"الحمد لله" .. تلك الكلمة التي بدأت بها خمس سورة منها أعظم سورة 

"الحمدلله" كلمة تهز أوتار القلب؛ فالحمد هنا بأل الجنسية التي تفيد الاستغراق في كافة صنوف النعم و كل أنواع المحامد!

وأما اقترانها بلفظه لله "الله" فهي تحيي "الوله" والتعلق بتمام ألوهية الرب! 

هي كلمة واحدة .. تبصر فيها عمق الإِشارة الأولى، كلمة تشعل في الروح مشكاة الهداية، بدأت بها سورة الكهف لتثبت المستضعفين في أول الدعوة وزمن الاستضعاف لينهل منها كل مستضعف غريب في زمكان الدنيا،  تبدأ بـ «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب»؛ لأن التنزّل كان لحظة التّوقيت الإلهي للتحول وللتغيير، حيث الآتي لن يكون فيه سنين عجاف .. حيث الانتقال من ظلمة الكهف والفرار إلي اكتمال دورة التمكين، 

هنا تلمح كيف تسطع من إيقاع الآيات شمس الرحمة على من أرهقهم الهجير، واتبعتهم الغربة، وهذا والله خطاب لكل عبدٍ لم يأمن في وطنه، غريبًا بين أهله!

تأتي " الحمد لله" تنزل بالغيث تغسل عن المتعبين بؤس الملامح .. وتعب المسافات، ومشقات الفتن، ومن ثم؛ التمكين للعباد في قصة ذي القرنين، لتثّبت ذلك الضعيف القابع في شعاب مكة خائفًا، أو معذبًا، ليتجلى في النهاية بخواتيم السورة في واقع الحياة .. أن العمل الصالح يورث الفردوس الذي لايتحول عنه صاحبها، لتوقد في النفس أزيز المرجل لتعمل عملها وتحث سيرها وتبتغي الصلاح لتلقى وجه ربها،  لترسو سفنها على التوحيد وتقر  يوم المزيد! ليظهر الله الثابين رغم وعثاء السفر، وزلزلة الفتن، وغربة الدين، وتقلّب الكافرين، لتعلم كل نفسٍ أن الصحبة المحمدية أغلى صحبة

فيا هذا من أراد المحامد كان جبينه لله ساجد، فلا يخدعنه طول الأمل عن حتمية الأجل!

ولا يشغلنه الظنون عن المحتوم!

الطريق لمن صدق، والوصول لمن ثبت...

إِذ ما بين العزلة في الكهف وبين «حتى إِذا بلغ مطلع الشمس» خارطة السعي إِلى النهار الشاهق!

دومًا في الرحلة كثير من الشكّ .. غربالٌ لمن حولنا، فتنة لنا، لكن لا يضرب الشك إلا مثل التعلق  التام بالله لتنجو من كل فتنة،  والحقائق تقبع بالقرب من النهايات وتتجلى عند الخواتيم فسلّ الخاتمة الصالحة.