أسرار التميز المعرفي.. كيف تؤسس لمشـروعـك المعـرفي الشـخـصي؟

The secrets of cognitive excellence.. How to build your cognitive project?

أحمد بابكر حمدان


 استهلال

أثبتت التجربة التاريخية أنه لا شيء يضيع؛ فالفكرة مهما كانت، تترك انطباعا معـيناً سلبياً أو ايجابياً؛ فقد تشكك في مسَـلمة من المُسلّمات، وقد تعـزز ظناً من الظنون، وقد تنبه إلى شيء منسي، وقد تنقذ أمة من كارثة محققة!! وكثيراً ما يحدث أن تأتي الفكرة قبل أوانها أو في غير محيطها.. فلا تحدث اضطراباً في الواقع العـملي، وهي أيضاً لا تضيع لأنها ستشكل الخميرة التي سوف تنبت يوماً ما أفكاراً أو حلولاً حين تجد المناخ المناسب.

(د. عبد الكريم بكار- مجلة البيان- العدد 96)


“إن المعرفة شيء رائع.. كما أن الحلم بمعرفة المجهول أكثر روعة”

(د. كمال عرفات- كتاب الذاكرة الخارجية)


(1)

سؤال مزعج Difficult question

لماذا نطلب المعرفة: لماذا نتعلم؟

لماذا نتعلم؟ Why learn))

أو: لماذا الاهتمام بالمعرفة؟

أو: ما الذي نخسره إن لم نعرف، ولم نتزود بالمعرفة؟

إنها صيغ متعددة لسؤال واحد..

إنه السؤال المزعج عادة.. ذلك الذي يبدأ بـ (لماذا)!!

يقول المفكر التربوي الدكتور عبد الكريم بكار:


“استعينوا على فهم مشاريعكم والوعي بذواتكم بجنود الفهم الستة: ماذا ولماذا وكيف وأين ومتى ومن”

(د. عبد الكريم بكار- شمعات للفتيان والفتيات)


وما دامت (لماذا) بهذا القدر من الأهمية.. فما مصدر انزعاجنا منها؟

إن عاداتنا في مجملها لا تسمح بإدراج (لماذا) في إطاراتها.. لكن الأمر يزداد غرابة عندما يتعلق عدم السماح لـ (لماذا) بالظهور حتى في عاداتنا المعرفية التي يفترض أن تتبناها لا أن تحكم عليها بالإعدام.


افتراضات أساسية.. Postulates

قبل الإجابة عن السؤال الذي وصفناه بالمزعج..

ما الذي تعنيه الكلمات التالية بالنسبة لك..

الحياة.. المجتمع.. الانتماء.. التنمية.. الحضارة..

Community… Affiliation… Development… Civilization… Life…

حسنا.. Ok

هيا بنا نوضح العلاقات العضوية بين كل من المفردات السابقة..

ولنبدأ بافتراضات قد تكون ساذجة الى حد ما.. وإن كانت معظم الاختراقات العلمية الكبرى التي تحققت للبشرية- قد بدأت بأسئلة (ساذجة) أيضا.

- التعلم والحياة.. Learning & Life

لنفترض أن من يود التعلم شخص ذو قدرة..

ما الذي يعنيه هذا الافتراض وما علاقاته بالتعلم والتحصيل المعرفي؟

الإجابة.. Answer

الإنسان الحي يفتقر عادة إلى غذاء جيد وكساء ومسكن… والحاجة إلى الغذاء متعددة ومتجددة باستمرار.. من غذاء للبدن وآخر للروح والوجدان وثالث للعقل والفكر.. وههنا تقترن الحياة بالتعلم والمعرفة..


- المجتمع والمعرفة.. Community & Knowledge

وعند الانتقال إلى محطة (المجتمع) لا بد من أن نستصحب ما حققناه من اختراق في المحطة الأولى..

ولا بأس من أن نذكر المقولة المشهورة التي تزعم “أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه”

وما نأخذه منها أن الإنسان لا بد له من العيش في (مجتمع) وبين مجموعة من بني جنسه.. وإن كان ذلك كذلك فلا بد له من التفاعل مع مجتمعه والتعامل معه.. وههنا يفتقر الإنسان أو (عضو المجتمع) إلى معرفة بمستوى ما؛ ليتمكن من تسيير حياته وإدارة أنشطته في ذلك المجتمع..


