فَشَتِ الجهالةُ واستفاضَ المنكرُ فالحق يَهمِسُ والضلالةُ تَجهرُ
والصدقُ يسري في الظلامِ مُلثّمًا ويسيرُ في الصبحُ الرّياءُ فيُسفِرُ(العقاد)
لولا المدينة المنورة لما كانت دمشق، ولا فتوحاتها ولا قادتها. ولولا المدينة المنورة لما كانت بغداد ولا علومها ولا ثقافاتها التي نورت العالم آنذاك، في الوقت الذي كان فيه الإمبراطور شارلمان أعظم ملوك أوروبا يتعلم كيف يكتب اسمه على القرطاس، وقد كانت طلبة العلم والمعرفة تأتي من أوروبا كافة إلى الأندلس؛ لتنهل من علوم جامعاتها. وإذا كانت الثقافة والعلوم والمعرفة جسمًا، فإن المدينة المنورة قلب هذا الجسم، قلبه النابض بالأصالة الممتدة إلى على مساحة خمسة عشر قرنًا، منذ أن نزلت أول آية من السماء إلى الأرض تقول: (اقرأ).
قال (توماس كارليل) في كتابه (الأبطال)، الكتاب الذى دفع العقاد لكتابة عبقرية محمد (صلوات ربى وسلامه عليه): (الرجل العظيم في نظري مخلوق من فۆاد الدنيا وأحشاء الكون فهو جزء من الحقائق الجوهرية للأشياء).وأضاف كارليل : (أي شئ أكبر دلالة على صدق من يدّعي لك أنه بنّاء ماهر من أن يبني بيديه داراً تقاوم العوادي أكثر من ألف ومائتي سنة، وهي تسع نحو مائتي مليون من الناس؟.كذلك لا شئ أكبر دلالة على صدق نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من أن يۆسس ديانة تجد فيها نحو مائتي مليون من الأنفس غذائها الروحاني، وتقاوم عوامل التحليل أكثر من اثني عشر قرناً).
وتُذَكِرنى حادثة الصحيفة الفرنسية والرسوم المسيئة للحبيب محمد صلى اللى عليه وسلم برد جامع مانع حينما سُئِلَ الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه عن رأيه في كتاب أحد المستهزئين بالإسلام الذي كثر عنه الحديث في التسعينات.
فرد قائلا : لم أقرأه ولن أقرأه.
فقالوا : كيف وقد كثر الكلام عنه؟!
فقرأ عليهم الإمام الشعراوي رحمة الله عليه قول الله تعالى في سورة النساء:
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (النساء : 140) كفار قريش كانوا يقولون قصائد تذم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ، ولم تصل لنا هذه القصائد لأن المسلمين لم يتناقلوها ولم يعيروها أي إهتمام فاندثرت. ونحن علينا أن نهمل كل ما يسيء للرسول والإسلام حتى لا نساعد في إنتشاره.إعملوا بوصية عمر رضي الله عنه:" أميتوا الباطل بالسكوت عنه ، ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون".
فى مقالى هذا سوف نجعل فلاسفة الغرب وأدبائه هم من يقوموا بالدفاع عن النبى الجليل محمد. بالحجة والعقل سيعرض أدباء الغرب على شعوبهم أدلة عبقرية الحبيب المصطفى وعظمته.
حبيبي يا رسول الله عُذراً
إذا نزفت حروفي في لحوني
وعذراً ياحبيب الله عُذراً
إذا أبكيتُ قافيتي ونوني
فأنت الرحمة الكبرى وحُبّي
دعاني أن أبثَّ هُنا شُجوني
عند كتابة مقالى هذا تذكرت أنى تحدثت فى مقال سابق بعنوان "اليهـــودية والإندفاعات العربية" ، حيث أظهرت أن الإعلام اليهودى يُرصد له مليارات وهو إعلام ممنهج ومدروس بعناية يهدف إلى الفوز بكل ما يمكن الفوز به من غنائم فلم تعد الشعوب والدول الكبيرة تعتمد على سياسة الحروب المباشرة ولكنها حرب الإشاعات والحرب الناعمه أو الحرب ا لباردة .والبقاء هنا للأقوى ثقافياً والأثبت حضارياً. يُعد الإعلام اليوم علماً له قواعده وأصوله ، والممارسة العملية لم تعد كافية للتقدم في المسيرة الإعلامية من صحافة مكتوبة ومرئية ومسموعة وسينما وإعلان ودعاية …أن معظم دول العالم قد إنشاءات معاهداً ومراكز جامعية للتخصص في دراسة علوم الإعلام وفنونه .
وإذا درسنا تاريخ الإعلام وتطور وسائله وأساليبه سنفهم لما وصف هذا العصر بعصر المعلومات والمعلوماتية ويمكننا القول أن الأقوياء هم الذين يمتلكون الإعلام ويسيطرون على قنوات الاتصال التي ينتقل الإعلام من خلالها إلى الجماهير الواسعة وتتأثر به ويؤثر بها.ومن أهم العلوم الإعلامية فن التأثير على الرأي العام الذي يقوم على دراسة التأثير المباشر والغير مباشر للدعاية السياسية أو الإعلانية أو الإعلامية على الفرد وكيف يتفاعل معها ويتأثر ويؤثر عليها .فالإعلام بجميع فنونه ووسائله الاتصالية فعالية يتأثر بها الجماهير فيعبئ الرأي العام ، وخصوصاً الدعاية السياسية ، أن يقرب البعيد ويبعد الدولة الصديقة ويحدث إنقلاب في قارة أخرى.
ولم تكن أقوال هؤلاء المستشرقين مجرد تعبير عن آرائهم فى الإسلام ورسوله، بل جاءت بعد دراسة متأنية للتاريخ الإسلامى،حتى أن بعضهم قال إنه يتسم بأهم صفتين، وهما العدالة والرحمة.المفكر والشاعر الفرنسى «لامارتين» كتب عن رسولنا الكريم فى مقدمة كتابه الضخم «تاريخ تركيا - الجزء الثانى»، الصادر عام 1854، يقول: «إذا كانت الضوابط التى نقيس بها عبقرية الإنسان هى سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذى يجرؤ أن يقارن أيًا من عظماء التاريخ الحديث بالنبى محمد فى عبقريته، فهؤلاء المشاهير صنعوا الأسلحة، وسنوا القوانين، وأقاموا الإمبراطوريات، فلم يجنوا إلا أمجادًا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانيهم».
ويتابع «لامارتين» كان طموح النبى موجهًا تمامًا إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك، حتى صلاة النبى الدائمة ومناجاته لربه ووفاته وإنتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع، بل يدل على اليقين الصادق الذى أعطى النبى الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث».
وقال «لامارتين» أيضًا: «ما من إنسان البتة رسم لنفسه إدراك هدف أسمى مما نوى محمد أن يبلغ، إذ كان هدفًا يفوق طاقة البشر، يتمثل فى نسف المعتقدات الزائفة التى تقف بين المخلوق والخالق، وإرجاع الله للإنسان، وإرجاع الإنسان لله، وبعث الفكرة الألوهية المجردة المقدسة فى خضم فوضى الآلهة المادية المشوهة، آلهة الوثنية، وما من إنسان البتة، فى نهاية المطاف استطاع أن ينجز فى وقت أوجز ثورة على الأرض أعظم أو أبقى مما أنجز هو».
أما العالم الأمريكى مايكل هارت فى كتابه «الخالدون مائة»، فكتب يقول: «إن اختيارى محمدًا ليكون الأول فى أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، لكنه الرجل الوحيد فى التاريخ كله الذى نجح أعلى نجاح على المستويين الدينى والدنيوى، فهناك رسل وأنبياء وحكماء بدأوا رسالات عظيمة، لكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح فى المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى فى اليهودية، لكنّ محمدًا هو الوحيد الذى أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها فى حياته، ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه فى هذا المجال الدنيوى أيضًا، وحّد القبائل فى شعـب، والشعوب فى أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها فى موضع الانطلاق إلى العالم أيضًا فى حياته
كل القلوب إلى الحبيب تميل ومعي بذلك شاهد ودليل
أما الدليل إذا ذكرت محمدا صارت دموع العاشقين تسيل
هذا رسول الله نبراس الهدى هذا لكل العالمين رسول
يا سيد الكونين يا علم الهدى هذا المتيم في حماك نزيل”ابن الخياط”
أما المستشرق الإنجليزى الشهير جورج برنارد شو، فهو من أشهر الغربيين الذين نصفوا الإسلام خلال القرون الماضية. وقال «شو» فى مؤلفه «محمد» الذى أحرقته السلطات البريطانية خوفًا من تأثيره: «إن المثل الأعلى للشخصية الدينية عنده هو محمد صلى الله عليه وسلم، فيتمثل فى النبى العربى تلك الحماسة الدينية، وذلك الجهاد فى سبيل التحرر من السلطة، وهو يرى أن خير ما فى حياة النبى أنه لم يدّع سلطة دينية سخرها فى مأرب دينى، ولم يحاول أن يسيطر على قول المؤمنين، ولا أن يحول بين المؤمن وربه، ولم يفرض على المسلمين أن يتخذوه وسيلة لله تعالى».
