أي جي هوج في مقالة له بعنوان تعلم اللغة الانجليزية كما يتعلم الاطفال, يروي قصة معاناة تلميذة مع تعلم اللغة الانجليزية, حيث يقول ان يامي ايماي يابانية الاصل تدرس بمعدل 4 ساعات يوميا, وانها تحقق نتائج عالية في الاختبارات التحريرية, لكن بالرغم من ذلك فان لديها مشكلة في مهارتي السماع والكلام, ويضيف القول بان لديها مشكلة حتى في فهم المحادثات البسيطة جدا, وان حديثها بطىء ومليء بالاخطاء..

ويؤكد ان هذه اشكالية ملايين التلاميذ في العالم قاطبة..ويرى ان هذه الاشكالية وجدت لان طريقة التعلم تعتمد المنهجية التقليدية التي تركز على تعلم القواعد والمفردات من خلال الكتب المقررة التي تعتمد الكم وليس الكيف, ويعتقد ان هذه طريقة جيدة اذا كان الهدف من التعلم هو تحقيق نتائج جيدة  في الاختبارات لكنها فاشلة في عملية  -تعلم اللغة الثانية- التواصل.

وحسب هوج فان التعليم قد بدأ منهجية جديدة  لحل هذه الاشكالية, وهذه الطريقة تدعى " السماع اولا" وهذه الطريقة لتعلم اللغة كانت قد طورت بواسطة الدكتور جي مارفين براون, فقد لاحظ براون ان الناس حينما ينتقلون الى دولة اخرى, فان اطفالهم يتقنون اللغة الجديدة كما السكان الاصليين ويتعلمونها اسرع من ابائهم, والحقيقة حسب قول هوج ان معظم خبراء اللغويات يؤمنون بان الاطفال لديهم مقدرة لغوية خاصة وان هذه المقدرة يفقدونها بالتدريج مع نموهم العقلي والجسماني..بينما يرى بروان خلاف ذلك, حيث يعتقد  انه بالرغم من صحة ذلك المفهوم الا ان طريقة التعلم بين الكبار والصغار هي التي تصنع الفرق.

براون يوضح ان الاطفال يركزون اكثر على السماع خلال السنة الاولى من التعلم وانهم نادرا ما يتكلمون, وقد اطلق عليها "الفترة السماعية", بينما الكبار, غالبا ما يركزون على الكلام ويجبرون انفسهم على الكلام باسرع ما يمكن. ولذلك فهو يؤمن ان هذه الالية هي التي جعلت الاطفال يتفوقون في تعلم واكتساب اللغة..

والحقيقة ان نظرية براون اصبحت من بين النظريات الثورية في التعلم, والنظرية او ما يعرف بـ

"Automatic Language Growth Approach"

  تنص على ان التلاميذ والطلاب يجب ان يركزوا في المراحل الاولى من التعلم على الاستماع والاستمتاع بسماع القصص فقط, والمدة المقترحة بين 700 الى 1000 ساعة, ولا يمنع الطفل او الطالب من الكلام اذا كان يؤديه بشكل عفوي و بدون تكلف..هنا يؤكد ولعله يتفق مع كراشن ان التلميذ سيقبل على تعلم اللغة وسيتفوق فيها اذا ما كان لديه "الفضول" لتعلم مفردات جديدة,

Curiosity for learning new words

وهذه الخاصية او الدافعية لن تغرس في وجدان الكثير من الاطفال (خاصة ممن تكون انظمة عمل ادمغتهم غير عملية لتعلم اللغة)  اذا كانت البداية تسير بشكل مقلوب كما في التعليم التقليدي, حيث التوبيخ والجزر والعقاب, ولذلك فهو  يرى ان تهيئة بيئة مشابة  للبيئة التي اكتسب فيها لغته الاصلية, هي الاكثر منطقية وعملية خاصة في المرحلة الاولى او مرحلة التأسيس,  الذي يعتقد انه  اذا ما سارت بشكل طبيعي فان الطفل سيمضي في التعلم بتفوق في المراحل المتقدمة اللاحقة..

الحقيقة ان نظرية براون اصبحت من بين النظريات الثورية في التعلم, والنظرية او ما يعرف بطريقة

"Automatic Language Growth Approach"

 والطريقة تنص على ان التلاميذ والطلاب يجب ان يركزوا في المراحل الاولى من التعلم على الاستماع فقط, والمدة المقترحة بين 700 الى 1000 ساعة, ولا يمنع الطفل او لطالب من الكلام اذا كان يؤديه بشكل عفوي  وبدون محاولة فيها اجهاد..