- الانتماء والتنمية.. Affiliation & Development

والمجتمعات عادة ما تواجهها مصاعب ومشكلات وتحديات وحاجات.. تتطلب حلولا ومعالجات وإسهامات تتعدد وتتفاوت أنواعها وأحجامها ومستوياتها.. وذلك بهدف المحافظة على المجتمع وعلى مكوناته..

الإسهام في تقدم المجتمع يطلق عليه (تنمية) والقيام بالفعل التنموي أياً كان إنما يتطلب معرفة بدرجة ما..

ومن نافلة القول أن الإسهام في تنمية مجتمع ما، لا يكون عادة إلا من قبل شخص يحس بالانتماء الواعي لذلك المجتمع؛ باعتبار أن الانتماء هو الشعور الدافع والمبرر للعمل وبذل الجهد..

والوعي بمعاني الانتماء للمجتمع إنما تولده المعرفة، التي نحن بصدد التبرير لبحثنا عنها وتزودنا بها.


- الانتماء الواعي وبناء الحضارة.. Affiliation & Civilization

أشخاص أحياء.. يغذون عقولهم بالمعرفة.. ويعيشون في مجتمع.. ويعملون على معالجة مشكلاته والإسهام في تنميته.. دافعهم إلى ذلك انتماء واع بأهمية التطور والتقدم وتحسين مستوى الحياة والبيئة..

أمثال هؤلاء الأشخاص، ويمكننا التعبير عنهم بـ(المجتمع).. هم بناة الحضارات العظيمة التي شهدتها البشرية في تاريخها الممتد حتى اللحظة..

وهل تبنى الحضارات بأذهان متبلدة فارغة وأفئدة فاقدة للانتماء؟

كلا بالطبع..


هل نسيتم السؤال المزعج؟

لماذا نطلب المعرفة ؟

إننا نسعى للمعرفة ونطلبها:

– لنغذي عقولنا وأذهاننا.. ولنتعرف على أنفسنا وذواتنا بصورة أفضل.. وباستمرار..

– ولنتفاعل بإيجابية مع مجتمعاتنا التي نعيش في كنفها وننعم بدفئها وحنانها..

– ثم لنعمل على تنمية مجتمعاتنا تلك، ومعالجة مشكلاتها ومواجهة التحديات التي تواجهها؛ حتى لا نفقد ظلنا الوارف ومربعنا الخصيب..

– ثم لنعمل على بناء حضارة متميزة تعبر عنا، وتصبح- من بعد- رصيدا لأجيالنا وللبشرية أيضا.

– ……………………………………………………………………..

– ……………………………………………………………………..

– ……………………………………………………………………..


تذكر أن وضوح الهدف يعد أكبر محفز على الاندفاع لتحقيقه

Objective clarity

موقعها من الإعراب!!

نحن إذن لا نطلب المعرفة لقتل أوقات الفراغ ولا نطلبها للتسلية..

وإنما لأهداف واضحة حددناها بأنفسها..

فإن كنا كما نزعم.. فما هو الموقع الجديد للمعرفة والتعلم في حياتنا؟

وبما أن الحياة عبارة عن مجموعة أنشطة إنسانية.. فهل لنا أن نعتبر الجهد المعرفي فرعا منها أم ..؟


تجربة السيد (س) Mr. (X) Experience

(السيد (س) شخصية افتراضية للتفاعل مع القارئ.. وستظهر فيما بعد شخصيات افتراضية أخرى)

السيد (س) يدير أنشطته الحياتية عبر نظام أطلق عليه (إدارة الأنشطة الشخصية بنظام الملفات الرئيسية).. ويقول عن تفاصيل تجربته:

لدي أربعة ملفات رئيسية تمثل الأنشطة التي أقوم بها حاليا وهي:

– النشاط المعرفي (المعرفة والتعلم).

