خير أمة

قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

حيث أورد الإمام السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية قوله: "مدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله وجهادهم على ذلك وبذل المستطاع  في ردهم عن ضلالهم وغيهم وعصيانهم، فبهذا كانوا خير أمة أخرجت  للناس".

ومن منطلق هذه الخيرية في الآية الكريمة، كانت مبادرة سيدي صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينة المنورة، والذي تبنى مشروعاً  قيّماً يستفيد منه الصغير والكبير، ويشترك في ذلك الأجر العظيم كل من ساهم  في المبادرة بفكرة أو بتنفيذها.

وتهدف هذه المبادرة إلى: تعزيز وترسيخ القيم الإسلامية، تعزيز وترسيخ مفاهيم التعايش والتلاحم، استثمار مكانة المدينة المنورة الدينية والتاريخية في تنمية المجتمع، بناء برامج داعمة للقيم ومعززة للسلوك الإيجابي.

وقد ساهمت بنقل تلك المبادرة لطلابي الأعزاء، من خلال بداية كل حصة، وإعطاء لمحة مختصرة عن صفة من الصفات الأخلاقية، ثم تقديم الدرس، حتى بعد تحول الدراسة عن بُعد، لم تتوقف تلك المبادرة، فاستمرت كما هي دون انقطاع ولله الحمد.

ومن منطلق نقل الخبرة لكل معلم ومعلمة، وأب وأم، وكل مهتم بتربية الأبناء، ستكون – بحول الله - هناك مقالات متنوعة تتناول الصفات الأخلاقية الإسلامية.

وأولها (الأمانة) فالأمانة من أعظم الصفات، والتي كان يتصف بها رسولنا الأمين عليه الصلاة والسلام قبل تكليفه بالرسالة، وبالأمانة تصان حقوق الله وعباده.

ومعنى الأمانة في اللغة العربية: الأَمانُ والأَمانةُ بمعنى وقد أَمِنْتُ فأَنا أَمِنٌ، وآمَنْتُ غيري من الأَمْن والأَمان. والأَمْنُ ضدُّ الخوف. الأَمانةُ ضدُّ الخِيانة. (لسان العرب) وهي سكون القلب.

وفي الاصطلاح: الأمانة: هي كلُّ حقٍّ لزمك أداؤه وحفظه. (فيض القدير)

قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } (الأنفال:27).

وجاء في الحديث الشريف: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا وعَدَ أخْلَفَ، وإذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري.

وعلى المربي أن يعي أن الأمانة تشمل أمور عديدة، ومنها: الوقت، الصحة، السمع، البصر... فيوضح للمتربي أن الوقت الذي يقضيه في طاعة الله، أو بما يفيد دينه ومستقبله في تعلم ما ينفعه، خير له من إضاعة الوقت في معصية الله أو دون فوائد تعود عليه بالنفع، ومنها استنزاف الوقت في الألعاب وتصفح الإنترنت دون أن يكتسب مهارات ومعارف لبناء مستقبله. فالوقت أمانة يجب أن يستغل بكل ما هو مفيد.

أما عن الصحة، يجب أن يستشعر الوالدين أهمية التغذية الصحية السليمة للأبناء، والابتعاد قدر الإمكان عن تناول الأطعمة والمشروبات التي لا تبني الأجسام البنية الصحية السليمة، فالأبناء أمانة وتغذيتهم بالشكل الصحيح تقع على عاتق الوالدين، كذلك هو حال النوم مبكراً، وممارسة الرياضة كالمشي أو غيرها من أنواع الرياضة المناسبة حسب الجنس والعمر.

ويحرص المربي أن يغرس في نفوس الأبناء أن السمع أمانة أودعها الله بنا، فيجب أن نستمع لما يفيد ونؤجر عليه مثل: القرآن الكريم، البرامج الدينية أو التعليمية، وتجنب الاستماع إلى ما لا يفيد من أغاني أو برامج لا تعود إلينا بالنفع، فلا نضيع أوقاتنا بالاستماع إليها.

أما عن نعمة البصر التي أكرمنا الله بها، يجب أن تستغل فيما يرضي الله عز وجل، أيهما أفضل؟ أن نستغل هذه النعمة في النظر إلى المصحف الشريف، وقراءة الكتب النافعة، والبرامج المفيدة، أو ننظر إلى أشياء لا تفيد دنيانا وآخرتنا؟

الآباء وفروا سبل الراحة للأبناء وجهزوا لهم الأجهزة خلال التعليم عن بُعد، والبعض منهم قد يترك ابنه دون رقابة، لذلك من الضروري أن تكون هناك رقابة ذاتية، ولن تتأتى إلا بتوفيق الله أولاً، ثم بالتربية والنصح بحول الله تعالى، والدعاء لهم بالصلاح والهداية.

وعلى المعلم أن يُشعر طلابه ويحثهم على أداء الأمانة بتحملهم المسؤولية التي أودعها الله سبحانه وتعالى إياهم أولاً، ثم أمانتهم تجاه الوالدين، وليكرسوا أوقاتهم وجهودهم في طلب العلم ونيل أعلى الدرجات لينفعوا أنفسهم ووالديهم، ويساهموا في بناء الوطن الغالي.

المقال في صحيفة عيون المدينة