كثيراً ما تسعى لتحقيق أمنيات بطولية تحلم بها، ترضيك وترضي رغباتك، إنه شيء جميل .. لكن المعضلة كلها تكمن حين تقرر أن على الجميع القيام بما تسعى إليه، وانشغال الأمة البشرية به، وإلا كانوا جهلاء وأنت فقط العاقل والمدرك لِما تقوم به.
وكثيراً جداً ما تترك ما تحسنه لأشياء أُخرى لا تحسنها، لأنك أعتدت أن يكون لك رأي وكلمة وموفق إزاء كل شيء، ولأن الضغط الاجتماعي يجعلك تقوم بما لا تريد وترك ما تريده !
نوع آخر من الجور، أن تُشعر غيرك أنك المثقف العالم، لمجرد أنه لا يقوم بما تقوم به.. أو تضطره لتبجيلك ومدحك لتجعل من نفسك إنسان صنم. وبهذا تكون قد شوهت صورة الإنسان وكانت كارثة هذا الكوكب، ولو لا اختيار البعض الآخر لمسارات أخرى لما كُتبت لك الحياة.
إننا في حاجة لأن يقف كل منا أمام دوره ويتمهُ على أكمل وجه، وأن لا نكون سعداء فقط بهذا الدور، بل الإبداع والتطوير فيه، وأن نحترم أدوار الآخرين فلا نبخس حق أحد ولا نستهن بعمل أحد.
أثناء كتابتي هذه الكلمات.. أنطفأ نور الغرفة، ولم يكن موعد انقطاع الكهرباء في منطقتنا.. صرخت في البيت.. هممت بتمزيق ما كتبت من الغيظ..
دهشت وتوجهت نحو فيشة الكهرباء.. تحسست الحائط.. لم أجد الكشاف.. وكان مكانه المعتاد للشحن.. خُيّل إليّ أني أحلم.. (انقطاع الكهرباء في غير موعدها، اختفاء الكشاف من مكانه الذي أعتاد عليه منذ سنوات.!) أين ذهب الكشاف؟! أين ذهب الكشاف؟! فهو لم يبرح مكانه.. ولم تتغير وظيفته في الإنارة التي يقوم بها يومياً ..
وقفت بجانب الفيشة أستحلفها بحزن أن تخبرني أين ذهب الكشاف؟ ..
ردت عليا بأسى: أشَفق عليكِ عندما وجدتكِ ضجرة في البيت، تحشدي الجميع ليجيبوا عن سبب انقطاع الكهرباء في غير وقتها.. وكأنها معركة حياة أو موت على الجميع خوضها تحت رايتك.. ظن الصراخ موجهاً له.. برح مكانه و نزل أسفل الحائط ليعانق الأرض..
قلت لها: إذن سأحضر الكشاف الوفي من الأرض وأثبته مكانه كما كان.
ردت عليّ: للآسف لن تستطيعي.. فقد قمتي غاضبة عندما انطفأ النور.. ودهستيه تحت قدميكِ.. فسويتَيه بالأرض دون أن تدري !!!
ليس سلوكك هو المعيار الذي يجب أن تسير عليه الإنسانية، وأن اهتماماتك هي التي يجب أن ينشغل بها الجنس البشري قط !!
أين ذهب الكشاف؟!
هذه التدوينة كتبت باستخدام اكتب
منصة تدوين عربية تعتد مبدأ
البساطة
في التصميم و التدوين