فصاح هاتف من داخله: من يعلمه؟!.. من يعلمه؟ وما زلت تبحث عن مزيد من الأبهة (والأناقة)؟!.. فخفض رأسه حياءً.. ثم غادر (الكاونتر)؛ وأخذ يبحث عن (الطباشيرة) وما زال البحث جاريا..
14- آمال محترقة
تقطعـت أنفاس المعلم وهو يشاهد حال الطالب خارجاً من القاعة؛ مطأطئاً رأسه؛ يبكي دماً لا يرى.. وقد طُردَ من قاعة الامتحان بسبب الرسوم الدراسية وهو يقول بلسان حاله: خرجتُ بخطىً واثقة نحـو قاعة الامتحان بعـد ليلة طويلة قاسية في مذاكرة دروسي.. خطوتُ نحو القاعة؛ أملاً في غدٍ أفضل ولكن..
تفتت كبد المعلم، سالت دموعه، اختلطت أفكاره!!.. شعـور غريب ينتابه لأول مرة في حياته!!.. كم عاني من قبل؟!!.. لكن روحه لم تهتز كاهتزازها هذه المرة!!..
قال في نفسي: دعك من هذا؛ واذهب لشأنك؛ فصاح صوته الداخلي: لا؛ بل دعك من نفسك؛ واذهب لشأنه!!.. فاستجمع بعض الجرأة؛ ونادى على الشاب: فلان!.. فلان!.. فرنا إليه بمقلتيه محدقاً، وأتى إليه بفطرة المولود: نعم يا أستاذ!..
أستاذ.. كررها في نفسه؛ وتمنى يومها لو أنه لم يولد بعد!!.. تحدث إليه، قال له بلهجة محفزة: أحُسّ بما تحمله من ألم!!.. وأنا أحمل مثله؛ بل أكثر!!.. لكن لا تدع الألم يتسرب إلى روحك أبداً!!.. من حقك أن تتألم ولكن!!.. كرر عبارته السابقة؛ وهو ينظر إليه تارة، ويخفض ناظريه تارة!!.. ثم ذكر له ما يسلّيه ويخفف عنه.. شكره الطالب وقفل راجعاً وفي نفسه آمال كادت أن تحترق لولا تدخل المعلم.
15- مهاتفة متزامنة
في الوقت الذي كان يحاول فيه مهاتفتها.. كانت هي تحاول مهاتفته أيضا.. ولم يكن توارد الخواطر بينهما عابراً فقد كانا يتبادلان الاهتمام منذ لقائها الأول.. ولم يكن اهتمامه بها تقليديا فقد كانت جديرة بالحصول على اهتمامه واحترامه أيضا وما ذلك إلا لمقدراتها ومواهبها المتميزة.. فضلا عن شخصيتها الفريدة.. كان يخصص لها مكانة كبيرة في نفسه ووجدانه وفؤاده.. وكانت هي الأخرى لا تملك إلا أن تفعل الشيء نفسه.. وحين يحدثها عن مستقبلها الذي يراه لها كانت تبادله نفس الرؤية والإحساس وتحدثه عن مستقبله الذي تراه.. ولم تكن المحادثة الهاتفية الأخيرة وتوارد الخواطر حيالها سوى نقطة تحول ومرحلة جديدة بين قلبين متقاربين..
16- حلم مزدوج
والشمس تتشارق في صباح يوم رائع.. لفتت انتباهه شقشقة الهاتف، وقد كان يترانَـنُ مدة طويلة حسبما ذكرته قائمة المكالمات الواردة..
ضغـط على الزر الأخضر.. فإذا بصوت (أخضر) أيضاً.. ينساب من الجهة الأخرى.. لم يمهله الصوت فرصة كافية لتمييزه أو التعرف على صاحبه.. قال بعـبارات دافئة صادقة طالما افتقـدتها: معاك صاحبك في الثانوية فلان الفلاني ثم انقـطع الاتصال!!
بدا له أن الشبكة نفسها قد نالها من هول المفاجأة ما مزق خطوطها وأعجزها عن الربط بين الصديقين.. ولم تكن دهشته بأقل من دهشة صديقته (الشبكة) بالطبع.. سارعـ إلى إعادة الاتصال بصديقه القديم العـزيز الغالي..
(عـفوا.. رصيدك لا يكفي لإتمام هذه المكالمة..).. هكذا أحرجته موفرة الخدمة.. ركض إلى أقرب محل (اتصالات).. أعـاد شحن الهاتف.. ثم أعـاد محاولة الاتصال..
جاءه الرد الآلي مخيبا للمرة الثانية أيضا: (عفوا.. الدوائر مشغـولة حاليا.. نرجو معاودة الاتصال لاحقا..).. أخذ يتمتم: إذاً كيف الوصول إلى فلان ودونه سوء البريد وزحمة الشبكات!! كيف!!
