التنمــر وأمـــير الشــعراء
بقلـــم الأديب المصــــرى
د. طــارق رضــــوان جمعـــه
ولد الرفق يوم مولد عيسى ** والمروءات والهدى والحياء
ازدهى الكون بالوليد وضاءت ** بسناه من الثرى الأرجاء
وسرت آية المسيح كما يسرى ** من الفجر في الوجود الضياء
تملأ الأرض والعوالم نوراً ** فالثرى مائج بها وضاء
لا وعيد، لا صولة، لا انتقام ** لا حسام، لا غزوة، لا دماء (احمد بك شوقى)
كتب الدكتور محمد حسين هيكل في مقدمة الطبعة الثانية للشوقيات "متسامح – تسع نفسه الإنسانية كلها، وتسع معها الوجود كله."وكتب الدكتور شوقي ضيف في كتابه "شوقي شاعر العصر الحديث":لم يتح لشاعر امتلأ بالعواطف الدينية الإسلامية ممن عاصروه أن يبلغ مبلغه أو يتفوق عليه، فكان يقف من المسيحية موقف المعتد بها، المؤمن بتعاليمها، ويشيد بالمسيح حتى في تركياته، وحين ينهزم الترك أمام الدولة البلقانية المسيحية، فإنه يستل المسيح من هذه الدول ويبرؤه هو وتعاليمه منهم."
وكتب الدكتور محمد مندور: "ظل شوقي يحرس بشعره المشاعر الوطنية، ويرعى وحدة الوطن القائمة على المحبة بين المسلمين والأقباط، وهي خطة انتهجها منذ حادثة اغتيال المرحوم بطرس باشا غالي، ونظم في الدعوة إلى إطفاء الفتنة، وتوثيق المحبة والإخاء بين أبناء الوطن مسلمين وأقباط."لقد تهيأت وتضافرت ظروف إجتماعية وثقافية عديدة ليكون شوقي إنساناً كبيراً قبل كونه شاعراً عظيماً، ولكن المعول الرئيسي يقع على طبيعته الشخصية وتكوينه العقلي والنفسي التي قدمت لنا الإنسان المتحاب المتسامح. لقد سافر آخرون إلى أوروبا وظلوا على تعصبهم وعدم موضوعيتهم.
يشار إلى المتنمر أيضاً في المدارس وأماكن العمل بالقرين المزعج. يمكن أن يوجد التنمر بين الفئات الاجتماعية والطبقات الاجتماعية وحتى بين البلدان . . وتم إصدار قانون مكافحة التنمر عند الأطفال عام 2003 لمساعدة الأطفال الذين كانوا ضحايا هذا النوع من التنمر عن طريق بحث ونشر مهارات التأقلم. قد يكون المتنمرون هم أنفسهم ضحايا للتنمر. ويحتوي تقويم نيوجيت على العديد من الأمثلة الأخرى التي، وإن لم تكن متميزة، يمكن أن تعتبر مؤشرا على حالات التنمر.
وفي القرن التاسع عشر دارت المعارك في الصحراء الغربية بين قبائل أولاد علي الأحمر وقبائل أولاد علي الأبيض. وكلاهما كان يغير على الجانب الغربي لدلتا النيل، حتى أدبهم الخديوي إسماعيل وأخضعهم للنظام مع إحترام قانونهم العرفي ومحاكمهم القبلية.
وفي محافظات عديدة في مصر قامت عداوات بين عائلات كبيرة. وبعد تزايد الهجرة الداخلية إلى مدينة الإسكندرية منذ منتصف القرن التاسع عشر دار صراع بين الصعايدة والبحاروة وبالذات بين أبناء سوهاج وأبناء المنوفية. وشهدت منطقة باكوس منذ سبعين سنة معارك بينها. بل أن أبناء الإسكندرية ذاتها دارت معارك بين أحيائها بقيادة فتوات كبار وشهد حي رأس التين معارك بينه وبين منطقة السيالة المجاورة لها. ودار بينها صراع تافه يقوده فتوة السيالة حميدو الفارس.
