من خلال تضاريس الأرض التي كسيت باللون الاخضر ، وفضاءات السماء التي لبدتها السحب بالغيوم الممطرة ، نصادف هذه الأيام مشاهد ومناظر هي من وحي الطبيعية، أسرت قلوب الناس وأخذت بتلابيبها الي خيالات رحبة، هي أبعد ماتكون توصيفاً مما يدركه تصور واسع الخيال فينا ، فالناظر اليها، يحتار في شرحها ووصفهاورسمها، 

روعة المنظر جعلتنا نقطع علاقتنا بالزمن لفترة وجيزة، نتجمد امامه متأملين روعته التي حبست أنفاسنا ، نمعن النظر ثم نعيد الكَرة مراراً وتكرارا، لنسترجع عبرها اجمل اللحظات التي مررنا بها طيلة وجودنا على ظهر الأرض ،

 ومن خلال هذه الأجواء استحضر أشعة الشمس لحظة شروقها وتساقط زخات المطر عليها، وهي تبدو ككتلة من الذهب الذي سطع بريقه مالئاً ارجاء الأفق شعاعاً، غاية مايمكنني قوله في وصف هذا المشهد هو ان قطرات المطر تلك، ماهي الا قلادة من الذهب الخالص انفرط عقدها في السماء وتناثرت حباتها في جبين الهواء الطلق، لترسم أجمل وأروع لوحات الطبيعة ، 

كيف بك عزيزي القاريء وهي تحبو رويداً رويداً على ضفاف البحر نحو الغروب، بل كيف بك بحلول الظلام الدامس في لليل بهيم حالك السواد شديد البرودة، وقناديل النجوم قد تدلت حول القمر، وجمع من الصحب قد التف حول لهيب النار ينشد بعضاً من الدفيء الذي أثقل كاهله شتاء الصحراء القارص، ام كيف بك مستلق تقلب نظرك اتجاه السماء وسرب من الطيور تحلق فوقك ، ترسم تصوراتك التي نصبوا لها، وتعزف من اللحان انشودتك المفضلة ،

كيف انت بين حبات البرد تكسو بياض الثلج عري الصحراء القاحله ، جملة هذه المشاهد لاتضاه بتلك المشاهد المغلفة بأدوات التقنية الحديثة ،

 بالمناسبة فإن قلة حيلتنا وعجزنا في الإحاطة بتمام جمال مافي هذا الكون، افقدنا الإحساس بجماليات المشهد الذي نراه بالعين المجردة ، وضعفنا الواهن في ادراك  ابعاد هذا الجمال، حجب عنا مشاهد وافرة من أسرار الطبيعه التي نحن جزء منها، وبناء على هذه الإعتبارات اخذنا نضفي على المنظر بعض التعديلات التي تساعدنا على تصوره وفهمه على قدر سعة افقنا القاصر ، لذاك أخذنا بتضيق الخناق على هذا المشهد عبر تقليصه في مساحة محدوده من خلال وضعه في اطار خشبي ، او عبر حصره بداية ونهاية من خلال تصوير المشهد بأجهزتنا المحمولة في ايدينا، كما يحلو للكثيرين منا فعله، فجعلنا المنظر الطبيعي داخل البرواز، حتى نستطيع  استيعاب تمام التفاصيل التي تحتويه الصورة داخل اللوحة، فقط حتى نستطيع  استيعاب كامل تفاصيل مانشاهد، تبعاً لزوايا الرؤية التي تمتلكها أعيننا من رؤيته ، ومن ثم اعتقدنا ظناً بأن المنظر الجميل في ظاهره قد اكتمل ، في حين ان الأمر خلاف ذلك، فعندما اجتزأنا القدر الكبير من الجمال الحقيقي المتواجد على الطبيعه ، لم نقم في واقع الأمر الا بخداع انفسنا بصوره افتراضية ليست الا من نسج خيالنا، 

ببساطة نحن ندرك في داخلنا بأنا لايمكننا الوصول الى استيعاب جمال المنظر الطبيعي كاملا بشكله الحقيقي ،مهما بلغت قدرتنا في التدقيق والاستقصاء، ومهما بذلنا من جهد وعناء في تحجيمه .