أبعد نقطة للكاتبة إيمان حامد
أبعد نقطة في هذا الكون هي تلك البؤرة العميقة في القلب، تلك النقطة التي تتسلل عبر خيوط الخيال إلى أعماقنا، كأمنية مدفونة، تتناغم مع عقلٍ لا يرتضي إلا السمو. عقل شغوف يرفض القبول بالحدود، ويصبو إلى آفاق لا تحدها الزمان والمكان. كما قال أحد الفلاسفة: "من لا يستطيع أن يتحمل الألم، لا يحق له أن يكون سعيدًا." قلبٌ ينبض بالأماني والآمال، يتنقل بين صمتٍ لا يعبأ بضجيج الأمواج، ولا يتراجع أمام خطورة الغرق في بحر المستحيلات.
في لحظة ما، ستجد نفسك تنساب في تيار الحياة، تتحرك كما لو أنك بلا وجهة واضحة. ولكن عليك أن تعلم أن هذا الانسياب ليس تلاشيًا، بل هو تحقيق للحظة الرضا التي لا تأتي إلا بالصبر والاحتساب. إذا لم تبلغ ما كنت تطمح إليه، فلا تأسف. فقد أشار "ألبير كامو" إلى أن "الحياة لا تمنح معنى ثابتًا؛ بل نحن من نمنحها المعنى الذي يناسبنا." ربما تكون رحلتك في البحث عن ذاتك ليست إلا رحلة نحو الاكتشاف، حيث تتجلى الحقيقة في تقبلك لما كنت عليه وما أصبحت عليه، راضيًا بما أنت عليه وبكل ما مررت به. في تلك اللحظة، ستجد أن الأحلام البعيدة ليست سوى أصداء لخيالات كانت بعيدة المنال، وتكتشف أنها لم تكن أكثر من زخرف من الأمنيات التي كنت تسعى لتحقيقها.
وفي تلك اللحظة التي تتصالح فيها مع ذاتك، ستدرك أن كل حلم، مهما كان بعيدًا، لا يعدو كونه حقيقة محتملة أو سرابًا. كما يقول "أوسكار وايلد": "نعيش في عالم مليء بالخيالات، لكن الخيال لا يُعاد ولا يُختبر." وفي كل حالة، يجب أن تترك تلك الأمنيات وراءك وتستمر في مسيرتك، لأن الحياة لا تتوقف عن العطاء في كل لحظة، تمامًا كما يحدث في الطبيعة: "إن قطرات الماء التي تسقط على الأرض، تستمر في طريقها لتصبح جزءًا من محيطٍ لا يتوقف أبدًا."
كل لحظة عابرة، وكل تجربة، وكل ألم مررت به، هي جزئيات صغيرة تساهم في بناءك المستمر. كما قال "جان بول سارتر": "الإنسان هو ما يختار أن يكونه." لذا، عليك أن تكون مثل المياه التي لا تتوقف، كالأوراق التي تتساقط لتفسح المجال لغيرها، كالرمال التي تتحرك مع الرياح، كالرحيق الذي يعبر ليصل إلى الزهور فينمو ويُزهر. أي لا تبحث عن الاستقرار في جمودك، بل في استمرارك.
في النهاية، ستكتشف أن الحياة لا تراقصك إلا في سعيك المستمر نحو الهدف. وكل لحظة من الألم أو الفشل هي جزء من رحلة لم تكتمل بعد. وكل ما عليك هو السعي وعدم التوقف، حتى تترك أثرًا، ولو بسيطًا.
كاتبة ومحبة للقراءة والكتابة.