ل
لطفي زحاف

كاتب ومؤلف.. متخرج من الجامعة

مدة القراءة: دقيقتين

إلى زهرة مايو!



تمرُّ الأيامُ، تارةً ثقيلةً، وتارةً مسرعةً. تتراقص بين لحظاتٍ سعيدةٍ وأخرى تعيسةٍ.


لَعَمْرُكِ، إنَّ الإنسانَ هو المسؤولُ الأولُ عن سعادتِه وتعاستِه؛ هو الذي يقرِّرُ كيف يحكمُ على الأمورِ.


في ثنايا التناقضاتِ، يجب أن تعلمي، يا سيدتي، أنَّ الحريةَ المطلقةَ تكمنُ في التفكيرِ، والفكرِ، وما يُجسِّده هذا الآدميُّ على أرضِ الواقعِ دون أن ينتظرَ مساعدةً من أحدٍ؛ لكن يُسايرُ ما يملكُ ليحصلَ على ما لا يملكُ.


هذه مقدمةٌ فلسفيةٌ وما وراءَ العقولِ، أو بعبارةٍ أدقَّ: هي مقدمةٌ معقدةٌ على العقولِ التي تأبى التفكيرَ. فنحن، يا عزيزتي، نصفُ الفلاسفةَ بالمجانينَ؛ لأننا لا نستوعبُ ما يقولون، ولا نستطيعُ أن ندحضَ أفكارَهم، ولا أن نثبتَها علميًّا. فحينما يعجزُ الشخصُ عن تصديقِ شيءٍ أو تكذيبِه، فهو سيختارُ حتمًا ما يريحه من ذلك الكلامِ: إما التصديقُ، وإما التكذيبُ.


أما أنتِ، يا زهرةَ، فإنكِ أشبهُ بمعادلةٍ رياضيةٍ؛ البحثُ عن حلِّها يستغرقُ أعوامًا ومجلداتٍ، للوصولِ إلى أنَّ المعادلةَ ليس لها أو مجموعةَ حلولٍ خاليةٍ (وهذه تكونُ حقيقةً في المعادلاتِ الرياضيةِ). فقراءةُ أفكارِكِ أتعبتني، وتحليلاتي النفسيةُ البائسةُ فاشلةٌ أمامَكِ؛ حتى نظري في عينيكِ لم يسعفني لاكتشافِ شيءٍ.


لا أدري ماذا أكتبُ، أو لمن أكتبُ؛ لكن ما أعلمه هو، كما يقولون: "أنَّ الذي يرجو النجاةَ يجب أن يسلكَ مسالكَها؛ فالسفينةُ لا تجري على اليبسِ".


كنتِ خيرَ جليسٍ في عزلتي، وخيرَ أنيسٍ في وحدتي، ودواءً فعَّالًا لغضبي. فما بالكِ اليومَ في طريقٍ غيرِ طريقي؟ أتراكِ نسيتِني كما تُنسى الكتبُ القديمةُ؟ أزيحي عني غبارَ غيابِكِ، وتصفَّحيني من جديدٍ. دعينا نجلسُ مجددًا إلى طاولةِ الهوى، ونناقشُ حياتَنا اليوميةَ. دعينا نتبادلُ الرسائلَ ثانيةً، دعينا نهدي لبعضِنا الكتبَ.


من أين لي بلقاءٍ يجمعُنا تحت الظلالِ؛ لأحدِّقَ بعينيكِ طويلًا كما كنتُ أفعل؟ لا أدري: هل فقدتُ الأماكنَ، 

أم فقدتُكِ أنتِ؟

ل

لطفي زحاف

كاتب ومؤلف.. متخرج من الجامعة

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات