لِيبِيا : شَرْعِيَّة سِيَاسِيَّةٌ تَفْتَقِرُ إلَى سَلَّطَه دُسْتورِيَّة  


لا احد اليوم ينكر الاستحقاقات الدستورية ويماري في الوضعية الصعبة التي تعيشها النخبة السياسية، ولعل أهم أسباب المشكل الحوار السياسي الوطني الليبي نجاح الاستفتاء على الدستور الذي يكسب الساسة سلطة دستورية يعملان معا على سد الخسائر الداخلية ويمنعان الخطر على الدولة الليبية .


ولبد من أن يكون لنا حل ينجح الاستفتاء على الدستور خصوصا مع وجود القوى الدولية المساندة للقضية الليبية الشائكة والمعقدة، رغم الاختلافات في مجلس النواب والمجلس الرئاسي ومجلس الدولة التي تعترف بصعوبة الوضعية وترى من ضرورة الحل السلمي للمشكل الكبير من محتوى مشرع الدستور الليبي الذي يحكم البلاد عبر المؤسسات الدستورية.


جولات متتالية بين الممثلة الخاصة للامين العام للأمم المتحدة بالإنابة والساسة الليبية حول ملتقى الحوار السياسي الليبي، السيدة ستيفاني وليامز تقود الحوار إلى الطريق الصحيح والمصمم أركانه الأساسية من برنامج الأمم المتحدة بخط طريق تخرج ليبيا من المأزق السياسي.


لقد نشرت زعيمة الحوار السيدة ستفني وليمز بالإنابة وثيقة خارطة الطريق والتي تسمى " المرحلة التمهيدية للحل الشامل" والتي وافق عليها ممثلون الليبيون عند ملتقى الحوار السياسي الليبي، آملان على أجراء انتخابات شاملة وديمقراطية ذات مصدقيه وطنية في 24 ديسمبر 2021 ميلادي.


تجدر الملاحظة إن هنالك شرعيات سياسية صادرة من الاتفاقات السياسة الليبية، فمنها في المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني ومجلس الدولة ومجلس النواب في طبرق والعاصمة طرابلس والحكومة المؤقتة شرق البلاد، أجسام مؤسساتية تفتقر إلى السلطة الدستورية بحكم القانون الأعلى للدولة الليبية.


وضعية النظام السياسي الليبي متدهور بتدهور المسار الديمقراطي تضافرت عدة عوامل لتؤثر فيها دون أن تجد حل سلمي يعود بنا إلى الدستورية الشرعية التي هي أساس المسار الديمقراطي في استفتاء عام للكيان الدستوري الليبي إذا وجدت آذان صاغية من طرف الساسة الليبية.


لقد أتحدت كل الآفات ضد الدستورية الشرعية للبلاد وتوقف العمل به المؤسسات الدستورية الشرعية، حتى وجدنا أنفسنا في دوامة الصراعات السياسية وليس وحيدين في المعركة المصيرية من اجل الوطن، بل أدخلنا مع الصراعات السياسية الداخلية العوامل الإقليمية التي تكاثرت معها الفيروسات الخارجية التي نخرت عظام الكيان الاجتماعي الليبي.


ليبيا ذاهبة إلى عالم المجهول وضلت مجهولة أمام الأمم المتحدة التي شاركت في صنع دستور ليبيا لعام 1951 حتى قدر لها مرة أخرى أن تشارك مشاركة فعله في إحياء ليبيا الدستورية بعد الحوارات السياسية التي انعقدت في مختلف عواصم العالم.


لقد أعلنت السيدة ستفني وليمز بالإنابة عن الشرعية السياسية لقيادة المرحلة التمهيدية بتعزيز الشرعية السياسية عبر انتخابات رئاسية دون الرجوع أولا إلى الاستفتاء للمشروع الدستوري الذي يعتبر صلب الموضع والوليات العمل الديمقراطي في إنجاح الحوارات السياسية الليبية.


واعترفت حتى الآن بالمرحلة التمهيدية التي توصلها إلى الاستفتاء العام للمشروع الدستوري الليبي بعد مرحلة العبور في انتخابات رسمية لعام القادم مما يؤكد خطر المرحلة من هذا يكثر وطول المرحلة التمهيدية التي بقيت فقد تتطاول عبر الممثلين للأمم المتحدة لدولة الليبية.


ولنرسم صورة بعيدة جدا عن تلك التي تبشر بها السيدة ستفني وليمز بالإنابة وبالنظام السياسي الليبي المتدهور حاليا، لجعلها في صلب أوليات العمل الوطني الحرفي صورة الاستحقاق الدستوري واستئناف المسار الديمقراطي الذي يجب أن يكون لما لم يكن في الماضي.


لقد اتضح بشكل لا لبس فيه حجم الخسائر التي منت بها ليبيا عبر المماطلات الدستورية في الاستفتاء على مشروع الدستور الليبي من خلال الحملة التي تم عليه بأساليب وطرق مختلفة، منها كيفية المداولات على المشروع الدستوري والتصويت عليه.


أما حزمة واحدة أم غير ذلك بالتصويت عليه لتقديمه إلى عامة الشعب الليبي في صيغته النهائية، بات من شبه المؤكد عدم قدرتنا على تبني دستور الوطن بعد ضياع دستور الليبي الصادر عام 1951 ميلادي الذي تبنى علم الدولة الليبية الحالي والمتكون من أعلاه الأحمر فالأسود فالا خضر وفي وسطه هلال ابيض بين طرفيه نجمة كوكب خماسي الأشعة.


هكذا كانت ليبيا دولة دستورية شكلتها الأمم المتحدة بطريقة عصرية تتماشى مع معطيات المنطقة العربية والإسلامية، أما ما نرى اليوم ببلادنا ليبيا الخروج مرة أخرى عن المكون الدستوري ، بل سيكتب في سجلات التاريخ الليبي عجز الساسة الليبية من أقرا دستور لبلاد وانهيار وخطر امن الدولة الليبية المعاصرة.


بقلم / رمزي حليم مفراكس

رجل أعمال – كاتب ومحلل سياسي واقتصادي ليبي

مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية