كثيراً ما ينتهج أصحاب الفكر النسوي أسلوب الهجوم على العقائد والأعراف والمجتمعات والقيم باسم الدفاع عن كرامة المرأة وتكريمها..

 بينما يتخذون موقف الواثق ثقة مجردة من أي برهان على حقيقة تحقيق منهجهم لهذا التكريم..


فهل النسوية حقاً كرّمت المرأة؟


لنحاكم هذه الدعوى بناءً على عدة محاور تعتبر جوهراً في واقع الفكر النسوي:


  • المساواة كأصل من أصول الفكر النسوي.
  • معيار التكريم الذي تسعى له النسوية.
  • هل حقاً النسوية ترفض الوصاية على المرأة؟
  • موقف النسوية من امتيازات المرأة.


************************


🔸 المساواة تكريم؟


حين يصف الطبيب لعليلين نفس العلاج بغض النظر عن اختلاف احتياجهما وطبيعة أجسامهما وتفاوت استجابتهما

فالنتيجة قد تكون كارثة على أحدهما ..


المساواة مبدأ أعمى سطحي ، ينظر لتساوي المعطيات دون اعتبار لاختلاف المآلات وتفاوت الاحتياجات


بخلاف العدل الذي يعطي كل ذي حق حقه بناءً على احتياجه وقدرته وإمكانيته


فلا يمكن أن ينظر عاقل لمبدأ المساواة بين الجنسين كمنال نرجوه لتكريم المرأة واستيفاء حقوقها،

وإنما في طياته ومآلاته ضرر وظلم عظيم سيطال المرأة سواء وعته في البداية أو ذاقته في النهاية،


فهو ضرر لا يظهر في القشور بل في تتابع المآلات..


ولا ننسى أن الحقوق والواجبات مبدآن متلازمان،

ومتى طالبت المساواة في الحقوق فلا بد أن تقبلها في الواجبات،

وحين تتم المساواة بين الجنسين في الواجبات

 فالضحية الأكبر هنا هي المرأة 


************************

🔸 معيار التكريم !


لو سألت نسوية ما معيار تكريم المرأة لديك؟

ستعطيك قائمة طويله خلاصتها في عبارة واحدة:

( أن أكون مثل الرجل)


نعم هذا هو معيار التكريم عند النسوية، تقليد الرجل


فهذا مسموح للرجل فلا بد أن يُسمح لي،

وهذا ممنوع عنه فلا بأس أن يُمنع عني،

 هذا يفعله الرجل فلماذا لا أفعله؟

وذاك معفي عنه فلماذا لا يُعفى عني!


وهكذا تطمس النسوية هوية المرأة وتفردها لتصبح قيمتها الإنسانية مرتبطة بالرجل وتجعل من ذلك هو معيار التكريم والكمال بشكل مهينومثير للشفقة لا يصدر إلا من إحساس بنقص الأنوثة وهوانها


هذه النسوية التي تزعم القوة والاستقلالية وترى الرجل ند ومنافس 

تجد في جوهر فكرها هذا التناقض الفضيع والمهين والذي تمارسه كل متبنية للنسوية سواء شعرت أو لم تشعر



بل و وصل هذا الاستنساخ لدرجة مثيرة للاشمئزاز حتى كان من مطالب بعض رواد النسوية "أن دعونا نكشف صدورنا كما يفعل الرجال"! 


************************

🔸 الوصاية النسوية على المرأة


لا تسعى النسوية لحقوق المرأة واحترام اختيارها بقدر ما تسعى لأن ترسم لها الطريق الذي يتوافق مع الأيدلوجية النسوية فقط،


فهذا "النقاب" أبرز مثال،

فكل مُنقبة هي بالضرورة مُجبرة عليه مقموعة به في نظرهم ولو نفت ذلك بنفسها فلا اعتبار برأيها،

الرأي رأيهم فقط ولو اغتصبوا حقك في الاختيار والرغبة والتعبير، 


وهكذا مع كل جوانب حياة المرأة،

في لباسها في أفكارها في حياتها الزوجية في تعاملها مع أسرتها..

كل ذلك لا بد أن يكون على النهج النسوي رغماً عنك وإلا فأنتِ ذكورية دونية


والعجيب أن هذه الفئة هي أكثر فئة تردد رفضها للوصاية الدينية على المرأة

بينما تمارس هي وصايتها عليها!

والفرق؟

أن وصاية من خالقك كرامة لك

ووصاية من مخلوق مثلك وربما أدنى هو أعظم هوان !

************************

🔸 إسقاط الامتيازات


من أبرز ما ترتكبه النسوية من جناية ضد الأنثى هو اسقاط امتيازاتها، 

فلا تجد ميزة تفردت بها المرأة لجنسها بطابع إيجابي إلا ونرى النسوية تسعى لطمس ذاك التفرد بل وقلبه لطابع سلبي


فالأمومة على كل ما تحتويه من معانٍ روحية عظيمة  فريدة أُعطيت المرأة به أعظم شرف وتكريم

ليست في ميزان النسوية سوى دور مادي جاف، لا ترى له أي شرفية وميزة واعتبار معنوي،


وخصلة الحياء التي تعتبر له المرأة النموذج الأعلى ومضرب المثل الأسمى "كالعذراء في خدرها"

نسفته النسوية أيما نسف وداست عليه أيما دوس بل وجعلت مجرد التفكير فيه والتذكير به هوان بحد ذاته،


لأنها ترى كمالها في استنساخ هوية الرجل لا في مزية أنوثتها  ..


وهكذا جردت النسوية المرأة من كل مزية جاءت تشريفاً لها وفسرتها بما تمليها عليها النفسية النسوية المضطربة:

فالمهر صار تسليع ، والنفقة صارت استعباد ، 

والعِفة صارت تقييد 

وحجاب لحمايتها صار اضطهاد ...


************************

بعد هذا يتبين لنا جواب السؤال:

‏هل النسوية كرمت المرأة؟


بل ظلمتها بالمساواة وغبنتها في العدل،

‏وأهانتها بطمس هويتها واستنساخ هوية الرجل،

‏وقيدتها في قالب ضيق تتحكم هي في حدوده،

‏وأسقطت عنها كل ميزة شرفها الله بها،


‏ثم تأتي لتزايد على كرامة من اتخذت عدل الله ومعياره وحكمه منهجاً