زبير بن عبد العزيز

الكتابة قدرة ومهارة تنتج من كثرة القراءات والكتب مختلفة الفنون، حينما تكون الكتابة فن من الفنون المختلفة، وهنا اتكلم عن بعض النقاط المهمة من رسالة "الكتابة فن وثورة" للكاتب السوداني أحمد بابكر حمدان وهو معلم مختص في تنمية الهوايات.


بدأ الكاتب بمدخل إلى فن الكتابة بتشبيه جميل، فقال: "إن مجرد تفكيرك في الكتابة، يرجح أن تكون الجدارات اللازمة لها متوفرة لديك، وإن كنت بحاجة إلى جهد يحرك ما ركد من مياهك، ويحفزها على الجريان.. الخ


في مقدمة الرسالة، تصالح الكاتب مع الكتابة، وقال "كنا نراها أي الكتابة ضربا من الترف الذهني، والتنظير.. وذلك في جملة أفكار وتصورات خاطئة أخرى من بينها أن الكتابة (موهبة) وملكة ليس بالإمكان اكتسابها، ومهارة تتطلب ثقافة واسعة ومعرفة دقيقة باللغة والبلاغة والنحو."

وإن الكتابة مهارة ربما تكون مكتسبة او غير مكتسبة وذلك إمكاني ولا ضروري... وهنا نخوض إلى قول الكاتب:

"إن الكتابة يا عزيزي، ليست بكل تلك الأوصاف والآصار.. إنها مجرد نشاط أقرب ما يكون إلى أنشطة التعلم. إن أهم خطوة قد تكون حاسمة في تصحيح ما سبق من تصورات خاطئة عن الكتابة، أن ننظر إليها ضمن صورة كلية لنشاطنا المعرفي؛ لنرى كم هي داعمة ومعززة للتعلم ومعبرة عن جودته.." أي من أنها من أنشطة التعلم المهمة للطلاب..

وقد أورد الكاتب بعض نقاط مهمة عن الكتابة: 

– إن الكتابة أداة مهمة لتلخيص من نحصله من معارف ومعلومات، لنضعها في صورة أكثر إجمالا وتركيزا وجمالا أيضا.

– إننا بحاجة إلى الكتابة في مختلف مراحل التعلم، ابتداء من مرحلة التلقي.. مرورا بالتعليم ونقل المعرفة.. وليس انتهاء باقتراح الافكار ووضع التصورات وتقديم الحلول.

والكتابة تقترب المتعلم حسب قدرته خاصة برغبته أي عندما يحسن التفكير والتدبر في علوم شتى يوجد في عقله فكرة جيدة عن ذلك الموضوع وهكذا يكون الطالب كاتبا.


- لماذا نكتب؟

هذا السؤال يسأل الطالب او الكسلان او عديم الرغبة في التعلم لماذا نكتب؟ أو ما الفائدة في الكتابة وما نستفيد من الكتابة؟

الجواب للسؤال لماذا تقرأ هو الجواب الوحيد لماذا تكتب؟ والقراءة في الكتابة والكتابة في القراءة وهما مرتبطتان. والملاحظات التي تقول إن القراءة تؤدي تدريجياً إلى الكتابة وأن التركيب النصي للقراءة ما هو إلا كتابة توضيحات بهذا الاتجاه. الدافع والتحفيز لكليهما ينبع من نفس المكان. تنبت الكتابة والقراءة في الطريقة الجمالية للتفكير ، والتي هي قديمة قدم الإنسان نفسه ، لمعرفة وفهم مدى تعقيد الحالة الإنسانية التي يكون الإنسان جزءًا منها.


الوقت موجود حول حالة الإنسان مثل قلعة غير مرئية. الأعصاب والموت هما أساس عدم مقاومة الزمن. من هم الأشخاص الذين لم يتأملوا قط في الوقت المحدد؟ حالة الإنسان معقدة وصعبة. تخبر الأعمال الباقية في ذلك الوقت القراء مرارًا وتكرارًا أن هذا هو جوهر الكتابة ، دائمًا وفي كل مكان.


