#الميزان_الفطري_الاخلاقي_الاسلامي يوفق بين الفرد والمجتمع..
الإسلام هذه اللفظة انتزعت من عدة معاني منها التوحيد الخالص (..حنيفا مسلماً..)والدين الخاتم المسلم به عند الله وعند الناس ومنها التسليم لأمرالله بما جاء عن النبي الخاتم وأيضاً تأتي بمعنى السلم ويقابلها الحرب مثلما قال الرسول الكريم (في الإسلام الحالة السائدة السلم والحالة الشاذة هي الحرب) والسلام اسم من أسماء الله الحسنى الأمان والسكينة والسكن قال تعالى:(.. لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ )(127الانعام ) وأيضاً( سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24الرعد)
اليوم نتحدث عن نظرة النظام الإسلامي للفرد وللمجتمع فهو لاينظر بعين واحدة مثل النظام الشيوعي الاشتراكي يجعل الجماعة أو الجماهير دون الفرد هي الأساس وكذلك النظام الرأسمالي يجعل الأفراد أو الفرد دون الجماهير هي أساسها
بالنسبة للشيوعية نقول لهم فالمقياس الفطري والميزان الأخلاقي الذي أودعه الله تعالى عند الإنسان جعله محب لنفسه
قال تعالى في الفطرة (فطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30الروم) وأيضاً وصبغتها البيضاء (...صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138البقرة)
والحب للنفس نوعان :حب محمود وحب مذموم الأنانية على حساب الآخرين ممقوتة والأنا بمقدار لاضرر ولاضرارممدوحة (الإمام الحسين-عليه السلام- في معركة الطف يرتجز ويقول (أنا )أنا الحسين بن علي آليت أن لاأنثني هذه الأنا العالية)وكذلك الإمام السجاد-عليه السلام-( أنا بن مكة ومنى ..)فالإنسان ونفسه وطاقته الطاقة الراقدة والطاقة المتيقظة (يا من أرقدني في مهاد أمنه وأمانه وأيقظني إلى ما منحني به من مننه وإحسانه..)دعاء الصباح
(فهو متساوي بالقوة لكن متفاوت بالفعل حسب ماأودعه الله فيه من مقومات النفس فكيف نساوي بين ساعات العمل القصيرة وساعات العمل الطويلة بالأجرة وكيف بالعامل الماهر والعامل غير الماهر نساويهم بالعطاء إنه تدارك معاني المنكر لمبدأ العلية لأن المنتوج الذي يعمله العامل الماهر فيه جودة بعكس غير الماهر رديء وهذه سرقة للحقوق والاستبداد للطاقات وهم يجعلون ساعات العمل للمرأة أقل من الرجل وذلك لقانون تداعي المعاني المنكر لمبدأ العلية وهم يعللون أن المرأة أقل تحمل من الرجل وكذلك وأن المرأة عنده واجبات بيتية من إعداد الطعام للأسرة وأنه يجب تواجدها مع أولادها لكي لاتفقد الحنان مع أطفالها أنها تناقضات وتهافتات وفشل ؟؟!!
وأخيراً نقول لهم كيف معاملة القطاع الخاص والاستثمار الخارجي ؟؟!!
ونقول للنظام الرأسمالي هل حبك لنفسك من خلال التركيز على الفرد هل يتيح لك التجاوز على حقوق الجماعة من قبيل العمل بالربا والتجارة بالتضارب التغامري والاحتكارالسلعي والقيمي للمادة من خلال العملة والمحافظة على سعر السوق وعدم انخفاضه من خلال رمي الفائض من المحصول كـ (الحنطة والرز)في البحر لأجل المحافظة على ازدياد سعر السوق وعدم انخفاضه هل هذه الآدمية أو الإنسانية والرحمة للبشر الذين يموتون من الجوع فمنهم يأكل وجبة واحدة في اليوم كالمجتمعات الأفريقية إنها شريعة الغاب وكيف يتعاملون مع القطاع العام من ناحية المساواة مع القطاع الخاص ؟؟!!
قد يقول قائل لكن اليوم تجد الدول الرأسمالية اقتصادها مستقر وعندهم قيم أخلاقية نقول أن الطبقة الحاكمة من (البيروقراطية) حكم المكاتب يعتبرون الدولة برمتها ملك خاص لهم مثل أمراء وملوك بعض الدول الخليجية لكن لو ركزت على الطبقة الواسعة الكادحة تجدهم فقراء والمغلوب عليهم حاقدون على الطبقة البرجوازية (المثالية)(والبروتوريا)التفرقةالعنصرية على أوجها والدليل التظاهرات في كل فترة وكذلك هم كل وقت يغيرون بالقوانين وبعض النظرية (الأيديولوجية) للنظام وأن اقتصادهم آيل للإفلاس أو الركود مستقبلاً حسب قرائتهم فلابد من غزو جديد للبلدان هل هذه قيم أخلاقية ؟؟؟
أما النظام الإسلامي حسب ماقاله الثقل الأكبر للإسلام القرآن :فقد اهتم بالفرد والمجتمع معاً بالفرد حيث :
قال تعالى ...( ولا تنس نصيبك من الدنيا ..) (القصص77)
فالفطرة جعلت الإنسان يحب نفسه بما يراعى فيه الشريعة وحسب موازينها فقد حلل البيع وحرم الربا وحلل الزواج وحرم الزنا وحلل الطعام الخالص واللحوم المذكاة وغيره وحرم الميتة و.... وحرم تلك لعلة لأسباب صحية وأيضاً غيبية منها امتثال لأمر الله تعالى
الله تعالى لم يحرم الإنسان من نعمه( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ..)(الاعراف 32)
و(..
َقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ( (التوبة 105)هذا الجزء من الآية ليس مخصص فقط بالدين والآخرة بل بمجالات الدنيا فلها مفهوم انتزاعي فالمهندس يتنافس مع مهندس آخر علمياً في العمل والاختراع مثلما قال الرسول الكريم (رحم الله امرء عمل عملاً فأتقنه )
وعلى المستوى الجمعي فقد شرع أحكام ووضع أخلاقيات للقسط بين الفرد والمجتمع منها قوله تعالى :
(مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ.. )(الحشر7)
فتوزيع المال على المجتمع بالقسط لكي لايحتكره الأغنياء بل ينعم به كافة أفراد المجتمع ومنهم الطبقة الفقيرة التي هي أعوز من غيرها لسد رمقها لكي لاتكفر بالدين وكما قال الصالحون( كاد الفقر أن يكون كفرا )على أنه يجر إلى الكفر
ولمعرفة تفاصيل أكثر حول النظرية الانتزاعية الإسلامية لنسير مع المحقق العظيم الأستاذ الفيلسوف الصرخي الحسني (في كتاب فلسفتنا بأسلوب وبيان واضح 2) وقد وضع عناوين عديدة وآخرها حيث كان العنوان :
"فلسفتنا" بأسلوبٍ وبَيَانٍ واضِحٍ الجزء (2)
الإسلام ما بين الأفلاطونيّة والعقليّين والنظريّة الحسّيّة والماركسيّة
بيان وتوجيه وتعديل لما جاء في بحوث "فلسفتنا" للشهيد السيّد محمد باقر الصدر (قدس سره)
السيد الصرخي الحسني
أهم الموضوعات:
- تساؤلاتٌ حول الإدراك..أساسُ المعرفة
- تداعي المعاني..نظريّةُ الحسِّـيِّين..إلغاءٌ للتصديق
- نظريّةُ الاستذكار الأفلاطونيّة..قضايا متهافتةٌ
- النظريّةُ العقليّةُ..تهافتٌ تحليلًا وفلسفةً
- النظريّةُ الحسِّيّةُ..خطواتُ فشلِها
- النظريّةُ الحسّيّةُ.. تَبَنّي الماركسيّة
المبحث السادس:
نظرية الانتزاع الإسلامية ..اتساق مع البرهان والتجربة
الموضوع الأول: نظرية الانتزاع الإسلامية .. احساس وابتكار
نظرية الانتزاع :هي نظرية الفلاسفة الاسلاميين بصورة عامة ، وتتلخص هذه النظرية في تقسيم التصورات الذهنية إلى قسمين تصورات أولية وتصورات ثانوية :
1- التصورات الأولية : هي الأساس التصوري للذهن البشري ، وتتولد هذه التصورات من الاحساس بمحتوياتها بصورة مباشرة ،فنحن نتصور الحرارة لأننا أدركناها باللمس، ونتصور اللون لأننا أدركناه بالبصر، ونتصور الحلاوة لأننا أدركناها بالذوق ،ونتصور الرائحة لأننا أدركناها بالشم ،وهكذا جميع المعاني التي ندركها بحواسنا ،فأن الاحساس بكل واحد منها هو السبب في تصوره ووجوده فكرة عنه في الذهن البشري ،وتتشكل من هذه المعاني القاعدة الأولية للتصور.
2- التصورات الثانوية: وهي التي ينشئها الذهن بناء على القاعدة الأولي للتصور، فبعد أن ندرك المعاني بحواسنا فإننا نتصورها ، فيكون لها فكرة ووجود في الذهن، فتتشكل في الذهن قاعدة معاني تصورية أولية، ومن هنا تبدأ وظيفة الابتكار والانشاء ، وهي التي نصطلح عليها هذه النظرية بلفظ (الانتزاع )، فيولد الذهن مفاهيم جديدة من تلك المعاني الأولية ،وهذه المعاني الجديدة خارجة عن طاقة الحس وإن كانت مستنبطة ومستخرجة من المعاني التي يقدمها الحس إلى الذهن والفكر.
الموضوع الثاني
نظرية الانتزاع الإسلامية .. البرهان والتجربة .. التوافقات التصورية
وهذه النظرية تتسق وتنتظم وتجتمع مع البرهان والتجربة، ويمكنها أن تفسر جميع المفردات التصورية تفسيرًا متماسكاً ،فعلى ضوء هذه النظرية نستطيع أن نفهم كيف انبثقت مفاهيم (العلة والمعلول ، الجوهر والعرض، الوجود والعدم، الوحدة والكثرة) في الذهن البشري، إنها كلها مفاهيم انتزاعية يبتكرها الذهن على ضوء المعاني المحسوسة.
فنحن نحس - مثلا- بغليان الماء حين تبلغ درجة حرارته مئة، وقد يتكرر احساسنا بهاتين الظاهرتين – ظاهرتي الغليان والحرارة – آلاف المرات ولانحس بعلية الحرارة للغليان مطلقاً، وإنما الذهن هو الذي ينتزع مفهوم العلية من الظاهرتين اللتين يقدمهما الحس إلى مجال التصور.
ولانستطيع في مجالنا المحدود أن نعرض كيفية الانتزاع الذهني وأنواعه وأقسامه؛ لأننا لانتناول في دراستنا الخاطفة هذه إلا الإشارة إلى الخطوط العريضة1.
يراجع: الإشارات والتنبيهات، 2/353 وشرح المنظومة،2/163.
لمعرفة المزيد عليكم بالدخول إلى الرابط التالي