وقال برنارد شو إن رجال الدين فى القرون الوسطى، ونتيجة للجهل أو التعصب، قد رسموا لدين محمد صورة قاتمة، لقد كانوا يعتبرونه عدوًا للمسيحية، لكنه اطلع على أمر هذا الرجل، فوجده أعجوبة خارقة، وتوصل إلى أنه لم يكن عدوًا للمسيحية، بل يجب أن يسمى منقذ البشرية. وفى رأيه أنه «لو تولى أمر العالم اليوم، لوفق فى حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التى يرنو البشر إليها».
كما قال برنارد شو: «لو تولى العالم الأوروبى رجل مثل محمد لشفاه من علله كافة، بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية.. إننى أعتقد أن الديانة المحمدية هى الديانة الوحيدة التى تجمع كل الشرائط اللازمة، وتكون موافقة لكل مرافق الحياة، لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولاً لدى أوروبا غدًا، وقد بدا يكون مقبولاً لديها اليوم، ما أحوج العالم اليوم إلى رجل كمحمد يحل مشاكل العالم».
بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت وَتَضَوَّعَت مِسكاً بِكَ الغَبراءُ
وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ حَــقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ
وَعَلَيهِ مِـن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ
أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَهَلَّلـَت وَاهتزَّتِ العَذراءُ
يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّـدٍ وَضّاءُ
الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ فــي المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ (أحمد شوقي)
وكانت هناك شخصيات عالمية أخرى رغم عدم إستغراقها فى دراسة الإسلام، فإنها لم تخف إعجابها بشخص محمد، فقال المهاتما غاندى: «أردت أن أعرف صفات الرجل الذى يملك بل منازع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعًا كل الإقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التى من خلالها إكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه فى وعوده، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة فى ربه وفى رسالته، هذه الصفات هى التى مهدت الطريق وتخطت المصاعب وليس السيف.. بعد انتهائى من قراءة الجزء الثانى من حياة الرسول وجدت نفسى آسفًا لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة
المستشرق البريطانى ويليام مونتجمرى وات الذى عمل أستاذًا للغة العربية والدراسات الإسلامية فى جامعة أدنبرة، فكان من أشهر كتبه «محمد فى مكة» الصادر عام 1953، و«محمد فى المدينة» الصادر فى عام 1956، و«محمد: النبى ورجل الدولة» عام 1961. وقال عن الرسول الكريم فى مقدمة كتابه الأول «محمد فى مكة» إنه يأمل فى أن هذه الدراسة عن حياة محمد يمكنها أن تساعد على إثارة الإهتمام من جديد برجل هو أعظم رجال بنى آدم.
وفى فصول هذا الكتاب، قال: «إن استعداد هذا الرجل لتحمل الإضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدًا وقائدًا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل هذا يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة فى شخصه، وافتراض أن محمدًا مدّع، يثير مشاكل أكثر ولا يحلها.. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثلما فعل بمحمد».
الفيلسوف الفرنسى الشهير روجيه جارودى، قال عن الإسلام فى كتابه «الإسلام وأزمة الغرب»: «إن الإسلام أنقذ العالم من الإنحطاط والفوضى، وإن القرآن الكريم أعاد لملايين البشر الوعى بالبعد الإسلامى ومنحهم روحًا جديدة».