وقد قال بيرم التونسى الزجال الذي يجله أمير الشعراء شوقي بك: أنا اللى جيت م السياله ** فيها العيال والرجاله جدعان ولكن بهباله * يا ننتصر يا أكلاناها يقصد (أكلنا العلقة) فأولاد السيالة يخرجون في مظاهرة تجاه منطقة رأس التين المجاورة لهم هاتفين: (وقفة زفت وقفة طين على دماغ رأس التين).
فيخرج إليهم أولاد رأس التين هاتفين: أحيه عليكي يا سياله ** ياللى ما فيكي رجاله ويلتحم الجمعان في معركة منطقها (يا ننتصر يا أكلناها) وغيرها من الوقائع كثير.
هذه الأمثلة توضح أن القلق والتوتر فى الوطن يأتي من جهات عديدة. ولذا نحن في حاجة إلى الوحدة الوطنية إدراكاً للمصلحة العليا للناس والوطن.
وتصادف أن التقى عيد رأس السنة الهجرية مع عيد الميلاد المجيد فكتب شوقي: عيد المسيح وعيد أحمد أقبلا ** يتباريان وضاءة وجمالاً
ميلاد إحسان وهجرة سؤدد ** قد غيرا وجه البسيطة حالاً
ولكن ما هى آثار التنمر؟
1- قد يلجأ الشخص إلى النوم الزائد عن ، أو يعاني قلة النوم.
2- قد يعاني الشخص من حالة نفسية متغيِرة.
3- قد يعاني الشخص من العصبية الشديدة، ونوبات الغضب.
4- قد يعاني الشخص من فقدان الشهية، أو زيادتها.
5- قد يعاني الشخص من ظهور علامات القلق، والإضطراب، والخوف على ملامح وجهه.
6- قد يعاني الشخص من الآثار السلوكية، والنفسية، والعاطفية
7- قد يلجأ الضحية إلى العنف ، ومن الممكن أن تتحول طبيعته الودودة، والطيبة، لتكون مائلة إلى العدوانية، وبالتالي يصبح هذا الشخص من الأفراد الذين يمارسون التنمر ويطبقونه أيضا .
8- قد يميل الضحية إلى الإكتئاب، والإحساس بالوحدة، والإنعزال عن المجتمع، والإنسحاب من النشاطات المدرسية جميعها؛ بسبب تأثير التنمر عليه.
9- قد ينعدم إهتمام الشخص بمظهره الخارجي، وبدراسته، وبواجباته المنزلية التي عليه تأديتها
10- قد يفكِر الشخص في الإنتحار؛ هناك علاقة وطيدة بين التنمر، والإنتحار؛ لأن التنمر يسبب حدوث عدد كبير من حالات الإنتحار؛ وذلك لأن الأشخاص الذين يقدِمون على الإنتحار، يعانون من المضايقات، والتعرض للتنمر.
فهموا السر حين ذاقوا وسهل ** أن ينال الحقائق الفهماء
فإذا الهيكل المقدس دير ** وإذا الدير رونق وبهاء
وإذا ثيبة لعيسى، ومنفيس ** ونيل الثراء والبطحاء
إنما الأرض والفضاء لربي ** وملوك الحقيقة الأنبياء
لهم الحب خالصاً من رعايا ** هم، وكل الهوى لهم والولاء
إنما ينكر الديانات قوم ** هم بما ينكرونه أشقياء (احمد شوقى)
كيفية معالجة التنمر
1- تعزيز ثقة الطفل بنفسه .
2- تربية الطفل بشكل صحيح بعيداً عن العنف .
4- مراقبة سلوكيات الأطفال منذ الصغر .
5- الحرص على بناء علاقة صداقة بين الأبناء والوالدين منذ الصغر ، وتوفير جو عائلي دافئ .
6- محاولة إيجاد حلول للقضاء على التنمر وعقاب كل من يسلك سلوك التنمر .
