"إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" 

" وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا"

مذهل أن تعلم كيده ضعيفًا، ولكنه لاييأس من أن ينال منك، وتعلم أن الشيطان ود لو ظفر منك، ولاتحاربه في ضعفه، وأنت معك القوي! 

لكن الفارق بينك، وبين شيطانك أن الشيطان لايتوه في الحياة الدنيا عن معركته، يعلم بكيده الضعيف لكن لايمل منك!!

وهو يعلم أنه مبطل خاسر، وأن مثواه جهنم، وأن كل يوم يقربه إلي الحساب لكنه لايكلّ ولا يمل، وهو يعلم أن جهده وتعبه كله معرّض للتلاشي من حيث لا يشعر، وهو يعلم أنه كلما أوقعك في معصية زاد حِمله وعذابه، لكن لا يتوقف فقد أقسم صدًقا، بالسعي لأغوائك، في معركة من قبل صرخة ميلادك بمليارات السنين، يعلم ذاك ولاييأس بينما أنت تيأس من نفسك، وتعجل في مطلبك، وتغفل عن ذكرك، وتظن بالله الظنون، مع أن فعلك قد تمحوه توبة أو عفو. ولو صار الأمر عكسيًا لهلكت. 

تخيل لو صرت عابدًا، ألف عام، لاتفعل شيئًا سوى حسنة تلو الحسنات ثم فجأة تلاشى كل ذلك بذنب واحد!

تخيل أن الشيطان يفعل العكس يسوقك للذنب تلو الذنب ثم فجأة تتوقف في ليلك أو نهارك أو في لحظة ما.. عائدًا إلي الله، حارقًا سربال الذنب، مستربلًا بالتوب،  قائلًا كلمة الصدق، جاعلًا كل سيئاتك حسنات ودرجات، هكذا في لحظة واحدة بكلمة "أستغفر الله" بصدق وتوبه في ثوان معدودة!! 

مايفعل الشيطان؟ هل ييأس؟ ، هل يتركك؟، هل يظن ألا يغفر الله لك! 

لاشيئ سوى البدء من جديد!! هكذا وببساطة 

يبدأ ويكأنه في معركة حقٍ، لا ييأس منك، ولايمل، هكذا صاحب الكيد الضعيف، والمعركة الخسارة...يبدأ بشتى سبل الإغواء، ويمارس التزيين لك، ويود لو تيأس من نفسك، يود لو يأخذك معه في الحجيم! يود لو يظفر بك في معركته الخسارة! ليس لشيئٍ سوى لكبره بتحدي الخالق ب "لأغوينهم أجمعين"! 

وبعد هذا فالأغرب من كل هذا: وهننا أمامه، ويأسنا من أنفسنا، وظننا بأن الله سيتركنا، على الرغم من عشرات الانتصارات، حين قبلنا الله، وما النصر إلا من عند الله! فما دمت قد خلقك الله في كبد الحياة، فأنت مسؤول أن تقاتل عدوك، فمعركتك الحقيقة هي هو! والأيام دول فإن غلبك شيطانك اليوم، وزلت قدمك، فبادر قبل الغد، فالله حين مد لك النفس لم يمده لك غفلة منه إنما رحمة بك، لينقذك من عذاب غير منتهي، والله الذي فتح باب التوبة على مصرعيه، يراك وأنت بضعفك وعرجتك تحاول السير له، فإياك أن تقعد أو تركن أو تغفل فالشيطان يود لو تفغل لحظة عن سلاحك ودرعك فيميل عليك ميلة يسلبك بها الإيمان، ويوقعك في الشرك فإياك إياك! فحين تيأس فأنت قاتل لنفسك، وأنت من قدمت نفسك للشيطان لينال منك! 

فلا تبرح محرابك فإن كنت مخلوقًا من ضعف، فالله أعطاك مصدر قوتك! والله يريد أن يتوب عليكم... فبادر بالتوبة والاستغفار واعبد ربك حتىّ يأتيك اليقين