التقـط هاتفه الآخر- عضو الشبكة الأخرى.. اتصل بزميله مرة ثالثة.. وأعـاد المحاولة مرات ومرات، حتى استجابت الدوائر المزدحمة هنا أيضا- وسمحت لي بالدخول..
رن الجرس في الجانب الآخر.. مرة، وثانية، وثالثة.. كانت الثواني تمر ثقـيلة بين الرنة والأخرى.. تتباطأ أجزاؤها.. ويزداد احتراق أعصابه.. ويكاد يتلفها الانتظار..
أخيراً.. توارد إلى سمعه صوت بعـيد متقـطع: ألو.. ألو.. وفي (ذات اللحظات) كانت (علياء) ابنة أخته، وشقيقتها (شيماء) تحاولان إيقاظه بطريقتهما الخاصة: خالو.. يا خالو.. قوم الشاي.. الشاي.. الشاي..
فتح عيناً واحدة بصعوبة بالغة وبحذر شديد؛ حتى لا تنقطع المكالمة.. لكنه أدرك أنها لم تكن سوى رحلة حلم جميل غالٍ قد لا يتكرر..
ثم تسلل دفء الشمس عبر النافذة القـريبة.. مما اضطره إلى إعلان استيقاظه الكامل، وبصفة (رسمية).. ليدرك- من جديد- أن نشيد الصغيرتين أيضاً، لم يكن سوى حلم جميل آخر..
17- شجاعة فائقة
يا للهول..
وادي الموت.. يتمشى فيه هذا الرجل كسائح على ضفاف النيل..
إنه الرجل الوحيد الذي يعبر الوادي بلا سلاح.. بل دون أن (يجفن له رمش).. لا يحمل سكينا ولا مطواة ولا (إبرة).. فضلا عن بندقية أو سيف أو عصا..
العاملون هنا- بوادي الموت- وزبانية الليل والنهار.. لم يخطر على بالهم أن يعتدوا عليه يوما أو أن يقتربوا منه..
يعبر الوداي متى شاء ماشيا على قدميه تأكيدا لشجاعته الخارقة.. ليس معه سوى جسمه النحيل وعينيه الدقيقتين وعقله المتقد.. وثقته المفرطة بنفسه وعضلاته..
بطل الوادي.. لا يدخن ولا يتناول الكحول.. يتناول القليل من الطعام ويكثر من شرب الماء.. لكنه ليس كالماء بالطبع.. فهو نمر كاسر قاس لا يرحم.. متى لاقى عدوا ألحقه بقوائم الراحلين..
عند مروره بالوادي.. ترتجف قلوب أساطين )اللصوص( ودهاقنة )الهمباتة( ورؤساء )الشفتة( وكبار (الربّاطة).. وترتعد فرائصهم من نظراته الحارقة وحركات شفتيه الحادتين..
ينام ملء جفونه ببطن الوادي.. يسافر مع أحلامه حتى مطلع الشمس أو ارتفاعها مقدار (رمحين) أحيانا.. وهو ساكن النفس مطمئن الفواد.. لا يخشى ضربة سيف ولا طعنة (رمح).. والأسلحة بجميع صنوفها طائفة حول رأسه طوال الليل.. لا ترهبه البنادق والسواطير والخناجر.. ولا يدفعه (فرّار) إلى الفرار..
فمن يكون هذا الرجل الخارق يا تُرى؟
إنه- ببساطة- كبيرهم الذي علمهم النصب و(الهمبتة)!!
18- في حضرة الجمال
وهو في حضرة الجمال ومحرابه.. يتأمل عينيها وهي ترسل أكثر من إشارة وفكرة.. كأنها تخاطب الناظر إليها باستحياء: نعم أنتَ أملي وروحي..
هكذا يتخيل صوتها الرنان العذب وهو يجتاز الورقة البلاستيكية الأنيقة المزدانة بصورتها.. يخاله يصافح قلباً طالما عشقها بكل تفاصيله.. وحملها في أعماقه أنشودة عذبة وقصيدة مقفاة بحرفها الرقيق..
وفي محرابها.. يقف قلبه متأملاً ذلك الوجه المهيب وتلك العينين الصادقتين.. وهي تحادثه بلغتها الخاصة: مساء الخير سيدي.. فلا يتردد في الرد والتفاعل: مساء النور غاليتي.. دمتِ بخير.. ويردد في سره: حفظك الله ورعاك ومتعك بالصحة والعافية.. وحقق الله في الدنيا أمانينا..
19- قصص قصيرة جدا
(1)
اجتمعت شجيرات الصندل سرا واتفقت على تعطير فؤوس قاطعي الأشجار.. وما زالت وفية بالعهد.
(2)
بعد أن فقد قدرته على الطيران.. تأمل في الأجنحة المحلقة.. بدا عليه الارتياح: ليس المهم أن تبقى أنت.. ولكن أن تبقى رسالتك.