7- إخضاع كل من الضحية والمتنمر لعلاج نفسي والمساعدة في تقوية الثقة بالنفس لديهما .
الناس الذين يحبون أنفسهم ، لا يؤذون الآخرين. كلما كرهنا أنفسنا ، كلما أردنا أن يعاني الآخرون. ” دان بيرس . إنهم لا يضايقونك بسببك ، بل يمارسون التنمر عليك بسبب طبيعتهم. إذا كان الناس يحاولون إسقاطك ، فهذا يعني أنك تتفوق عليهم. التنمر يبني شخصية مثل النفايات النووية يخلق الأبطال الخارقين. إنها نادرة الحدوث وغالبا ما تحدث أضرارا أكثر بكثير من الأوقاف “. زاك دبليو فان.قد يتم الاعتداء على كرامة المرء ، وتخريبه وضربه بقسوة ، ولكن لا يمكن أخذه أبداً إلا إذا إستسلم. ” مايكل ج. فوكس
وفي عام 1910، اغتال الصيدلي إبراهيم الورداني، رئيس وزراء مصر بطرس غالى باشا احتجاجاً على تفاوضه مع الإنجليز لمد امتياز إدارة قناة السويس. وكان الوطنيون في مصر يحنقون على بطرس غالي لأنه رئيس محكمة دنشواي عام 1906 التي حكمت على بعض الفلاحين بالإعدام شنقاً في ميدان عام والجلد والسجن لآخرين. كما كرهت الناس المدعي العام في هذه القضية، المحامي الشهير إبراهيم الهلباوي، وكذلك عضو هيئة المحكمة فتحي زغلول شقيق زعيم الأمة فيما بعد.
وقد كان بطرس غالي أديبا وحكيماً وقائداً عظيماً في أمته، فكتب أحمد شوقي يرثيه معبراً ومقدراً للقيم الجميلة النبيلة التي مثلها بطرس باشا. قال:
قبر الوزير تحية وسلاماً ** الحلم والمعروف فيك أقاما
ومحاسن الأخلاق فيك تغيبت ** عاماً وسوف تغيب أعواما
قد كنت صومعة فصرت كنيسة ** في ظلها صلى المطيف وصاما
والقوم حولك يابن غالى خشع ** يقضون حقاً واجباً وذماماً
يبكون موئلهم وكهف رجائهم ** والأريحي المفضل المقداما
متسابقين إلى ثراك كأنهم ** ناديك في عز الحياة زحاما
ماذا لقيت من الرياسات العلا ** وأخذت من نعم الحياة جساما
والرأي للتاريخ فيك، ففي غد ** يزن الرجال وينطق الأحكاما
قد عشت تحدث للنصارى ألفة ** وتجدّ بين المسلمين وئاما
أعهدتنا والقبط إلا أمة ** للأرض واحدة تروم مراما
نعلي تعاليم المسيح لأجلهم ** ويوقرون لأجلنا الإسلاما
الدين للديان جل جلاله ** لو شاء ربك وحَّد الأقواما
هذي ربوعكم وتلك ربوعنا ** متقابلين نعالج الأياما
هذي قبوركم وتلك قبورنا ** متجاورين جماجماً وعظاماً
ويرى أن المسيحيين أحسنوا فتحلى بهم المسيح وأن المسلمين أحسنوا فتجمل بهم النبي، ويرى أننا كلنا نعبد الله سواء بالصليب أو بالهلال كرمزين للدينين الكبيرين.
ويطالب شوقي الشباب – كل شباب الديار – بالسعي والاجتهاد لحماية الوطن، بعد أن نبههم تنبيهاً غالياً أن الوطن يضيع بالإهمال والكسل والتغاضي. وتضاع البلاد بالنوم عنها ** وتضاع الأمور بالإهمال.
