"لَكَ الحَمْدُ عَلى بَسْطِ لِسانِي، أَفَبِلِسانِي هذا الكالِّ أَشْكُرُكَ؟ أَمْ بِغايَةِ جُهْدِي فِي عَمَلِي أُرْضِيكَ؟ وَما قَدْرُ لِسانِي يارَبِّ فِي جَنْبِ شُكْرِكَ؟ وَما قَدْرُ عَمَلِي فِي جَنْبِ نِعَمِكَ وَإِحْسانِكَ؟ إِلهِي إِنَّ جُودَكَ بَسَطَ أَمَلِي وَشُكْرَكَ قَبلَ عَمَلِي....أبى حمزة الثمالى".

 

عطاؤنا يعكس وعياً اجتماعياً عالياً لأن دافعنا إليه هو هذه"النحن" الكامنة في نفوسنا . فحياة الإنسان تقاس أو تُقيّم، بمقدار ما يقدّمه من عطاء. لذلك فكل يوم يمّر عليك، دون أن تعطى فيه شيئًا لغيرك، لا تحسب هذا اليوم من أيام حياتك... النصيحة من أنواع العطاء:هناك أوقاتاً تمثّل فيها النصيحة الجيّدة أعظم الهبات، فكم من نصيحة تلقيناها بالمجان من قبل محب وكان لها الأثر البالغ على قرار اتخذناه.

 

التشجيع والدعم من أنواع العطاء:من بين الأشياء العظيمة التي يمكننا أن نسديها للغير أن نسانده ونشجّعه.والصبر من أنواع العطاء:هبة الصبر تعود بالنفع على كلا الطرفين، وهذا لأن الصبر دوماً ما يكون نتاج الفهم، وهذا أقصى ما نريده من الغير، وخاصة أولئك الأقرب إلينا، فنحن نحتاج منهم الصبر والفهم حينما لا نكون في أفضل حالاتنا.والتعاطف والود من العطاء: في كلّ مرّة نشارك فيها الآخرين بعواطفنا سواء المفرحة أو المحزنة، فإننا نقدّم لهم هديّة قيّمة.والغفران والتسامح من العطاء:هذه الهبة مضمونة القبول لدى الطرفين، فينال كل من المعطي والمتلقي شيئاً ذا قيمة كبرى، ألا وهو الراحة النفسية.

 

قال أبو حمزة الشَّيباني :"إنك جزء من قافلة تمشي نحو الهدففاما يتعلم البشر كيف يعيشون كالأخوة أو يموتون كالبهائمدع كل شخص ينظف أمام بابه، عندها سيكون العالم بأكمله نظيفاًفالتَّعاون على البرِّ داعية لاتّفاق الآراء، واتّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للودادففضيلة الفلَّاحين التَّعاون بالأعمال، وفضيلة التِّجَّار التَّعاون بالأموال، وفضيلة الملوك التَّعاون بالآراء والسِّياسة، وفضيلة العلماء التَّعاون بالحِكَم. قديماً كانت الفروسية والغزل والمرأة بيئة واحدة تعاون فيها البطولة والشاعرية والجمالويمكن للقوة فقط أن تتعاون، أما الضعف فلا يسعه إلا أن يتوسلقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا."

 

 

يقول جبران خليل جبران:”إنما الأمير هو ذلك الذي يجد عرشهُ في قلوب الدراويش.ويرى أن  ”ليس الجود أن تعطيني ما أنا أشدّ منك حاجة إليه ، وإنما الجود أن تعطيني ما أنت أشدّ إليه حاجة مني. العطاء من أجل الصفات التي منحها الله للإنسان. ذلك العطاء الذي يجعلك مدعوماً بالحب والوفاء والإيثار والمشاركة الوجدانية،ذلك العطاء الذي يغذي الروح ويألف القلوب. ومن أجمل عطاءات الإنسان أن يكون شمعة تضيء للأخرين. وكم من المؤسف أن تجد من ينعم بنورك يحاول إطفاء فتيل تلك الشمعة .فطالما إحترقت لتضيء الدرب وتجلي الكرب .كما أنه من الصعوبة بمكان أن تعطي بلا توقف وأن تعطي بكل حب وتقابل بعد ذلك بجحود وإنكار.فقد تفكر في الإعتذار لذاتك وإيقاف عطائك ،لكن تفكيرك هذا سيكون خاطئ لا محاله لأن من يعطي لا ينتظر الثناء، ومن يعطي دائما لا يتوقف عن العطاء ابداً،ومن يأخذ لايشبع ولا يعرف الشكر.

 

 

 

وماذا ننتظر من الأخر؟ لا ننتظر من الأخر سِوا صدق وإخلاص وتقدير وإحترام وذكر للجميل. لكن الأجدى ألا تنتظر شىء من الأخر فالأنتظآر طويلاً قد يصيبنا باليأس، وقد تكون ردة فعله سلبيه لا تحمد عقباها. وبدون العطاء وفضيلة التضحية وتأدية الواجب القوميّ لا يمكن أن تتحقق الغاية وتنتصر الدعوة القومية الاجتماعية.