– النشاط الرياضي والترفيهي؛ لأحافظ على بدني سليما.. والعقل السليم في الجسم السليم.

– النشاط المهني والإنتاجي..

– النشاط التطوعي؛ للمشاركة في خدمة مجتمعي بما توفر لدي من معرفة وتجارب..

تذكر أنه بالإضافة إلى النشاط المعرفي العام.. فإن كل نشاط إنساني يتطلب معرفة خاصة بمعنى أن تزاول نشاطاً معرفياً آخر داخل كل ملف من ملفات الأنشطة الحياتية الأخرى..

ماذا عن تجربة السيد (ق)؟

يبدو أن السيد (س) لم يكن معروفاً لدى عزيزي القارئ.. وبنفس القدر فإن عزيزنا القارئ ما يزال غير معروف بالنسبة للسيد (س)!!

وحتى يتعرف السيد (س) على القارئ الكريم.. نرجو أن يأذن لنا الأخير بالإشارة إليه بالسيد (ق)؛ ليتمكن السيد (س) من التفاعل معه بسهولة ويسر..

السيد (س) يسأل:

– ما موقع النشاط المعرفي لديك؟

– وكيف تدير أنشطتك الحياتية بصورة عامة؟ وما موقع المعرفة بالنسبة لكل نشاط من أنشطتك على حدة؟

وسؤال آخر ..

وما زلنا نطرح على أنفسنا سؤالاً بعد آخر؛ حتى نفهم ما نحن بصدده بصورة أفضل..

وقد عرفنا فيما سبق (لماذية) المعرفة والتعلم..

ثم تعرفنا على موقع المعرفة ضمن الأنشطة الحياتية..

وها نحن ذا نعود للتساؤل من جديد:

– كيف نتعلم؟ أو ما هي الخطوات التي ينبغي علينا اتباعها في عملية التحصيل المعرفي؟

– أو ماذا يجب علينا ان نفعل للتزود بالمعرفة؟


السؤال بـ (كيف).. دليل فهم وعلامة استعداد (How)

للإجابة عن السؤال السابق..

لنحاول الاتصال بالسيد (س) مرة أخرى:

– هل لك أن تتحفنا بالخطوات والمراحل التي يتطلبها التعلم حسب تجربتكم؟

كان السيد (س) متفاعلاً كعادته.. وقد وعدنا بتلبية طلبنا الذي وصفه بالمتقدم.. وما عليك عزيزنا (ق) سوى الاطلاع على الفصل التالي لتلتقي بتجربة السيد (س)..


(2)

المشروع المعرفي.. تحصيل وتوظيف وإنتاج

Knowledge project

– يقصد بعبارة مشروع معرفي: نشاط معرفي مستمر ذو أهداف محددة في كل مرحلة.

– لأن المعرفة حاجة إنسانية مستمرة ومتجددة.. فلا بد من أن يكون تحصيلها مشروعاً مستمراً ومتجدداً ايضاً..


يقول السيد (س) عما أسماه المشروع المعرفي:

إن التعلم والتحصيل المعرفي عبارة عن عملية بناء تتطلب تخطيطاً صحيحاً يراعي الحاجات المعرفية (للمتعلم) ويوازن بين طموحاته وإمكاناته واستعداداته.. ومن بعد تتطلب تنفيذاً سليماً للخطة المرسومة دون إخلال..


وحتى تبني مشروعك المعرفي الشخصي.. فإن السيد (س) يقدم لك عدة خطوات قد تساعدك في مسعاك المبارك:

– اطلب من المعرفة ما تحتاج اليه في ممارسة حياتك الطبيعية وما تتطلبه خدمة مجتمعك المحلي الصغير أو مجتمعك الإنساني الكبير.

– وحتى تكون معرفتك فعالة منتجة يفترض أن تكون ناشطاً في (مجال مهني) يتيح لك توظيف و(تطبيق) ما تحمله من علم ومعرفة..

– وعندما تكتسب خبرات عملية من نشاطك المهني.. وتضيفها إلى أرصدتك المعرفية السابقة.. يفترض أن تقدم خلاصة معرفتك وتجاربك و(وتوثقها) في صورة إنتاج ذهني (مكتوب، مسجل، مصور،..).


الكتابة .. قلب المشروع المعرفي Writing

القراءة والكتابة.. وجهان لعملة واحدة..

وما دمت قارئاً جيداً.. فما المانع من أن تكون كاتباً بنفس الدرجة؟

لا تتردد فإن ما يقف أمامك ليس إلا جملة من الأفكار الخاطئة عن الكتابة ومرافقة القلم أو الكيبورد.

أفكار خاطئة

– إن الكتابة موهبة خاصة تولد مع الشخص ولا تكتسب!!

– إن الكتابة صعبة وتحتاج إلى اطلاع واسع.. ومعرفة دقيقة بقواعد اللغة وآدابها.. وتتطلب فراغا عريضا!!

– إن الكتابة دليل على الرفاهية والترف!!

أفكار داعمة

يقدم لك السيد (س) خلاصة تجاربه في هذا الصدد:

• إن الكتابة حاجة إنسانية ونشاط شخصي يساعد في فهم واستيعاب الحياة والأحياء.

• إن الكتابة استثمار ذهني وأدة مهمة لرحلتك المعرفية.

• إن الكتابة خلاصة التفاعل بين العقل والوجدان والواقع.

• إن الكتابة بذر للفكرة في أرض قابلة للبذر وصالحة للإنبات.

• إن الكتابة إدخال للفكرة في النفس بشكل منتظم لتعميق الإيمان بها وإن كانت في ظاهرها إخراجاً للأفكار من النفس إلى الورق.

• إن الكتابة نشاط معزز للأنشطة الإنسانية الأخري.

• إن الكتابة نتيجة طبيعية للنشاط الذهني وليست ترفاً.

• إن الكتابة تسجيل للخبرات السابقة وتهيؤ للتعامل مع التالية..

يبدو أن الأفكار الايجابية السابقة عن الكتابة ستكون كافية لتصحيح تصور السيد (ق) عنها.. وبالتالي يمكنه وضع أهم لبنة في بنائه المعرفي..

وحتى يتدرب السيد (ق) على الكتابة فإن السيد (س) يتحفه بأفكار أخرى لكنها في هذه المرة عن القراءة والاطلاع:

إن الاطلاع آلية للتحصيل المعرفي.. وطبيعة الاطلاع، تحدد ما إذا كان الشخص سيصبح ذا معرفة عميقة أو مجرد مستودع للمعارف.. وحتى تطور طريقة اطلاعك سجل ملاحظاتك على النص المقروء أثناء القراءة ثم لخص الأفكار الأساسية في الموضوع بعد الانتهاء من القراءة.. وأعلم أنه ليس بالاطلاع وحده يتعلم المرء وإنما بالتفكير والتأمل أيضا..

لنجعل منها عادة معرفية Cognitive habit

بدا لنا بوضوح أن الكتابة لا بد أن تكون حاضرة خلال الاطلاع أيضا.. وما دامت بهذه الاهمية فلم لا نجعلها عادة.. ولعل هذه هي الفكرة التي يود السيد (س) أن ينقلها اليك.

كيف نجعل من الكتابة عادة معرفية:

………………………………………………………………………..

………………………………………………………………………..

………………………………………………………………………..

كن إيجابيا مبدعا ولا تكن جامعا بلا فاعلية

“نحل العسل يمتص رحيق أزهار كثيرة ومتعددة.. ولكنه يخلق مما يجمعه عسلاً جديداً كل الجدة.. من خلال عملية إبداعية معجزة خلاقة.. أما النمل فإنه يجمع ويكوم كل ما يقع عليه بلا إضافة.. وشتان بين الامتصاص ثم الإبداع.. وبين لملمة ثم ابتلاع”

(بروفيسور الهجرسي- مقدمة كتاب الذاكرة الخارجية)


(3)

النشاط المهني وتوظيف المعرفة

Vocational activity

– المعرفة لا تُطلب عبثاً وإنما للاستفادة ومنها وتوظيفها في خدمة المجتمع..

– الشخص الفعال هو من يعرف ويتعلم ويوظف معرفته لا من يطلب المعرفة ليتضخم بلا فاعلية ولا إنتاج..

– المجتمع ميدان واسع لتوظيف المعرفة وإفادة الآخرين بها..

كل ما ذكر سابقا صحيح.. ولكن..

أليس من الأنسب أن نتعرف على المعارف التي ينبغي أن نتزود بها قبل مطالبتنا بتوظيفها لخدمة المجتمع؟

يقول السيد (س): كلا!!!

ويضيف موضحا:

قبل أن تحدد المعارف التي ينبغي عليك التزود بها.. يجب عليك ان تحدد القضايا والمشكلات المجتمعية التي تتفاعل معها بدرجة أكبر وتود الإسهام في تجاوزها؛ حتى يكون تعلمك بحسب حاجات مجتمعك المحلي الصغير أو الإنساني الكبير..


قضايا مفترضة (مشكلات واحتياجات) Problems & needs

لنفترض أن مجتمعك المحلي يعاني من بعض أو معظم المشكلات المذكورة أدناه:

– التفكك الأسري.

– الأمية الأبجدية والمعرفية والتقنية.

– التدخين والمخدرات.

– انتشار العادات والسلوكات الضارة.

– تردي الخدمات الصحية.

– ضعف مؤسسات التعليم.

– التخلف الاقتصادي.

– عدم احترام القانون.

– البطالة والفقر.

– التشرد والجريمة..

– الخلافات السياسية والدينية.

– الصراعات القبلية.

– تفاهة الاهتمامات.

– عدم الاهتمام بالوقت.

– العزوف عن الزواج.

– سوء العلاقات الاجتماعية.


هل ترى أن أفراد هذا المجتمع بحاجة إلى تعلم نوعي حسب طبيعة المشكلات التي يعيشها مجتمعهم.. أم أنه لا علاقة للتعلم بتلك المشكلات؟

بعبارة أخرى:

ما تأثير المشكلات المجتمعية في طبيعة ونوع التعلم والتحصيل المعرفي؟

…………………………………………………………………………………….

إذا كانت هناك مشكلات أخرى يعاني منها مجتمعك الصغير.. اكتب ثلاثا منها فيما يلي:

1-

2-

3-

قضايا المجتمع.. منطلق التعلم الفعال

قضايا المجتمع: مشكلاته واحتياجاته

• إن قضايا المجتمع ينبغي أن تكون المحدد الرئيس لطبيعة المعارف التي يتزود بها (المتعلم) حتى يسهم بفاعلية في معالجة مشكلات مجتمعه وتجاوز الصعوبات التي تواجهه.

• إن الاهتمام بقضايا ومشكلات المجتمع شعور وإحساس إيجابي دافع للتفكير في سبل ووسائل علاجها وإصلاحها.

• إن المهتم بقضايا مجتمعه شخص ذو عقل ناضج وضمير حي ونفس كبيرة.

* إن المعرفة الجيدة تلك التي تبنى إنسانا فعالاً وتسهم في معالجة المشكلات وتنمية الحياة.

* لا بد أن يسبق النشاط المهني إدخال معرفي منظم؛ فالمعرفة هي وقود الأنشطة الإنسانية أياً كانت.

* إن المعرفة وسيلة أساسية لخدمة قضايا المجتمع والإنسانية.. والمجتمعات لا تبنيها إلا العقول الكبيرة.

* إن الاهتمام المعرفي بميدان/ حقل مهني.. أداء لواجب مجتمعي وحضاري.

* مجالك المهني مصب المعرفة التي تحملها.

* إن التفاعل الاجتماعي الإيجابي مؤشر على الوعي والخبرة الحياتية.


لعلنا قد حددنا الأهداف العامة لتعلمنا وتحصيلنا المعرفي.. أليس كذلك؟

إذن.. ما هي الخطوة التالية يا ترى؟


(4)

كيف أخدم مجتمعي معرفيا؟ How

(كن ذا تخصص معرفي في.. وتميز في ذلك التخصص)

(1) كن ذا تخصصٍ معرفي Cognitive specialization

المتخصص معرفياً هو المهتم بمجال مهني ما.. اهتماماً معرفياً يمكنه من فهم واستيعاب قضايا ومشكلات المجال.. ومن ثم الإسهام المعرفي في إثرائه وتنميته ومعالجة قضاياه ومشكلاته..