(3)
دعا الجد أحد أحفاده لتناول الغداء فاعتذر الحفيد بعدم رغبته في الأكل.. هنا قال الجد الحكيم: أي بني إن المائدة ملتقى للتواصل وليست اجتماعا لتناول الطعام فقط.
(4)
لقيه هاشا باشا يحمل رسالة خاصة ملخصها شكر وامتنان لقاء أفكار يرى أنه قد قدمها له في وقت سابق.. قال له: يبدو لي أن من يستحق الشكر هو أنت يا عزيزي.. فما قدمته لك من أفكار لم يكن ذا قيمة قبل التحامه بشخصيتك الناجحة مسبقا.
(5)
أحاطت به قلوب الأزهار من كل جانب.. وعطرته برحيقها الجذاب.. أعجزه الاختيار.. فقرر أن يكون صديقا لكل القلوب.
(6)
كتبت عصفورة في صفحتها الاليكترونية: كلما رماني آدمي بحجر تذكرت أن الفاشلين عادة ما يفعلون ذلك لعجزهم عن الطيران.. وقد كانت جدتي تقول ذلك.
(7)
لم تستطع الاستمرار في كبح عواطفها وكتم مشاعرها.. اضطرت الى البوح أخيرا.. وتحقق حلمها الجميل.
(8)
قال لها: هل تسمحين لي برسم صورتك؟ نظر إليها مليا ثم رسم زهرة بنفسجية.
(9)
كان لاعبا متميزا بين أقرانه.. يفعل بالكرة ما يريد.. أصابه مرض أبعده عن الملاعب.. لكنه لم يبتعد عن مجتمع الكرة.. تغير الدور ولم يتغير الانتماء.
(10)
قال له: يبدو أن أهدافك جيدة بصفة عامة لكنك بحاجة لمن يساعدك في تحقيقها. رد عليه: سأحقق أهدافي بمساعدة كل من يؤمن بها ويحترمها.. لكنني سأشق الدرب وحدي إن لم أجد من يفهم ما أصنع.
(11)
كتب إلى ابنه قبيل الامتحان: أنا من سيفرح بنجاحك، سأكون أول المهنئين. وكانت رسالته نقطة انطلاق حقيقية للابن في عالم النجاح والتفوق.
(12)
كانت صغيرة جدا عندما ودعته بكل عواطفها وهو على أعتاب سفر.. دعت له بصدق الطفولة: الله يحفظك. وما زالت كلماتها تتردد في جنبات صدره وتمنحه مزيدا من الثقة والاطمئنان.
(13)
كان ينتظر من رجل البر تحريره من رق الجوع والحاجة.. وقد تحرر منهما بالفعل، لكنه بات عبداً لرجل البر.
(14)
كان لقاؤه بها مناسبة استثنائية انتشلته من حالة إحباط أوشك على الاستيطان.
(15)
قال له: إن سلمنا بكونك فاشلا حتى اللحظة، فهل ثمة مانع من صناعة رحلة جديدة بطعم النجاح؟
(16)
تسبب الظلام الذي خيم على البلدة في اصطدام المارة ببعضهم.. اقترح مجلس الشيوخ تعيين أفراد لتوجيه المشاة.. واقترحت المعارضة تعيين أفراد آخرين للحيلولة دون اصطدام المارة بمن عينهم المجلس.
(17)
كانت لحظة فارقة في حياته.. حين سمع صوتها الرهيب لأول مرة.. وكانت آخر عهده بحاسة السمع.. فقد فقدها إلى الأبد!!
(18)
سئل طفل فقير عن أغلى أمنياته فقال: أتمنى أن أرى قطعة خبز كاملة. قيل له: هل تتمنى أكلها أم رؤيتها فقط؟ قال الصغير: كان أبي يقول لي: إن العاقل لا يتمنى شيئا مستحيلاً.
(19)
توسم سائلان فقيران في رجلين ثريين خيراً.. فقصد كل واحد منهما أحد الرجلين الموسرين.. عاد أحدهما بخفي حنين، وعاد الآخر بعطاء جزيل لكنه مصحوب بمنّ جارح.. وعندما أرخى الليل سدوله، وانصرف كل فقير إلى بيته.. بكى الأول من ألم الحرمان، ونضبت مدامع الآخر من آلام الإذلال والمنّ!!
(20)
سأل الطلاب أستاذهم الأجنبي: ما العولمة؟ أجاب الأستاذ: العولمة أن نصنع عالما يتفاوت الناس فيه بالعطاء، وليس ببطاقات الهوية.
(21)
عندما استيقظت هي.. انفلق الضياء وأشرق نور الفجر وتهيأت الشمس للإشراق.. واجتمعت حينها مشارق الضياء: هي والفجر والشمس.
(22)
استغربت بشدة عندما طلب منها كوب شاي دون سكر!! قال لها: يكفي أنه مصنوع بيديك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• معلم سوداني