 

 

 

يقول الشاعر " من يعمل المعروف يجز بمثله

 

 المرء يُعرفُ فِي الأَنَامِ بِفِعْلِهِ 

 

وَخَصَائِلُ المَرْءِ الكَرِيم كَأَصْلِهِ

 

 إصْبِر عَلَى حُلْوِ الزَّمَانِ وَمُرّه

 

 وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ"

 

إن العطاء هو خروج من محبة الذات إلى محبة (الآخر). والعطاء يحمل فضيلة البذل، وشيئًا من فضيلة التجرد، وبعدًا عن الجمع والتكويم. وإن كان المثل يقول "إن الهدايا على قدر مُهديها"، فهل نقول أيضًا إن العطايا على قدر مُعطيها، مع احترام من تُعطىَ إليه...

 

 

 

يقول الشاعر:" وَإِذَا الصَّدِيْقُ أَسَى عَلَيْكَ بِجَهْلِهِ

 

 فَاصْفَح لأَجْلِ الوُدِّ لَيْسَ لأَجْلِهِ ،

 

 كَمْ عَالمٍ مُتَفَضِّلٍ ، قَدْ سَبّهُ

 

 .! مَنْ لا يُسَاوِي غِرْزَةً فِي نَعْلِهِ ! 

 

البَحْرُ تَعْلُو فَوْقَهُ جِيَفُ الفَلا

 

 .. وَالدُّرّ مَطْمُوْرٌ بِأَسْفَلِ رَمْلِهِ "

 

ومن صفات العطاء أن يكون بمدامة:لأن هناك من يدفع مرة أو مرتين، ثم يسأم ويملّ، ويرفض إذا طُلبَ منه أكثر... أما القلب الواسع فهو لا يملّ من طلبات المحتاجين، بل يُعطيهم مهما طلبوا، برضىّ مقدرًا لإعوازهم...فيجب أن نزع من قلوبنا كل حقد ونعطي بحب وإخلاص لتحيا الأمة حياة العز والحرية.والعطاء الذي نقدّمه بشغف وحماسة، أياً كان نوعهوقتاً أو مالاً أو مجهوداً، سيعود بالنفع علينا وعلى الآخرين وعلى المجتمع بأكمله، لأنه فعل يعكس المواطنة الصالحة ويقوم على المحبة القومية والإخاء القومي والتعاطف الإنساني والحب الكلي.

 

 

 

يقول الشاعر:" فِي الجَوِّ مَكْتُوْبٌ عَلَى صُحُفِ الهَوَى

 

 مَنْ يَعْمَلِ المَعْرُوْفَ يُجْزَ بِمِثْلِهِ"

 

وخناماً  فالعطاء الحقيقي الصادق يبدأ بالحب الصادق العميقفالحب هو أجمل الأشياء وأعظم قوة في العالم وبدونه لا تبنى الأوطان ولا يمكن أن يحيا الإنسان بسعادهفهو أساس الحياة.والحب المقصود يبدأ بالإهتمام بأنفسنا وصحتنا وبصقل مهاراتنا ومعلوماتنا ومواهبنا وبالعناية بطاقتنا العاطفية والروحانية والبدنية لكي نعزز قدرتنا على العطاء الفعّال للآخرين وعلى الالتزام بالأفعال الإيجابيةوهو حب يدفعنا للعطاء غير المشروط وبلا حدود.,,"د. خليل سعاده"

 

 

 

إِلهِي وَسَيِّدِي، وَعزَّتِكَ وَجَلالِكَ، لَئِنْ طالَبْتَنِي بِذُنُوبِي لاُطالِبَنَّكَ بِعَفْوِكَ، وَلَئِنْ طالَبْتَنِي بِلُؤْمِي لاُطالِبَنَّكَ بِكَرَمِكَ، وَلَئِنْ أَدْخَلْتَنِي النّار لاُخْبِرَنَّ أَهْلَ النّارِ بِحُبِّي لَكَ. إِلهِي وَسَيِّدِي، إِنْ كُنْتَ لا تَغْفِرُ إِلاّ لاَوْلِيائِكَ وَأَهْلِ طاعَتِكَ، فَإِلى مَنْ يَفْزَعُ المُذْنِبُونَ؟ وَإِنْ كُنْتَ لا تُكْرِمُ إِلاّ أَهْلَ الوَفاءِ بِكَ، فَبِمَنْ يَسْتَغِيثُ المُسِيئُونَ؟إِلهِي إِنْ أَدْخَلْتَنِي النّارَ فَفِي ذلِكَ سُرُورُ عَدُوِّكَ، وَإِنْ أَدْخَلْتَني الجَنَّةَ فَفِي ذلِكَ سُرُورُ نَبِيِّكَ، وَأَنا وَالله أَعْلَمُ أَنَّ سُرُورَ نَبِيِّكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ مِنْ سُرُورِ عَدُوِّكَ.