وحتى تتخصص معرفيا في أحد المجالات المهنية.. سنتعرف في هذا الفصل على أهم العوامل المؤثرة في اختيارنا مجال التخصص المعرفي:


قصة السيد (س) X story

قبل أكثر من عقدين من الزمان.. كان السيد (س) في السادسة من عمره.. حين نشبت حرب قبلية ضارية في مدينتهم الصغيرة.. ولم يكن حينها مدركاً لأسباب الحرب ولا أسباب توقفها فيما بعد..

تلك الحرب اللعينة قد توقفت فعلاً وخمد أوارها.. وعادت المدينة إلى هدوئها المعتاد.. وعادت إلى شواطئها الابتسامة.. لكن ابتسامة السيد (س) لم تعد إلى محياه منذ أن فجع قلبه بأصوات الرصاص وسحب الدخان.. ولم ينس سقوطه من أرجوحته صبيحة اشتعال الحرب..

ومضت الأيام بأهالي المدينة وتناسوا ما كان من أمر الحرب.. إلا أن السيد (س) ومع مضي الأيام كان عازماً على الغوص في التاريخ الاجتماعي والقبلي لمجتمعه الصغير للتعرف على بذور الصراع.. ومن ثم توقع ما يمكن أن يخبئه المستقبل للأجيال التالية..

قصة السيد (ص) Y story

أما السيد (ص) فلم يكن أسعد حالا من صديقه (س).. فقد عانى أشد ما تكون المعاناة- في سبيل إكمال دراسته الأساسية بالرغم من أنه كان موهوباً متقد الذكاء.. ولم يكن مدركاً حينها أن مواهبه تلك كانت مصدر شقائه في البيت والمدرسة.. لكنه أدرك ذلك فيما بعد لينطلق في رحلة بحثية مستمرة لتجنيب الأجيال الجديدة ما أصابه من شقاء..


قصة السيد (و) O story

في ليلة من ليالي الشتاء.. أصيب السيد (و) بالتهاب حاد تطلب نقله إلى المركز الصحي بالقرية.. فإذا بالمركز مغلق دون أسباب معروفة أو دون إعلان عن إغلاقه أو توقفه عن العمل..

كانت صدمة كبيرة لذوي السيد (و) الذين أخذوا في الحديث حينها عن الإدارة والمسؤولية واللامبالاة.. وهلمجرا.. إلا أن السيد (و) ومنذ ليلته تلك لم يزل باحثاً عن مكمن الخلل ومساهماً بقلمه في تشخيص الداء ووصف الدواء..


قصة السيد (ق) R story

يا ترى ما هي قصة السيد (ق) ومعاناته الشخصية وتجاربه المؤلمة مع مراكز الضعف في مجتمعه الصغير؟

وما هي المشاعر التي خرج به من معاناته تلك.. وما نوع القرار الذي اتخذه فيما بعد؟


تمثل تجاربنا الشخصية Personal experiencesفي المجتمع وما نلاقيه من عناء بسبب المشكلات المجتمعية، أهم العوامل المؤثرة في اختيارنا لمجال التخصص المعرفي.

هناك عوامل أخرى قد تؤثر في اختيارك لمجال تخصصك واهتمامك المعرفي.. اكتب ثلاثا منها فيما يلي:

1-

2-

3-


(2) تميز في تخصصك المعرفي (مقترحات عملية) Be superior

اقرأ وتعلم كل ما من شأنه تنمية مجال تخصصك المهني أو اهتمامك المعرفي..

إنك بحاجة إلى التزود بفهم وإيمان عميقين بأهمية التميز وقيمته في حياتك بصفة عامة.. ومن ثم لك أن تبحث عن تميز خاص في مجالك المعرفي..


تجاوز التقليديين

عندما شرع السيد (س) في بناء مشروعه المعرفي.. كان مرهـقاً بدرجة كبيرة من الناحية (الاجتماعية).. بل كان الأكثر أصدقاءً بين شباب جيله في مدينتهم الصغيرة..

