منطقتنا والتي تقع في منتصف العالم جغرافيا وتاريخيا، ابتُليت ببؤرتين ملعونتين، هي سبب الفوضى والخراب فيها.
البؤرة الأولى هي إسرائيل : بلا جدال، وسنرجع في آخر المقال لتوضيح ذلك.
البؤرة الثانية هي. إيران مشعلة النيران بلا جدال أيضا.
فمنذ الثورة الخمينية وهي مصدر قلاقل وفتن لجيرانها، عبر تنظيماتها وخلاياها التي غرستها كالمخالب في بلداننا العربية، خدمة لمشروعها التوسعي والذي كانت المذهبية الشيعية إحدى أدواته.
هذا المشروع التوسعي برغم تجلياته المدمرة في منطقتنا، لكنه أيضا كلف إيران الكثير واستقطع نصيبا كبيرا من طاقاتها وثرواتها ودخلت في حصار دمر حياة الإيرانيين الهنية، حتى غدا أكثر من نصف الشعب تحت خط الفقر!!
لكن لماذا تستمر حكومة الملالي في ذلك؟
لماذا لا تنكفء على شعبها اصلاحا وتنمية؟
لما لا تشرع في مشروعات كبرى للبنية التحتية كدول الخليج مثلا؟
ألم يصرخ الشعب الإيراني في ثورته الخضراء ضاجرا متسخطا : لا قدس ولا لبنان روحي فدى إيران؟! في إشارة إلى ثروات بلادهم التي تذهب أمام أعينهم للملشيات المخربة في الوطن العربي بدعوى محاربة إسرائيل.
الجواب :أن بقاء ثورة الخميني يكمن في "وهم" توسعها في المنطقة ، وبدونه تسقط حكومة الملالي سريعا، فليس لديها عذر أمام شعبها عن تحقيق أحلامه حين أتت ، الا انها لم تستكمل ثورتها الإسلامية والتي لا بد أن تشمل دول المنطقه، وان القوى العالمية تحاربها لؤد هذه الثورة "الإلهية"، ويجب على الإيرانيين أن يصبروا ويتحملوا حتى تؤتي الثورة ثمارها!! وبالتأكيد لن ينجوا ثمارها ابدا، الا اذا جنوا من الحنظل التفاح!
هذا النظام كان بلا شك وبال على الشعب الإيراني قبل شعوب المنطقة، ولكن كيف ارتضوه؟ وكيف أتوا به؟
لنجاوب على هذا السؤال، لا بد من الرجوع قليلا إلى الوراء، لنفهم القصة.
قبل مجيء حكم العمائم المشؤوم، كان الشاه ملكا على بلاد فارس، كان هذا الملك فاسدا ذو بذخ لا يعبأ بفقر شعبه، لم يكن يخشى ثورة الفقراء، لانه وببساطة مدعوم غربيا، فلقد كان يطلق عليه شرطي الغرب في المنطقة، ولو أن الغرب لم يدعمه ويشعره بالآمان، لما تجرأ على خبز شعبه.ولما قامت ثورة ضدة.
كان سيئا لكن لم يكن بالغ السوء كالعمائم، كان فاسدا لكن لم يكن كفساد الملالي.
المهم بقي الشاه على وضعه حتى تخلى عنه الغرب فجاءه، وذلك بعد وقوفه بجانب الدول العربية في حرب ٧٣، عندما أرسل النفط لمصر في عز معركتها وحاجتها.
ولم تمضي سنون قلائل حتى تم إسقاط الشاة، وإحلال البديل الآتي بالصدفة "المقصودة" من المنفا في الغرب، انه الخميني.ليؤسس لامبراطورية معممة، ترى مكة والمدينة محتلة قبل القدس، وترى العرب يهود قبل اليهود.
انه النظام المثالي الرائع لإسرائيل والذي سوف يبقي المنطقة في حالة ضعضعة وضعف أمامها وأمام الغرب.
لولا الغرب لما ثار الشعب على الشاة، ولولا الغرب لما أتى الخميني.
