إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)
"جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، ومشارب، ومساكن طيبة، وأشجار، وأنهار، وزروع، وثمار، ومناظر بهيجة، ورياض أنيقة، وأصوات شجية، وصور مليحة، وذهب وفضة، وخيل وإبل ونحوها، الجميع جعله الله زينة لهذه الدار، فتنة واختبارا" هكذا فسرها السعدي
هكذا يخبرك مولاك" هذه الزينة للأرض" اختبارًا" لك"
هذه الأرض بُنيت بزينتها لتختبر أنت، فما تراه من زينة ليس سوى اختبارًا
فهو زينة لها وليس لنا، وحين ينطفىء الكون، وتبدل الأرض، ويبرز العباد لله الواحد القهار، وتنكشف الحجب وتتجلى الحقائق، ستنطفىء الزّينة، وتصبح العتمة سيّدة المكان .. إلا منابر النور من الأعمال الصالحات،
هنا ستقف الأنفس الغافلة متسائلة
كيف كنّا نقاتل من أجل هذا الخراب؟
وقد كان الله يختبرهم بالزّينة، فينكشف مدى تماسك الغيب فينا .. فالحياة حين طلت "بهيت لك" كانت محنتها في إغراءك بزينتها ..
دورها تنال من إيمانك بفضله عليك .. وأنت تظن أنه من فضله عليك، وبينما أنت غارقًا في صخبها، لاهيًا في طلبها تكاد تنسى : أنّ ما على الأرض زينة لها وأن باطنها الموحش هو حقيقتها تجد نفسك هنالك حين يصبح بصرك حديد أن الحقائق مدهشة! وسترى ما لاتتخيله في أصعب الكوابيس
وتكتشف أن العملة الوحيدة الصالحة في رحلتك هي حسنات، ومحاولاتك في السعي لرضا الله
فإياك أن تسافر الزّينة، وأن تستغرق في اللهو.. وإن تجلت لك الزينة في تلألئها .. غمض عنينك مذكرًا ننفسك بأن الله متم أمره، وأن لك مع الله موعدًا لاتخلفه، و ليضغى حادي روحك لوطنك الحقيقي، وليكون مشهد القبر، وسؤال الملكين هو الصوت الأعلى عندك، ..
وما أيسر أن يتهاوى العمر، وما أسرع أن تنقل من فوقها لباطنها، وما أسرع أن نفيق من غيبوبة الزّينة ونرى الحقائق تنهمر .. تلك لحظة من حجب الغيب، وخارج حدود الرؤية يقتنصها لك القرآن من زمن وعالم آخر، ويحملها لك كي لا تنسى: أن ما على الأرض زينة لها! ولم يكن يومًا لك سوى الاختبار!! فأحسن العمل حتى يأتيك الأجل... وإن لله وإن إليه راجعون