وكان كلما شرع في التعلم والإبحار المعرفي والكتابة.. غاصت قدماه وتعثر سيره.. لكنه وبمرور الوقت وكثرة التجارب.. اكتشف سراً عظيما غير مجرى حياته وصنع منه رجلاً عظيماً..

وقد قرر السيد (س) إهداء سره العظيم للراغبين في التميز:

“إن الرغبة في الإنجاز والتميز المعرفي تتطلب منا إعادة النظر في طريقة إدارتنا لأنشطتنا الحياتية.. لا سيما تلك المتعلقة بالصداقة والتواصل الاجتماعي”


سجل نبض الخاطر

الإبحار في عالم المعرفة والتعلم المستمر يتطلب ذهناً حاضراً وطاقة عقلية كبيرة.


“الطاقة العقلية توفرها لنا دوافعنا الواضحة والمحددة”

(د. إبراهيم الفقي- المفاتيح العشرة للنجاح)


الطاقة العقلية الكبيرة إضافة إلى الاهتمام بقضايا ومشكلات المجتمع- ينتجان حركة ذهنية نشطة جداً وتدفق مستمر للأفكار بدرجة ربما تكون مزعجة.. فكيف تتعامل معها؟

استخدم الهاتف أو القلم أو أي وسيلة كتابية متوفرة لتسجيل الخواطر والأفكار المتواردة ولا تهملها حتى لا تخمد شعلة أفكارك الغالية.. فالخاطرة شرارة الذهن الخلاق..

• حاول كتابة كل ما يخطر لك- حول مشروعك- ولا تعجز فقد تصيد خاطرة ذهبية يوماً ما.

• إن كتابة الخاطرة لحظة ورودها تزيد من تدفق وانسياب الخواطر.

• إن كتابة الخواطر.. بحث عن الحكمة في ثنايا خطرات الذهن.

• إن كتابة الخواطر.. تدريب مكثف في سرعة الصياغة.

• إن كتابة الخواطر.. تلخيص وتوثيق لنبض الحياة.

• توارد الأفكار والخواطر مؤشر لحالة الاستقرار النفسي.

• إن كتابة الخواطر تبقيك على اتصال دائم بمجالك المعرفي؛ لأن الخواطر أفكار حول الموضوعات الأكثر إلحاحا على النفس.


تواصل مع وسائط الإعلام

يعد الإعلام بمختلف صوره ووسائله نشاطاً مكملاً وداعماً للأنشطة المختلفة في المجتمع..

ماذا تعني الفكرة السابقة بالنسبة لك؟

إنها تعني:

ألا تصطنع حواجز وهمية بينك وبين الوسائل الإعلامية المتوفرة في مجتمعك.

وتعني أن الإعلام ليس مجالاً مغلقاً وحصرياً لمن يحملون شهادات أكاديمية في علوم الاتصال.

والأهم من كل ما سبق:

ألا تظل أبد الدهر (مستهلكا جيداً) لما تقدمه الوسائل الاعلامية دون أن تفكر في إمكانية أن تصبح منتجاً أو مشاركاً فيما تنتجه تلك الوسائل..

تواصل مع وسائل الإعلام في إطار تخصصك/ مجالك المعرفي لتجعل منها ساحة لمشروعك ودافعاً للتميز.. وأقرب الوسائل الإعلامية إليك هي الصحافة، ورقية وإليكترونية.

بإمكانك تجهيز ملف أنيق يحتوي على بعض محاولاتك وإبداعاتك الكتابية لتقديمه إلى صحيفتك المفضلة وتهيأ لرؤيته منشورا على صفحاتها ولو بعد حين.. أو أن تعمد إلى الفضاء الواسع، فضاء الانترنت؛ لتنشر بلا انتظار وتبني جمهورك الخاص.. وما النجاح إلا سلسلة محاولات فاشلة.

اقترح أفكاراً أخرى للتميز المعرفي:

1-

2-

3-

أخيراً..

تذكر أن ما تقوم به ” أمر ذو قيمة” valuable topic