في عام 1984 اقتنيت اول موسوعة عالمية ضمت 22 مجلد من الحجم الكبير عرضتها علينا مؤسسة تعليمية أمريكية بسعر خاص لموظفي ارامكو وبأقساط شهرية ميسرة.

22 كتاب من الحجم الكبير وكل كتاب منها يحوي حوالي الفين صفحة ولك أن تتخيل ثقل هذه الموسوعة وانها تحتاج لمكتبة لرصها عليها ، كانت موسوعة امريكية بلغة انجليزية تغطي كافة المعارف منها 20 مجلد موسوعي ومجلدين كمعجم متخصص ، حتى اسمي وجدته فيها.

كنت بحاجة ملحة اليها حيث لم تتوفر خدمة الانترنت في ذاك الزمان وكانت الكتب هي المصدر الرئيس للمعارف، ثم أنني الحقت بها كتاب "الأغاني" للأصفهاني في عشرة مجلدات من نفس حجمها، وهذا الكتاب يتبادر للذهن بأنه يتحدث عن الشعر والغناء ولكنه موسوعة عربية شاملة كمقدمة ابن خلدون، ثم الحقت العديد من الكتب من هنا وهناك فأمتلأت ارفف نظام "بيلي" من إيكيا، وهذا النظام المكتبي الفريد يمكن توسعته بإضافة ارفف علوية فزودته بأرفف ومع ذلك تراكمت الكتب عليه لأشتري نظام مختلف كلياً من ساكو كباك أب.

يظن البعض أن شراء الكتب للزينه لا للقراءة وقد سمعت من الكثيرين حين يولجون لصالون بيتنا وينصدمون بكمية الكتب المرتبة على نظام بيلي أنها للزينه ولكنهم لا يدركون أن الكتب تتنفس كالبشر!!.

نعم الكتب حية لأن كل سطر بها هو نتاج فكر بشري خطه الكاتب كرسالة لمن يقراؤه ، وهي مراجع ومواجع ، وهي ابواب تفتح على عوالم لم يكتب لنا الوصول اليها مالم نولج لداخلها، وهي محيطات تحمل في اعماقها النادر و النفيس من العلم والعلوم والثقافة، وهي بطبيعة الحال عالم آخر قائم بذاته. فكم من مرض عابر عانت منه احدى بناتي بآخر الليل وجدت علاجه العشبي لتخفيف الأزمه بين دفات كتاب ، وكم من مشكلة دراسية تعلق فيها أحد الأبناء ليلة الأختبار حلها له كتاب، وكم من معضلة تقنية اوقفت غسالة الملابس او صحن استقبال القنوات الفضائية او اللابتوب وجدنا حلاً لها بين دفات الكتب. الم اقل لكم أن الكتب حية!!، وأن وجودها على ارفف المكتبة المنزلية ضرورة كضروريات الماء والطعام لنعيش!!. الكتب مراجع و مواجع.

لي طريقة معينة في قراءة الكتب فلا اقراء كتاب معين من الغلاف للغلاف بل اقراء ثلاثة إلي خمسة كتب في وقت واحد بطريقة ديناميكية تعلمتها من صديق او بالأحرى صديقة يابانية اسمها " ريكو " تعرفت عليها بمعهد "شارترد" البريطاني للإدارة بلندن. الفكرة تقوم على أن تحظى بقدر متنوع من الثقافات في وقت واحد ، فتمسك كتاب في الاقتصاد مثلاً وتقراء منه فصل او فصلين ثم تمسك آخر في الموارد البشرية وثالث كرواية ورابع في علوم الكمبيوتر وخامس في التراجم والسير، ولا يتوجب عليك تتابع القراءة في هذه الكتب في وقت واحد، بل لك مطلق الحرية أن تقرائهم متى رغبت شرط أن لا تعود للكتاب الأخير لتكمله إلا بعد إن تنتهي من الأول . حين تقراء بهذة الطريقة تجد روابط غريبة بين فصول الكتب التي تقراء منها شذور من المعارف وكأن المؤلفين قرناء لبعض لماذا؟!! .. لأن الكتب حية كما اسلفت ، فعلاقة البشر بالكتب لا تقف عند التأليف والقراءة بل تتعدى ذلك إلي ربط البشر بعضهم ببعض ولذا سميت كليات في الجامعات بـ "كلية الآداب والعلوم الإنسانية" فالعلوم الإنسانية رابط بين البشر وكذلك الكتب. وهناك ميزة في القراءة بهذا الأسلوب هي التنوع فلا تمل من الكتاب اليتيم ، فكم من كتاب وحيد لم تكمل قرائته؟!!

امتلأت مكتبتي المنزلية بكلا الدورين بفيلتنا العامرة لدرجة أنني اشتري احياناً كتاب لأجد أن هناك نسخة منه بالمكتبة اشترته الزوجة او احد الأبناء او البنات!!. وعلى أن أجد حلاً لهذة المعضلة المملة.

وجدت الحل المثالي في التحول للقراءة الرقمية او الالكترونية سمها كما تشاء ولكن لها فوائد جمه لدرجة إنني خصصت مدونة لها فبدءاً من شهر مارس 2015 توقفت كلياً عن شراء أي كتاب ورقي وكذلك فعل كل فرد من اسرتي العزيزة فشكراً لتفهمهم وحسن تعاونهم.

التحّول للقراءة الرقمية ينقذ أكثر من 75,000 شجرة كل عام.