* ( مقالة كتبتها قبل خمس سنوات ) .

تملكتني الدهشة مؤخراً ؛ وأُسِرَ خاطري وهلةً ؛ وأنا أنظرُ لوجه الأمير سلمان بن عبدالعزيز ، يعتريه الشحوب ، ويتجمع فيه الحزن ، وتعلوه الكآبة !

سحنة عربية أصيلة ، كانت البشاشة والرحابة والحيوية تسبح في أوداجها قبل عقد من الزمن ، وتسيح في نياطها قبل فترةٍ من العمر !

ثم ها هو اليوم وجهٌ : لم يبقَ في تقاسيمه سوى المجد !

طُبعت على كدر وأنت تريدها /// صفواً من الأقذاء والأكدار

فهدان كانا قد اقتسما قلبَ أبي فهد حُباً وفَقْداً ، ثم تركاه – من بعد - شلواً ممزعا لا يلوي على أحد : فصار يتجرع الأسى ، ويبعث المجاملة ، ويحتسي الكدر !

الفهد الأول كان شقيقه ومربيه : فهد بن عبدالعزيز !

والآخر كان ثمرةَ فؤاده ، وأولَ إسعاده ، وبِكرَ أولاده : فهد بن سلمان !

مات الأخيرُ قبل الأول ؛ فرأينا وجهَ سلمانٍ يَعْصُرهُ قلبُه ؛ لتتقاطر على ذاك الوجه دمعةٌ ساخنة كأنما قد حُبِست ألفَ عام !

ثم مات الأول ليلحق بالثاني ؛ فتجددت اليبوسة في وجه سلمان ؛ إذْ مات أبوه بعد أبيه ( فهد بن عبدالعزيز ) وبينهما : كان قد مات ابنه أحمـد !

لم ينته بعد من سَلْتِ دموعه على أخيه ومُرَبيه – حتى خيّم الحزن على قلبه تارةً أخرى ؛ عندما مرِض عميدُ آلِ فهدٍ "1" بعد فهدٍ ( سلطان بن عبدالعزيز ) !

كأنها الأحزان تُطارده ؛ وتقول بعد ذلك مُعتذرةً له : يشرفني أن أنزل بقلبك يا عظيم !

غادر مع بقية فهد ( أخوه سلطان ) أرض نجد التي عشقها وعشقته ، في غربة قد امتدت إلى عام ؛ وكأنه يقول حينئذ لأخيه : أرجوك تريث .. فلم يعد قلبي يحتمل !!

عاد سلمان إلى نجد بعدها ؛ ولكنّ وجه سلمان لم يعد معه : فقد ملأه الوجد ؛ ولم يبق به سوى المجد !!

ذاك هو : سلطان نجد من غير تتبيب ؛ وهصور آل سعود من دون ذود ، وشاهق منطقتنا على غير تطاول : سلمان بن عبدالعزيز !

آيـدن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- آل فهد ؛ مصطلح عائلي واجتماعي : يُطلق على أبناء الملك عبدالعزيز السبعة من زوجته الأميرة " حصة بنت أحمد السديري " وهم : فهد ، سلطان ، عبدالرحمن ، نايف ، سلمان ، تركي ، أحمد .

أسرة السدارى تؤول أنسابُها إلى فخذ البدارين من قبيلة الدواسر ؛ ومنبتهم هو مدينة الغاط إحدى مدن سدير . ومما يجدر ذكره ؛ بأنّ هذه المكانة لأسرة السدارى لم يكن سببها الأوحد هو خؤولتهم لثلاثة عشر ولدٍ من سلائل عبدالعزيز ؛ بل إنّ ذلك يرجع لخؤولتهم عبدالعزيز نفسه ؛ فوالدة الملك عبدالعزيز هي : " سارة بنت أحمد السديري " .