والحقيقة ان هذه الطريقة قد وجدت صدى واسع وتم الاعتراف بها من قبل الدوائر والمؤسسات العلمية والتربوية, ففي جامعة هانكوك , تايلند  اسس ديفد لونج برنامجا مخصصا لتعلم اللغة الانجليزية وفق طريقة براون

حيث بدأ تعليم اللغة الانجليزية للمرحلة الاولى, عام واحد, بالسماع, وهي الفترة التي يسميها براون "فترة السماع" في هذه الفترة يعرض على المتعلم سواء الصغار او الكبار قصص وروايات او مواقف مزودة بصور توضح المعنى المراد او يقوم المعلم برسم صور توضح  المقصود وهكذا يستمر الدرس يوميا ولمدة عام كامل قبل ان ينتقل للتعليم التقليدي.. لونج اكد ان النتائج كانت مبهرة وان التلاميذ الكبار حققوا نتائج نوعية لا تقل عن ما يحققه الاطفال, و ان الكبار حينما سمعوا لغة طبيعية ولم يجبروا على الكلام لمدة عام كامل  اصبحوا اكثر طلاقة, واصبحت لهجتهم مساوية تقريبا  للهجة الاصلية.. 

طبعا الفكرة بسيطة جدا لكن ما هي اشكالية التطبيق

الاشكالية هي في تصميم برامج او "سيديات" مخصصة  لهذا الغرض وفي حدود المستوى الاستيعابي للمتعلم, أي ان تكون المفردة او اللغة المراد تعليمها قريبة من القدرة الاستيعابية للمتعلم او ربما بمستوى اعلى بقليل حسب فرضية كراشن أي بلاس 1, لانه في حالة وجود فارق كبير بين المحتوى والقدرة الاستيعابية للمتعلم فان هذه اللغة  ستصبح مجرد اصوات  لن يستفيد منها في التعلم..

يرى الكثير من التربويين انه ربما افضل طريقة للمعلم المبتدء في هذا المجال هي تأليف قصص وتسجيلها في "سيديات"مرنة باللغة المراد تعلمها وتزود بصور توضيحية, وان تكون ذات محتوى مشابه تماما لمحتوى القصة او النص في اللغة الام, تسجل القصة بصوت واضح ويفضل صوت مواطني اللغة الاصلية,  يقوم المعلم بقرائتها باللغة الاولى "لغة الام" اذا كان في الفصل الدراسي او حتى في البيت في حالة التعلم الذاتي,  ثم يوجه التلاميذ لسماعها مسجلة باللغة الثانية,  تكرر قراءة القصة مرات ومرات لفترة معينة ومن ثم ينتقل لقصة اخرى او نص مترجم لمادة او معلومة اخرى وهكذا دواليك. الحقيقة  ان هذه فكرة فد راودتني منذو فترة غير قصيرة, وقد اخترت مسمى "سلسلة اتقان اللغة الثانية  تبدأ من السماع اولا" وقد عاودتني الفكرة الان نظرا لتطور تقنية الانترنت وكذلك لاني خلال بحثي حول هذا الموضوع وجدت المنتديات الغربية تعج بالاصوات المتسائلة عن مدى امكانية توفر مثل هذه البرامج "السيديات" المتخصصة في تعلم اللغة اليابانية والصينية, واتصور ان وضع برامج كهذه ستكون مشاريع كبيرة مستقبلا و قد لا ابالغ اذا قلت ان رؤوس الاموال  التي تستثمر في هذه البرامج التعليمية ستدر مبالغ خيالية وربما تنافس ميكروسوفت والسبب ان تعلم اللغة الثانية في محيطنا العربي والاسلامي في المستقبل المنظور سيكون خيارا الزاميا لا مفر منه, وثانيا,  ان هذه البرامج اذا ما احسن تصميمها ستجعل تعلم اللغة الثانية امرا سهلا ما يلزم الكل بتوجيه اولاده الى شغر فراغهم فيما يعود عليهم بالنفع بدلا من اهداره في تصفح مالا  طائل منه. ويبقى التحدي امام المنتجين هو من يصمم برامج "سيديات" بلغة راقية ومناسبة ومحفزة  للتعلم ومبنية على منهجية علمية لغوية متدرجة ..


ملاحظة:الموضوع كتبته قبل عقد من الزمان.. الرجاء اخذ ذلك بعين الاعتبار خاصة في وسائل التواصل المتجددة المعينة على تعلم اللغة الثانية من خلال السماع مثل اليوتيوب والسناب شات وغيرها

د. سالم موسى القحطاني