ليس فقط الكتابة ، ولكن كل الفنون تحاول التعبير عن حقائق الحالة الإنسانية. تسعى الكتابة إلى نقل وإبراز التعقيد والابتذال للمفهوم ، أو لا.   ولا تتضاءل مصادر الكتابة حتى عندما يُعرف أنها أصعب من حصر المحيط بالمحار. مثل Nachiketas في أبواب الجحيم ، يصبح مرة أخرى خلاصة الأسئلة. عندما تنتقل الحقائق المعقدة للحالة البشرية من خلال الكتابة ، فإنها تصبح جزءًا من الحكمة البشرية. هكذا تصبح الكتابة أداة لمس الزمن والعالم من حولنا. إن إبداع الكتابة ليس سوى إمكانية أن تصبح الكتابة جزءًا من الحماس العالمي الخالد لإطلاق العنان للبشر بحرية وبدون خوف. بغض النظر عما يقرره أي شخص أو يفرز النص فيه، فإنه لا يتغير. الكتابة انتقائية، ومع ذلك فهي ليست للنخبة أو الأجانب. إن أعمال الكتاب الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم ممارسون من النخبة أو النادرون أو السيرك لا تتجاوز حتى عصرهم الأرضي.


اصحاب الاقلام هم رواد المساعي البشرية للتعبير عن الحياة من خلال وسيط. في الكتابة، يتم البحث عن واقع الحياة. الباقي مجرد تفاصيل.


وبعد هذا أورد الكاتب بعض العناوين المتعلقة بموضوعنا وأورد تحته بعض أقوال الطلبة والمعلمين عن الكتابة في هواتهم... والأن أنا أيضا أوردُ بتلك العناوين وبعض مما أورد الكاتب إن شاء الله..


* الكتابة.. رسم وترجمة:

ههنا قول الطالبة الجامعية منى يحيى لزم: «أكتب لأعبر عما بداخلي تجاه شيء ما أو شخص ما، أكتب لأرسم لوحة وابتسامات علي وجوه عاشقي القراءة، لا أعرف لماذا أكتب على وجه التحديد، لكني ساظل أكتب حتي تمتلئ أوراقي، وينفد الحبر من أقلامي».

وكذا قال محمد عبدالله المك فيقول: «الكتابة أداء منظم نعبر به عن أفكارنا ومشاعرنا ووجهات نظرنا»

ونفهم من كلام هذين الطالبين أن الكتابة رسم وترجمة لما في داخل الكاتب، أي يظهر الكاتب طول الكتابة وجهات نظره تفسيرا بالكتابة.


* ملعب واسع وأخضر:

أي مجال الكتابة وهو ملعب واسع وأخضر من ملعب كرة القدم وغير ذلك من الألعاب المنتزهة، بحفيف كيباده أو صرير الأقلام وقال احد من هواة الكتابة «في عالم كرة القدم تنزعج الجماهير من دخول الخصم لنصف الملعب الخاص بها، فضلًا عن توتر المدرب وارتباك اللاعبين، وفي عالم الكتابة يحزننا دخول الجماهير إلى ملعبنا أيضًا»، وقد وصف الشافعي: "وصرير أقلامي على أوراقها أحلى من الدوكاء والعشاق".


* ارتباط بمهنة الموت:

قال الكاتب قدَر المدونين أن تكون "هوايتهم" ذات ارتباط وثيق بملعب آخر ساخن وساحة وغى ومهنة متاعب وموت زؤام، وليس من السهل فك الارتباط وفصل الصلة وقطع العلاقة معها، رغم أن المدونين ليسوا صحفيين دائمًا كما يتصور كثيرون وإن جمعتهم الوسيلة والأساليب والقنوات أحيانًا كثيرة.

أي أن يكون هوايات الكاتبين مرتبطة بملعبهم لأن هناك كثير من القنوات والمنصات لكن عليهم ان ترتبط هواياتهم بملعبهم حسب ساحتهم.