وقارن جارودى بين أثر الحضارة الغربية، وما يمكن أن يقدمه الإسلام للبشرية. وقال وفقًا لما ورد بكتاب «الإسلام يصطفى من الغرب العظماء» للباحث مفيد الغندور، إنه بعد خمسة قرون من هيمنة الغرب همينة لا يشاركه فيها أحد، يمكن أن ننظر إلى الأرقام الآتية:
عام 1982 تظهر لنا ملامح وقسمات الحضارة الغربية، فمع حوالى 600 مليار دولار من الإنفاق على التسليح، وصنع ما يعادل أربعة أطنان من المتفجرات فوق رأس كل إنسان من سكان كوكب الأرض، مات حوالى 50 مليون نسمة فى العالم من الجوع وسوء التغذية، فى العام نفسه الذى أنفق الغرب ملياراته على أسلحة التدمير، ومن ثم فمن الصعب أن نطلق كلمة تقدم على هذه المرحلة التى قطعتها الحضارة الغربية فى تاريخ البشرية. ورأى جارودى أن الإسلام يمكن أن يقدم للعالم المعاصر ما ينفعه وما يفتقده، وهو معرفة غاية الإنسان ومعنى الحياة.
وفى كتابه «محمد النبى» قال أستاذ الفلسفة الهندى راما كريشنا راو: «لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، لكن كل ما فى استطاعتى أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة، فهناك محمد النبى، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامى العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضى، كل هذه الأدوار الرائعة فى كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلًا».
شهادة (الفيلسوف إدوار مونته الفرنسي):عُرِفَ محمد بخلوص النية والملاطفة وإنصافه في الحكم، ونزاهة التعبير عن الفكر والتحقق، وبالجملة كان محمد أزكى وأدين وأرحم عرب عصره، وأشدهم حفاظاً على الزمام فقد وجههم إلى حياة لم يحلموا بها من قبل، وأسس لهم دولة زمنية ودينية لا تزال إلى اليوم.
شهادة أرنولد:قبيل وفاة محمد نرى جميع أنحاء الجزيرة العربية تقريباً تدين له بالطاعة، وإذا ببلاد العرب التي لم تخضع إطلاقاً لأمير من قبل تظهر في وحدة سياسية وتخضع لإرادة حاكم مطلق. ومن تلك القبائل المتنوعة، صغيرها وكبيرها، ذات العناصر المختلفة التي قد تبلغ المائه والتي لم تنقطع عن التنازع والتناحر، خلقت رسالة محمد أمة واحدة، وقد جمعت فكرة الدين المشترك تحت زعامة واحدة شتى القبائل في نظام سياسي واحد، ذلك النظام الذي سرت مزاياه في سرعة تبعث على الدهشة والإعجاب. وأن فكرة واحدة كبرى هي التي حققت هذه النتيجة، تلك هي مبدأ الحياة القومية في جزيرة العرب الوثنية، وهكذا كان النظام القبلي لأول مرة، وإن لم يقض عليه نهائياً (إذ كان ذلك مستحيلا)، شيئاً ثانوياً بالنسبة للشعور بالوحدة الدينية.
وتكللت المهمة الضخمة بالنجاح، فعندما انتقل محمد إلى جوار ربه كانت السكينة ترفرف على أكبر مساحة من شبه الجزيرة العربية، بصورة لم تكن القبائل العربية تعرفها من قبل، مع شدة تعلقها بالتدمير وأخذ الثأر. وكان الدين الإسلامي هو الذي مهد السبيل إلى هذا الائتلاف.
المستشرق الإيطالي ميخائيل إيمارى في كتابه (تاريخ المسلمين) يقول:”وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات واشتداد المحن وهو القائل “لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته “. عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبد الله، إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر“.
يتحدث الباحث الأرجنتيني دون بايرون (1839 _ 1900) في مؤلفه: « أتح لنسفك فرصة » فيقول: ”اتفق المؤرخون على أن محمد بن عبد الله كان ممتازاً بين قومه بأخلاق حميدة، من صدق الحديث والأمانة والكرم وحسن الشمائل والتواضع حتى سماه أهل بلده الأمين، وكان من شدة ثقتهم به وبأمانته يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم، وكان لا يشرب الأشربة المسكرة، ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً، وكان يعيش مما يدره عليه عمله من خير “.
ألبرت آينشتاين(العالم الفيزيائي الشهير صاحب نظرية النسبية) يقول: أعتقد أن محمداً استطاع بعقلية واعية مدركة لما يقوم به اليهود أن يحقق هدفه في إبعادهم عن النَّيْل المباشر من الإسلام الذي مازال حتى الآن هو القوة التي خلقت ليحل بها السلام .
(ليف تولستوي «1828 ـ 1910» الأديب العالمي الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية):يكفي محمداً فخراً أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لإنسجامها مع العقل والحكمة.”أنا واحد من المبهورين بالنبي محمد الذي إختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه، وليكون هو أيضا آخر الأنبياء”.