يرثى شوقي الكاتب الصحفي جورج زيدان منشئ مجلة الهلال:
لا تجعلوا الدين باب الشر بينكم ** ولا محل مباهاة وإذلالِ
ما الدين إلا تراث الناس قبلكم ** كل امرئ لأبيه تابع تالي
ليس الغلو أميناً في مشورته ** مناهج الرشد قد تخفى على الغالي
لا تطلبوا حقكم بغياً ولا صلفا ** ما أبعد الحق عن باغ ومختال
وبكل أريحية وعقلانية يعترف لمن لا يتفق معهم في الفكر والسياسة.
وكتب شوقي تحية لغاندي عندما مر على مصر عام 1931 وهو متجه لمؤتمر المائدة المستديرة بلندن، فقال:
نبي مثل كونفو شيو ** س أو من ذلك العهدِ
قريب القول والفعل ** من المنتظر المهدي
شبيه الرسل في الزود ** عن الحق وفي الزهد
دعى الهندوس والإسلا ** م للألفة والود
بسحر من قوى الروح ** حوى السيفين فى عمد و(السيفين) هما العقيدة الهندوسية وعقيدة الإسلام. فقد كان غاندي يصلي بآيات من البرهمية والإنجيل والقرآن، وطبعاً هذا الأسلوب من اختراعه، وقد قتله في عام 1947 أحد الهندوس لاعتقاده أن غاندي تحيز للإسلام. وهو حريص على وحدة الأمة الهندية بكل طوائفها.
وحين سقطت مدينة (أدرنه) الإسلامية في مقدونيا تحت أقدام البلغاريين المسيحيين عام 1912 وقد مثلوا بسكانها المسلمين، كتب شوقي حزيناً أسفاً، قال:
عيسى .. سبيلك رحمةُُ ومحبةُُ ** في العالمين وعصمة وسلام
ما كنت سفاك الدماء ولا أمرؤ ** هان الضعاف عليه والأيتام
يا حامل الآلام عن حامي الورى ** كثرت عليه باسمك الآلام
أنت الذي جعل العباد جميعهم ** رحماً، وباسمك تقطع الأرحام
البغي في دين الجميع دنية ** والسلم عهد والقتال ذمام
واليوم يهتف بالصليب عصائب ** هم للإله وروحه ظلام
خلطوا صليبك والخناجر والمدى * كلُُّ أداةٌ للأذى وحِمامٍ
وهكذا برأ شوقي المسيح ودينه من تصرفات المجرمين المعتدين، واستله كما تُستل الشعرة من العجين. وقال قولة حق وحب في الدين المسيحى رغم إجرام هؤلاء المسيحيين. ليت أميركا رأت مثل هذا في حادث اعتداء بعض المسلمين قصيري النظر عليها يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001. فهذه الجريمة لا تتعلق بفكر المسلمين، ولكن بفكر المظلومين المقهورين الذين يرون جبروت أميركا وعدم عدلها بين العرب والإسرائيليين.
وفقا للمعلم الكندي بيل بيلسي، فإن تنمر الإنترنت هو: الذي يستعين بالمعلومات وتقنيات الاتصالات مثل الرسائل الإلكترونية والهواتف المحمولة والرسائل النصية والفورية ومواقع الإنترنت الشخصية التشهيرية والمدونات والألعاب على الإنترنت ليدعموا تصرفا عدائيا يتسم بالتكرار التعمد من قبل فرد أو مجموعة، ويهدف لإيذاء الأخرين.
وأخيرا ولا يستخدم مصطلح التنمر أو الإيذاء عند تصادم أو تشاجر شخصين متماثلين في القوة الجسدية أو النفسية. فمصطلح التنمر يُحصر استخدامه عندما يكون ميزان القوى غير متكافئ بين الشخص الذي يتعرض للأذى والشخص أو الأشخاص المتعرضين له أو المعتدين عليه ، أو أن يكون المُعتدى عليه لا يستطيع الدفاع عن نفسه وعاجز لوضع حد لأذى المتحرشين أو المعتدين لأسباب أخرى ، كأن يكون غريباً مثلاً أو يؤخذ على حين غرة أو تُستخدم معه الحيلة للإيقاع به ووضعه في موضع حرج يجعله في موقع الضحية.