نرجع للبؤرة الأولى وساس الخراب، إنها اسرائيل، التي أتت بواسطة الغرب اللعين أيضا، فمن وعد بلفور المشؤوم وزير خارجية بريطانيا، إلى الفيتو الأمريكي الوقح المساند لإسرائيل في اجرامها ضد أهلنا في فلسطين. وليس انتهاء بالعلاقات الحميمية مع بقية دول أوروبا.
ولا يخفى على أحد مشاريع الصهاينة اللعينة لتدمير منطقتنا وتحقيق حلمهم الأسود بهدم الأقصى وبناء الهيكل وتحقيق نبؤة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
أن الكيان الصهيوني بوسط جسد أمتنا أشبه بالورم السرطاني، الذي يفت في عضدها وينهش فيها حتى تخر صريعة. وبالطبع هذا الورم زرع بأيادي غربية قذرة.
إذن ياسادة مشكلتنا الأساس مع الغرب الذي لا يريد لهذا الشرق المسلم أن ينهض، ولو سقط نيزكين من السماء وخسفا بإيران وإسرائيل، لسارع الغرب فورا وزرع كيان جديد في جسد منطقتنا يحاكي الكيان الصهيوني، وأوجد دولة مشاغبة كإيران . المهم ألا تقوم قائمة لنا.
مشكلتنا مع الغرب عدا عداء العقيدة، ان بلادنا تنام على ثروات طبيعية وتمر فيها أهم المضائق وطرق التجارة العالمية، ولو عشنا بهدوء دون حروب مفتعلة وقلائل مدمرة، لكبرنا وتسيدنا، واخذنا مشعل قيادة العالم من الغرب، والغرب لن يتخلى عن مشعله بسهولة.
ولا توجد أمة من الأمم تقارع الغرب حضاريا غير أمة الإسلام أن استطاعت النهوض، حتى الصين وروسيا رغم تفوقهم العسكري والمادي لا تؤهلم قيمهم وثقافتهم للريادة.
حسنا مالحل مع هؤلاء القوم، الذين لا يريدون لنا سموا ولا علوا في الأرض؟
هم يريدوننا دوما تحتهم ؛ لكن إرادتهم ليست قدرا.
هل الحل يكون في تبني هجمات انتحارية في عقر دارهم، ليكفوا شرهم عنّا؟
بالتأكيد هذا طريق خاطئ وضرره علينا كمسلمين أكبر من ضرره على الغرب والذي سيجد المبرر الدائم لقصفنا واحتلالنا. وهي هدية بالمجان لمن يريد تصوير الإسلام بالبربري والهمجي.
هل الحل بناء جدار عظيم بيننا وبينهم، لا يأتونا ولا نأتيهم؟ لو كان هذا قابلا للتطبيق، لسارعنا لذلك، لكن لا يصح عقلا.
الحل باختصار، هو الرجوع لديننا. فرجوعنا لديننا أشد عليهم من القنابل النووية، وبرجوعنا لديننا نبني جدار صلبا متينا من السماء إلى الأرض بيننا وبينهم فلا يستطيعوا النفاذ إلينا.
اظن البعض قد يقول :وهل نحن مرتدين، حتى نرجع للإسلام؟!
بالتأكيد لسنا مرتدين، ولكننا غثاء، كما وصفنا الذي لا ينطق عن الهوى قبل الف وأربع مائة سنة، تكالبت علينا الأمم رغم الكثرة، افتقرنا وتحت أرضنا الثروة، ضعفنا فلا عزم ولا قدرة.
صرنا غثاء، لأن قيم الإسلام أصبحت نظريات، ومساؤى الأخلاق صارت سلوكيات، لا نهتم باحوال بعضنا في مشارق الأرض ومغاربها، كأن رابط الدين هين وليس شديد ، نوالي الغادر، ونخون الأمين . اقتدينا بالكافر، ورفعنا الفاجر، فصرنا غثاء، بعدما كنا سيل هادر.
الخلاصة: حتى نأمن شر إيران وإسرائيل وجميع الأعداء، الحاليين والمستقبليين، لابد ان يكون الإسلام منهجا وسلوكا في حياتنا على مستوى الأفراد والأمة، ودليل ذلك قوله تعالى (( وانتم الاعلون إنه كنتم مؤمنين)) ال عمران 139