البسملة بين الإسرار والجهر بها[7]

للعلماء مذهبان في الجهر بالبسملة بناء على الخلاف في قراءتها هما :

المذهب الأول : ذهب أصحابه إلى القول بأنه لا يجوز الجهر بالبسملة في الصلاة، وممـن ذهب إلى ذلك الحنفية والإمامان مالك وأحمد - يرحمهما االله - .

قال في أحكام القرآن للجصاص : "وأما الجهر بها فإن أصحابنا قالوا لا يجهر بها ". [أحكام القرآن - الجصاص – ج1/16] .

وقال في منح الجليل : "كان المازري يبسمل سراً فقيل له ذلك، فقال : مذهب مالك "[ شرح منح الجليل على مختصر العلامة خليل، أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد/عليش ، ج1/184].

وقال ابن قدامة رحمه الله تعالى "ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون".[المغني - عبد الله بن قدامه - ج ١ - الصفحة ٥٢١].

المذهب الثاني: يجهر بها في الصلاة الجهرية وهو قول الإمام الشافعي وأصحابه .

جاء في المجموع: "قال الشافعي والأصحاب يسن الجهر بها".[ المجموع - محيى الدين النووي - ج 3/٣٣٣].

ولكن هل هذا الخلاف السابق مبنى مع الخلاف في قرآنية البسملة أم لا؟

من العلماء من بنى ذلك الخلاف على خلافهم في قرآنية البسملة ومـنهم الرافعـي - يرحمه االله - من الشافعية حيث قال: "بعد أن عرفت ذلك  فعندنا يجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية في الفاتحة وفي السورة بعـدها خلافاً لمالك، حيث قال لا يقرأها أصلاً ولأبي حنيفة حيث قال: يسر بها وبه قال أحمد"[العزيز،شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي،ج1/495].

وأما ابن كثير - يرحمه االله - فقال : "فأما الجهر بها ففرع عن هذا، فمن رأى أنهـا ليست من الفاتحة فلا يجهر بها، وأما من قال بأنها من أوائل الـسور فـاختلفوا، فـذهب الشافعي - رحمه االله - إلى أنه يجهر بها مع الفاتحة ومع السورة، والحجة في ذلك أنهـا بعض الفا تحة فيجهر بها كسائر أبعاضها، وذهب آخرون إلى القول إنه لا يجهر بالبسملة في الصلاة وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد".[عمدة التفسير، أحمد شاكر - ج 1/66].

غير أننا نجد أن الإمام النووي - يرحمه االله - على خلاف ما سبق منع بنـاء هـذا الخلاف في الجهر بالبسملة أو عدم ذلك على الخلاف في قرآنيتها، حيـث إنـه رأى أن أساس هذا الخلاف هو ما ترجح عند القائلين بالجهر والقائلين بالإسرار من أخبار .

قال في المجموع : "(واعلم) ان مسألة الجهر ليست مبنية علي مسألة اثبات البسملة لان جماعة ممن يرى الاسرار بها لا يعتقدونه قرآنا بل يرونها من سنته كالتعوذ والتأمين وجماعة ممن يرى الاسرار بها يعتقدونها قرآنا وانما أسروا بها وجهر اولئك لما ترجح عند كل فريق من الاخبار والآثار ".[المجموع، النووي: ج3/342،343].