* اختبار الوفرة والإتاحة:

وإذا كانت المعرفة قد شرعت في العودة مرحلة إلى الشيوع والتشاركية والمجانية، ومغادرة نقطة الندرة والاحتكار بفضل ما وفرته تقنيات الطباعة والتصوير والاتصال وغيرها من أدوات العولمة- فإنها قد صنعت تحديات جديدة للمجتمعات والأفراد لا سيما النخب، يتمثل في القدرة على التلقي والاختيار والفرز. إن الوفرة والإتاحة اختبار لا يقل صعوبة عن اختبار الندرة والسيطرة. والتدوين هو وسيلة لحماية الكتابة.


* بين الكاتب والفكرة:

يكون الكاتب صاحب الخبرة والمهارة في اللغة، رغم مهارته في اللغة هناك علاقة بين الكاتب والفكرة، ولا خير في حسن تركيب اللغة بأحسن صورة فقط بل حسن اللغة مع جادة الفكرة، لأن الكتابة لا تكمل إلا بفكرة جيدة وحسن تركيب اللغة...


* لا تحتمي بصفة "كاتب":

الكاتب هو صفة لمن يكتب بالأفكار الجادة الممتازة،  يناديك القراءون بتلك الصفة عندما يقرءون كتابتك المشتملة بجميع المضامين والأفكار، لكن لا تحتمي بتلك الصفة.


* مهنة ذات بريق:

يتبع تعظيم المكتوب تعظيم الكاتب نفسه، لتتكون صورة زاهية ومضخمة للمهن المرتبطة بالكتابة، وقد لا يهتم بعض الكتّاب بالخلفيات المذكورة، مما يدفعهم للغرور أو النظر إلى أنفسهم بمرآة مكبرة.


* ليست نشاطا خارقا:

الكتابة أداة للتعبير والتواصل ليس أكثر، والكاتب كالمتكلم يعمل على نقل فكرة إلى طرف آخر مشارك له في الفضاء الاتصالي، سواء كان قريبًا أو بعيدًا، وليست نشاطا خارقا..


في أنشطة تعزيز الهوايات، يبحث المدربون عن أكثر الهوايات المشتركة بين الطلاب، للشروع في تنميتها وتطويرها. ويرى مختصون أن أنشطة الاتصال هي أكثر ما يشترك فيه الناس، ولا يمكنهم الاستغناء عنه. إن الكتابة من أهم أدوات الاتصال في عصر تزداد فيه الحاجة إلى تواصل كتابي واسع النطاق، ويرى المهتمون أن الأميين سيعانون من صعوبة استخدام أدوات العصر، و"العاجزين عن الكتابة" أيضًا.


في البرامج ذات الصلة، نستخدم نموذجًا تدريبيًا يصنف هوايات الطلاب إلى أربعة أقسام، وبحسب النموذج فإن أنشطة الكتابة والرسم تقع ضمن الأنشطة المهنية والإنتاجية بوصفها «عملًا وإنتاجًا ذهنيًا» إلى جانب الأعمال المهنية الأخرى والإنتاجات المادية. ويرى بعض المدربين أن نموذج ASC يسهم بشكل فعال في تعزيز الأنشطة المفضلة للطلاب باعتماده على تصحيح فكرة «الهواية» نفسها في أذهانهم، واهتمامه بالأنشطة الاتصالية كمشترك بين الأشخاص.


* اتجاه تركيز الكاتب:

عندما تكون الكتابة مجال واسع على الكاتب أن يتركز مجاله في الكتابة، بحكم عمله في فضاء اتصالي واسع، تترتب عنه تفاعلات اجتماعية كثيفة ومستمرة، قد يفقد الكاتب السيطرة على زورقه، ويضطرب بين الاهتمام بالقراء، والمتلقين، والحرص على إنتاج وكتابة ما يعجبهم ويرضيهم، أو الاهتمام بتنميق مفرداته وامتطاء جديد المصطلحات وغريبها لمغازلة أصحاب الفضائيات والمنابر.


* تدوين جداري:

في مجتمعات تتسع فيها رقعة الاستبداد بمختلف صوره ودرجاته، تصبح الكتابة على الجدران أو الرسم عليها وسيلة اتصال ذكية توظف المتاح من الأدوات بأقل كلفة وجهد، وإن كانت في شكلها العام مظهر تخلف وتأخر اجتماعي. وتتعدد أساليب التعبير عن الأفكار والمواقف (جداريًا) بحسب الشخص والدوافع ودرجة انسداد الفضاء الاتصالي في المجتمع.


