صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ
حيدر حسين سويري
عند بداية أزمة الرواتب، قلنا بصريح العبارة: أن هذه الازمة ستطيح بأحد الطرفين (البرلمان أو الحكومة)، وأن الإطاحة بأحد الطرفين سيتسبب بكارثة مهولة، من شانها نقل العراق الى مواقع متقدمة بين الدول او قيام حرب أهلية، لا يُعرف لها نهاية أو باي صورة ستكون (كفانا الله شرها).
ثم بدأت المشاجرة ورمي الكرة كُلاً في سلة الآخر، فالحكومة تقول: لا بُدَّ من إقرار قانون الاقتراض واللجوء إلى الورقة البيضاء، بالمقابل يصرح البرلمانيون بأن قانون الاقتراض سيزيد أعباء الدولة العراقية وسيرهنها ويكبلها من القيام بواجباتها وانه قانون غير منصف وأنه كارثة وأنه وأنهُ ......
نحن نعلم بأن البرلمان وليد الأحزاب وجاء عن طريق الانتخاب، وأن الحكومة وليدة البرلمان، بالتالي فان الحكومة هي وليدة تفاهمات الأحزاب والكتل السياسية، وأما الحكومة الأخيرة وهي وان جاءت بعد قيام تظاهرات عارمة امتدت الى جميع المحافظات تقريباً، ودامت لمدة عام كامل الا انها جاءت عن طريق الأحزاب وتفاهماتها وصوت عليها البرلمان، بمعنى أنها جاءت تحت غطاء دستوري شرعي، ولكن لا ننفي تخوف الأحزاب وبرلمانها من هذه الحكومة، خصوصاً وأنها كانت مدعومة من الرئيس الأمريكي السابق (ترامب)، المعروف بتخبطه وقراراته المعادية لحكومة (عبد المهدي) التي جاءت باتفاقية الصين، تلك الاتفاقية التي راهن على اسقاطها (ترامب) المعتوه، ولم يتم له ذلك فـ (عبد المهدي) لم يوقع بشخصه بل بكونه رئيساً لوزراء العراق، وكونه قدم استقالته وخرج من السلطة فهذا لا يعني الغاء اتفاقيته وقرارات حكومته.
عودة على بدأ، فاذا كان قانون الاقتراض غير مجدي وغير نافع، على حسب رؤية اللجنة المالية النيابية، فمن المؤكد ان هذه اللجنة لديها حلول أخرى لهذه الازمة، وعليها حينئذ المبادرة الى اقالة الحكومة الحالية، والمجيئ بحكومة أخرى وفق السياقات الدستورية وتنهي هذه الترهات، أو ان هذه اللجنة ليست لديها أي حلول! فلماذا هذه المماطلة والتسويف وتأخير إقرار قانون الاقتراض؟ الذي تسبب بعدم صرف الرواتب الى الآن؟! وهم يعلمون جيداً ان لا دخل للفرد العراقي سوى هذا الراتب؟ ولا تدور عجلة السوق العراقي الا حين استلام هذا الراتب؟ فالكل متضرر من تأخير دفع الرواتب سواءً الموظف او الكاسب.
نستنتج مما سبق: ان تأخير الرواتب هو امر متفق عليه بين الحكومة والبرلمان، خصوصاً بعد تصريح النائب حامد الموسوي الذي جاء فيه: الموظف العراقي يجيد الادخار ولم يتأثر بتأخير الرواتب بل ثبت انه يمارس حياته بصورة طبيعية دون ضغط للنفقات وهذا يدل على ان الدخل الشهري للموظف جيد ويستطيع التكيف لحين إطلاق الراتب في الفترة المقبلة!
بقي شيء...
لا اعرف كيف علم هذا النائب النابغة وكيف قاس وباي معيار كلامه السابق؟ اذا كان نوابنا هكذا فقليل ما حل بنا من المكروه ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.