* الجدران وأدوات أخرى:

في المدارس والجامعات يستخدم الطلاب والعمال عدة أساليب وأدوات للتعبير عن رفضهم لقرار ما، أو امتعاضهم من سياسات إدارية معينة، أو لتقديم رؤى حول موضوع يهم المؤسسة. ويعبر الطلاب خصوصًا عن مواقفهم بالكتابة على لوحة الفصل الدراسي وجدرانه وأثاثاته، إضافة إلى التعبير عن نفس الأغراض السابقة على الكتاب المدرسي أحيانًا.


* الإنسان مدين للكتابة:

إن مجموعة مديني الكتابة تغطي مساحة أكبر، وليست مقتصرة على المدونين وهواة الكتابة فقط. ولعل البوست الجدراني- إن صحت التسمية- مدين للكتّاب والنشطاء بفضل كبير قد يناهز ما تقدمه الوسائط الاجتماعية وأدوات التواصل.

وتزداد حاجة الإنسان لوسائط جديدة للتعبير والكتابة بتزايد مستوى الاستبداد والكبت بمختلف ضروبه وأنواعه. 


* تشفير الرسائل الجدارية:

كانت الكتابة الجدرانية وسيلة تعبير وتواصل بين الكاتب والمتلقي، وإن كانت بلا توقيع أو تاريخ نشر كما هو الحال في تغريداتنا على الجدر الإلكترونية. في التواصل العاطفي عبر جدران الحي، يطلع المتلقون على جملة الرسائل المكتوبة، ويتعرف كل منهم على ما يخصه من رسائل اعتمادًا على نوع الخط وحجمه وموضعه في الجدار.


* الاستبداد خصيم التطور:

ما زالت الجدارن تلعب نفس الدور، وتسهم بقدر كبير في فك أسوار القهر وتكميم الأفواه، وتنوب عن كل المتاح من الوسائط قديمها وجديدها من إذاعات وقنوات تلفزيونية وفضائيات وإنترنت وهواتف.


بالرغم مما توفره الأدوات الاتصالية المتاحة من فرص التواصل وتبادل المعرفة والتجارب، إلا أن واقعنا يحكي ضد ذلك، حيث يرى المستبد السياسي أو الاجتماعي أن ما يهدده اليوم لم يعد الإنسان أو الشعب، وإنما هاتف نقال ولوحة مفاتيح وخدمة اتصال جيدة.

وبعد ذلك أورد الكاتب بعض العناوين المعينة التي تدور على الكتابة وهي ملجأ من واقع سيئ،

كتابة ما بعد الاستبداد، جهاد حضاري متصل، المعرفة في قلب المعركة، الكتابة ثورة. وهذه المجالات أظن أنها يسيرة ومفهومة ببياناتها..

 

على كل حال، بعد قراءة هذه الرسالة يمكننا أن نفهم عن الكتابة في جميع مجالاتها، ونفهم جواب سؤال لماذا نكتب؟ أو ما الفائدة من الكتابة؟ وغير ذلك من الأسئلة الشائعة..


وأختتم هذه المقالة الصغيرة بما اختتم به الكاتب كتابته، الكتابة الجيدة بفكرة جيدة

"الكاتب يختار الفكرة عادة، وتختار الفكرة قالب عرضها، وإن كان من عيب ففينا حين نقدس القوالب على حساب المضامين، ونرفض الإتاحة، ونشتاق إلى عصور "الاحتكار وتقديم القرابين" لصحيفتنا المفضلة حين تحصل على موافقة (كاتب كبير)".


القلم مرآة القلب وترجمان العقل، الكتابة: ماء يجري على نهر القلم ويتدفق على لسان الكاتب قادماً من سحب اللغة ومزنها الدفاقة.

-------------------------

زبير بن عبد العزيز

طالب في قسم اللغة العربية وادابها، جامعة دار الهدى الاسلامية، كيرالا، الهند